عام 2017، بدأ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مساعيه لبناء جدار "فصل" على الحدود مع المكسيك، وطلب تمويلا قدره 5.7 مليارات دولار لمواجهة ما وصفها بـ "أزمة إنسانية وأمنية" إثر تدفق المهاجرين غير الشرعيين من البلد المجاور، ورغم أن مشروع ترامب لم يكتمل إلا أن عددا من الدول الأوروبية رأت أن الجدران قد تكون حلا لوقف تقدم طالبي اللجوء نحو دول الاتحاد الأوروبي، حيث زاد خلال الفترة ما بين 2014-2023، طول الجدار الحدودي الذي يحيط بدول الاتحاد الأوروبي من 315 إلى 2163 كيلومتراً، وتقول صحيفة إيكونوميست إن طول السياج سيزداد لمسافة تمتد على 245 كيلومتراً خلال العام الجاري.
وتضيف الصحيفة أن "أوروبا بالكاد غرقت في موجة الهجرة، وذلك لأن عدد عمليات العبور غير القانونية يمثل 0.13% فقط من مجمل عمليات العبور من خارج الاتحاد الأوروبي إلى داخله، وذلك بحسب إحصائيات عام 2022، فأغلب المهاجرين يدخلون أوروبا عبر البحر المتوسط، وليس من دول البلقان أو الحدود البرية الشرقية". إذا لماذا تبني أوروبا الجدار وتسيّج حدودها بالأسلاك الشائكة؟.
وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة فإن 76 في المئة من اللاجئين تستضيفهم البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، و 70 في المئة منهم مستضافون في الدول المجاورة لبلدانهم الأصلية، و 52 في المئة من جميع اللاجئين وغيرهم من الأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية يأتون من ثلاثة بلدان فقط، هي سوريا وأفغانستان وأوكرانيا.
رمزية الجدران
تقول ويندي براون مؤلفة كتاب (الدول المسورة السيادة المتضائلة) منتقدة جدار ترامب، "الشيء المميز هو أن هذا الجدار ضد الهجرة - وإلى حد ما أيضا ضد تهريب المخدرات والأسلحة، في حين أن الجدران الأخرى الشهيرة أو سيئة السمعة، تاريخيا، كانت دائما تقريبا تهدف إلى منع الجيوش الغازية".
وتناقش في كتابها أن "الجدران اكتسبت أهمية جديدة بسبب وظيفتها الرمزية في عالم متزايد العولمة ومرتبك للرأسمالية. حيث تكون الهوية الفردية قلقة وسيادة الدولة مهددة، وتصبح الجدران أشياء مستثمرة بالرغبة الفردية والجماعية..".
الجدران قد تنقل أيضا مزاجا أو مشاعر معينة عبر تصميمها، وتعكس مجموعة من الرغبات والاحتياجات أو قلقا مشروعا، كما تتحدث الدول التي سيّجت حدودها عن "الخطر الأمني"، ولكن بات من الواضح أن شرق الجدران وغربها عالمان مختلفان.
في حين تعني زيادة الحروب والأعمال العسكرية زيادة في الفقر وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، وزيادة في عدد طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين، وهو ما تشهده سوريا ولبنان وغزة والعراق، حيث وصفت تقارير أممية اللجوء والنزوح السوري بأنه الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.
الاتفاقات مع دول إفريقية وذات دخل منخفض
وقعت بريطانيا والوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) اتفاقا، بشأن التعاون في مكافحة "الهجرة غير الشرعية"، وسط تشديد رئيس الحكومة على إغلاق قناة المانش أمام طالبي اللجوء المتسربين من الجانب الفرنسي.
وأفادت وزارة الداخلية البريطانية في بيان، بأن الاتفاق ينص على تبادل المعلومات الاستخبارية بين "فرونتكس" وقوة الحدود البريطانية للمساعدة في التصدي لما سمّتها "عصابات تهريب البشر"، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".
ويواصل رئيس الوزراء البريطاني (المحافظ) ريشي سوناك، تشدّده إزاء تدفق طالبي اللجوء، معتبراً وقف "الهجرة غير الشرعية" من الجانب الفرنسي عبر قناة بحر المانش "أولوية" لحكومته قبل الانتخابات العامة المقررة هذا العام.
ولفتت المملكة المتحدة إلى أن عدد المهاجرين الذين يصلون إلى سواحلها الجنوبية في قوارب متهالكة انخفض بمعدل الثلث العام الماضي، بعدما سجّل مستوى قياسيا بلغ 45 ألف مهاجر عام 2022.
وأشارت وكالة (رويترز) إلى أن هذه الاتفاقية أتت كإشارة إضافية إلى تحسن العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد انسحاب بريطانيا من الكتلة (البريكست).
كذلك وافق البرلمان الألباني على الاتفاقية المثيرة للجدل التي وقعت مع إيطاليا، والتي تسمح لإيطاليا بإنشاء مخيم للاجئين في ألبانيا لطالبي اللجوء الذين يأتون إلى بلادهم عبر قوارب المهاجرين.
