يعاني كثير من السوريين في لبنان ومناطق سيطرة النظام السوري من رفض طلباتهم المقدمة إلى السفارة التركية في بيروت للحصول على تأشيرة "فيزا" زيارة، رغم أنها تكون مرفقة بطلبات دعوة من الأراضي التركية، بدون تقديم أي أسباب للرفض، في ظل الحديث عن وجود رشاوى تتجاوز 3 آلاف إلى 4 آلاف دولار.
ويرافق رفض طلب "الفيزا" مشقة السفر من مناطق سيطرة النظام السوري إلى العاصمة اللبنانية بيروت، والتكاليف المترتبة على ذلك، والتي تصل إلى 350 أو 400 دولار.
ورصد موقع "تلفزيون سوريا" العديد من الحالات المرفوضة، والتكاليف التي يتكبدها المسافرون من سوريا إلى لبنان، إلى جانب كلفة التجوال في بيروت، ورسوم تأشيرة السفر والمكتب، ثم تكاليف العودة إلى سوريا مع تصريف 100 دولار أميركي على الحدود بسعر الصرف الرسمي الذي يحدده البنك المركزي التابع للنظام السوري.
تكاليف تصل إلى مليوني ليرة سورية
وقالت رفاه نذير (55 سنة)، إن السفر إلى تركيا اليوم أصبح صعباً للغاية، إذ إن جميع طلبات التأشيرة لمن أعرفهم قد رفضت خلال الشهرين الماضيين.
ويعيش ولدا رفاه نذير (عمر وعبد الرحمن) في إسطنبول منذ عام 2015، حيث ذهبا للدراسة ثم تخرّجا من الجامعة وبدَءا في العمل بمجال برمجة الحاسوب، ولم ترَهما منذ ذلك الوقت.
وأضافت في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، أن "كلفة السفر إلى تركيا ليست بالأمر السهل مع صعوبة الإقامة بفندق فيما لو ذهب، حيث كانا يعيشان في بيت شبابي؛ لكن منذ نحو عام استأجرا منزلاً فأصبح بإمكاني أن أزورهم وأقيم عندهم لفترة شهر ثم أعود إلى الشام".
وبدأت نذير بتجميع أوراقها منذ لحظة إرسال ولدها الأكبر الذي حصل على الجنسية التركية (عام 2019) دعوة زيارة لها، حيث جمعت الأوراق المطلوبة مع ترجمة محلفة للتركية وتصديق من الخارجية السورية.
وبينت أنه بعد حجز موعد في مكتب السفارة التركية ببيروت، سافرت في يوم الموعد إلى لبنان، مؤكدة أن "هذه الرحلة مرهقة ومكلفة للغاية كأنك تسافر بالطائرة وليس بالتكسي أو بالفان (الحافلة)".
ولفتت "نذير" إلى أن "كلفة الطريق من دمشق إلى بيروت تبدأ من 50 دولارا (نحو 250 ألف ليرة سورية)، وأجريت فحص كورونا "بي سي آر" (صدر قرار بإلغائه) بنحو 200 ألف ليرة".
وأكملت، أن بقاء شوفير التكسي بصحبتك في بيروت يزيد الكلفة 50 دولارا أخرى، وستدفع 153 دولاراً رسوم التأشيرة والمكتب، ثم 50 دولارا أخرى للعودة إلى سوريا، ومع الوصول إلى الأراضي السورية أنت ملزم بصرف 100 دولار إلى الليرة السورية وفق سعر المصرف المركزي أي 2800 ليرة رغم أن السعر الحقيقي هو 5000 ليرة وربما أكثر في السوق السوداء.
وبعد انتظار نحو 15 يوماً أرسلت السفارة التركية على هاتف رفاه نذير أن طلبها للحصول على تأشيرة السفر إلى تركيا رفض، من دون توضيح الأسباب لذلك، رغم كل التكاليف التي دفعتها لرؤية أبنائها.