وأشادت الحكومة الإيطالية برئاسة اليمينية المتطرفة جيورجيا ميلوني، بالاتفاق معتبرة أنه علامة على التضامن الأوروبي، كما أيدته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.وستكلف الصفقة إيطاليا أكثر من 600 مليون يورو.
وفي موريتانيا، ثار جدل واسع على خلفية اتفاق أبرمته نواكشوط مع الاتحاد الأوروبي وإسبانيا بشأن الهجرة غير النظامية، وسط مخاوف من أن يكون "صفقة توطين للمهاجرين في موريتانيا"، ما دفع بحكومة البلاد للنفي لتبديد تلك المخاوف.
وفي 8 من فبراير/ شباط الجاري أجرى وفد أوروبي يضم رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، زيارة إلى نواكشوط، وقعا في ختامها اتفاقات في مجال التصدي للهجرة غير النظامية مع الحكومة الموريتانية.
وفي ختام الزيارة أعلن المسؤولان الأوروبيان عن تقديم مساعدات بقيمة 522 مليون يورو لموريتانيا لتعزيز تنميتها الاقتصادية، والتصدي للهجرة غير النظامية.
في حين تدعو قبرص الاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر وتقييم الوضع في سوريا لتصنيف البلاد أو أجزاء منها كـ "مناطق آمنة" مثل دمشق وطرطوس، مما يسمح بإعادة آلاف اللاجئين السوريين إليها.
وقال الرئيس القبرصي، نيكوس خريستودوليدس، إن الإنفاق على الهجرة غير الشرعية لن يوقفها، وإن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى اتباع نهج شامل وإعادة التفكير في الحظر المفروض على عمليات الترحيل إلى سوريا.
وأعلنت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، دلال حرب، أنّ المفوضية وثّقت مغادرة نحو 3300 لاجئ سوري من لبنان إلى أوروبا على متن قوارب، خلال عام 2023.
فرونتكس وسياسات الاتحاد الأوروبي
يقول الأكاديمي والباحث السوري أحمد جاسم الحسين لموقع تلفزيون سوريا، إن "فرونتكس جزء من الجهات التابعة للاتحاد الأوروبي حيث يمولها ويختار عناصرها ويشرف على عملها، لذلك هي تنفذ سياساته وما يريده منها، ومهمة فرونتكس الرئيسية حماية حدود الدول المنضوية ضمن الاتحاد الأوربي، أو لنقل بكلمات أخرى إن فرونتكس قوة مركزية تساعد الدول الأوروبية على حماية حدودها في المجال البحري والبري والجوي، وفي الوقت نفسه مساعدة من يتم القبض عليه في البحر أو سوى ذلك".
ويضيف "وما دامت كذلك فمن الطبيعي ألا تسمح لأحد بالدخول إلى أراضي الاتحاد الأوربي إلا من خلال المنافذ النظامية والحاصلين على شنغن فقط، ولو قارناها بالقوات الوطنية في كل من اليونان وبلغاريا وفق ما يصلنا من طالبي لجوء لوجدنا أنها أفضل منهم بكثير وتمتاز بتعاملها الإنساني مقارنة بما يتعرض إليه الساعون للجوء من القوات البلغارية واليونانية من سرقات وضرب يصل حتى الموت".
وحول الاتفاقات التي يبرمها الاتحاد الأوروبي، يوضح أن الاتفاق الأهم فهو بين الاتحاد وتركيا التي تقبض التعويضات على كل من تمسك به، لذلك يهتم الأتـراك بتسجيل معلومات الأشخاص لتضيفهم إلى جداولها ثم تطلق سراحهم.
وعن توثيق انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها "فرونتكس" خلال عمليات صد طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين، يرى "الحسين"، أنه "علينا أن نفرق في موقف فرونتكس والاتحاد الأوروبي عامة من الساعين للجوء بين كل من السوريين وكل الجنسيات الأخرى، خاصة من تلك البلدان التي تعد آمنة كحالة تركيا..".
وأضاف أن "أحد أسباب نجاح اليمين المتطرف في الاشتغال على هذا الموضوع أنه بات مشكلة فقام بتلقفها ليس بصفتها حالة أخلاقية بل بصفتها حالة انتخابية و"ترند" يمكنه الاشتغال عليه، خاصة أنه يداعب توجهاته في الدعوة إلى أوروبا نقية من العرق الأسمر، لكن الظروف العالمية لم تعد تساعده ولا يمكن للتاريخ أن يرجع إلى الخلف!".
لم يتخذ الاتحاد الأوربي قراراً بعد بإرسال اللاجئين إلى دول أخرى، ويقول "الحسين"، إن ذلك لن يحدث بسهولة لأن آليات القرار بطيئة وهناك محاكم أوروبية مركزية قد توقف الكثير من قرارات الدول في حال اتخذت، أما الاتفاق مع الدول الإفريقية فالهدف منه أن تحمي تلك الدول حدودها البحرية وألا تكون محطة نحو أوروبا. وهو ما نراه دائرا في محاكم بريطانيا عقب سعي ريشي سوناك لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، واعترافها بوجود مشكلات تتعلق بحقوق الإنسان.