مشقة تنتهي برفض التأشيرة
ولم يكن وضع مروان عبد الهادي (68 عاماً) أفضل من وضع "نذير" حيث رفض طلبه للحصول على تأشيرة، حيث كان ينوي حضور زفاف ابنه في العاصمة التركية أنقرة.
وقال عبد الهادي، لموقع "تلفزيون سوريا"، "رغم هذا العمر والتكاليف التي دفعتها للوصول إلى مكتب السفارة في بيروت، جاءني الخبر برفض الطلب، رغم أنني استوفيت جميع الشروط والأوراق".
وأضاف أنني زرت تركيا أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، وكان لدي إقامة، لكن قبل أزمة وباء كورونا عدت إلى سوريا، ولم أسافر بسبب الحظر وصعوبة التنقلات، ومع اقتراب عقد قران ابني جمال أرسل لي طلب دعوة ولكن رفض.
وأردف أنه لو قبلوا الطلب فلن أحزن على المبالغ التي دفعناها والمشقة التي كابدتها في هذا العمر، للتنقل من النبك حيث أعيش إلى دمشق، ومنها إلى السومرية، ثم إلى بيروت، وسلك الطريق نفسه للعودة.
وأكّد عبد الهادي أنه التقى على باب مكتب السفارة العديد من الذين رفضت طلباتهم سواء من الذين يعيشون في لبنان أو سوريا، بعضهم يعيد الطلب مرة أخرى، وآخرون يسألون عن أسباب رفضهم، لكن من دون أي جدوى.
تعثر "لم الشمل"
بدورها، لم تستطع أمل (23 عاماً) التي تعيش في منطقة البقاع بالقرب من الحدود السورية اللبنانية، أن يلتم شملها مع زوجها الذي يعيش في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا، بعد عقد قرانها عبر "سكايب".
وتقدمت أمل بطلب للحصول على تأشيرة السفر إلى تركيا في شهر أيلول الماضي، وبعد انتظار دام نحو شهر تقريباً، جاء طلبها بالرفض.
ولم تترك أمل أي طريقة للسفر إلى تركيا، إذ إن الرشاوى التي كانت تدفع في السابق لقبول تأشيرة تركيا والتي كانت تصل إلى 3 آلاف دولار لسماسرة في بيروت لم تعد تنفع حيث أغلقت جميع الأبواب أمام السوريين، وفق تعبير "أمل" لموقع "تلفزيون سوريا".
وقالت إن "السفر إلى تركيا بات من المعجزات اليوم، فلا زوجي الذي لم أره حتى الآن يستطيع السفر إلى لبنان، ولا أنا أستطيع السفر إلى تركيا، ونحن الآن بوضع شديد التعقيد".
ما أسباب رفض التأشيرة؟
لا توجد أسباب واضحة لرفض الطلب سوى نقص في الوثائق أو الأوراق المقدمة إلى السفارة، ولكن بالعودة إلى موقع مكتب السفارة التركية في بيروت فقد كتب أن "القانون الدولي يفرض السماح أو الرفض بدخول الأجنبي هو حق حكومي لذلك البلد، ولدى كل بلد لائحة سوداء تمنعها من دخول حدودها. حتى لو كان الأجنبي ليس موثقاً على اللائحة السوداء فمن الممكن أن يتم منعه من الدخول إذا اعتبرته البعثة الدبلوماسية خارجاً كعبء مادي على الدولة نفسها أو سبب لإقلاق الأمن العام".
وبخصوص إمكانية التقديم مجدداً في حال رفض طلب التأشيرة، يجيب الموقع "إذا قمتم بدعم طلبكم للحصول على تأشيرة دخول بالوثائق الداعمة (مستندات مادية أو أسباب أخرى للسفر)، فلديكم الحق بالتقدم مجدداً لطلب حصول على تأشيرة دخول، مع الأخذ بالحسبان أن تكاليف الخدمة والتكاليف المقبوضة من قبل البعثة الدبلوماسية غير قابلة للاسترداد حتى لو تم رفض طلبكم".