ويتابع "بمفهوم الدولة الحديثة يمكننا أن نسأل: هل حماية حدود الدولة عنصرية وتمييز؟ كل من يصل إلى الاتحاد الأوروبي غالباً يصل إلى حقوقه ولا يتعرض للعنصرية والتمييز، وفي حوارات مع صناع السياسة هنا في هولندا مثلاً يقولون لك: لولا مشكلة اللاجئين عبر التهريب لزدنا حصتنا ممن نأخذهم عبر الأمم المتحدة لكن لاجئي التهريب لا يتركون لنا مجالاً للتفكير، وكما نعلم هذه الحكومات لديها مسؤولياتها تجاه مواطنيها أولاً وتقديم الخدمات لهم ورعايتهم".
ويشير إلى أن كثيرا من المواطنين الأوربيين باتوا يتساءلون اليوم: "هل يمكننا أن نأخذ مثل نصيب اللاجئين من التخصيص بمنزل ومساعدة شهرية؟ ويرد عليهم الخبراء: هؤلاء ضحايا حروب أو مجاعة ولا يمكن أن تعاملوا مثلهم، فيرد المواطن الأوروبي: لا نريد أن تصبح دولنا جمعيات خيرية فنحن من بناها وعاش فيها ويجب أن نكون مميزين فيها".
كم بلغ عدد اللاجئين إلى أوروبا بالطرق الشرعية؟
يقول "الحسين" إن هذه الشريحة من اللاجئين تسمى بلاجئي إعادة التوطين بالاتفاق مع الأمم المتحدة، وقد بلغ عددهم نحو 1000 شخص عام 2023 في هولندا وهي أعداد قليلة إذا ما تذكرنا أن اللاجئين عبر التهريب كانوا أكثر من عشرين ألفاً وعبر لم الشمل أكثر من 12 ألفاً.
ويوضح أن المستفيدين من برامج إعادة التوطين عام 2023 في أوروبا بلغ عددهم قرابة 20 ألفا وهو أكثر بـ 2700 شخص عن عام 2022، منهم 12 ألف سوري عام 2023 وهو أعلى رقم تأخذه دولة وحدها لأن الموقف الأوروبي لا يزال حتى اللحظة يقبل كل طلبات لجوء السوريين.
واستقبلت فرنسا منهم نحو 3500 وألمانيا نحو 5000 آلاف والسويد 5000 وإسبانيا 1200 والنرويج 3500 في حين لم تستقبل كل من هنغاريا وبلغاريا واليونان وأستونيا وكرواتيا ولوكمسبورغ وليتوانيا ومالطا والنمسا والبرتغال وبولونيا وسلوفينيا وسلوفاكيا وتشكيا.
ويلفت إلى أن "الاتحاد الأوربي لديه إضافة إلى فئة لاجي التهريب واللاجئين عبر إعادة التوطين كذلك شريحة من يحصلون على فيزا شنغن ولا يعودون وكذلك شريحة من البلاد الذين لا تقبل طلبات لجوئهم لأن بلدانهم آمنة وكذلك شريحة المهاجرين بغرض الحصول على فرصة عمل".
روسيا واستثمار الحرب في سوريا وأوكرانيا "ضرب الاتحاد"
يرى د.خالد العزي المختص في العلاقات الدولية والسياسات الخارجية أن الجدار سيتجاوز طوله 2163 كم بعد دخول فنلندا والسويد إلى "الناتو" وبذلك سيمتد الجدار من فنلندا حتى أوروبا الشرقية وصولا لدول البلطيق، وهذا يعني أن الجدار يلتف كاملا حول عنق روسيا التي دخلت في حرب مع أوكرانيا على أساس منع تمدد الناتو والوصول إلى حدودها، ويتابع "الناتو أصبح على مشارف روسيا من مدن فنلندا وتحديدا قرب مدينة فيبرغ الروسية.. هناك تبدأ الحدود وهذه المنطقة امتداد للأراضي الفنلندية التي سقطت عام 1937 بيد الروس.. هذه الحدود طويلة على امتداد الحدود السويدية التي دخلت الناتو، ما يعني أن الحدود مقفلة وصولا إلى تارتو في إستونيا التي تعبتر المعبر بين روسيا وإستونيا، إذا الاتحاد الأوروبي أقفل حدوده بنشر قوات عسكرية والناتو وبإقامة جدران إسمنتية وشائكة مع روسيا وبلاروسيا عندما استخدمت لتدفق اللاجئين نحو الاتحاد لفتح أزمة جديدة.. تبقى الحدود التي لا تزال عالقة هي عبر البحر من تركيا واليونان وعبر لبنان وقبرص بالإضافة للمناطق التي لا تزال بانتظار وضع يد الاتحاد عليها في مقدونيا الشمالية وصربيا وكوسوفو إذ باتت هذه المعابر تضيق تدريجيا على اللاجئين".
ويوضح العزي أن روسيا أول من استخدم ملف اللجوء للابتزاز عبر بلاروسيا، ودفعت اللاجئين من مناطق الحروب في سوريا ولبنان والعراق لاستخدام السفن وعبور الحدود إلى مناطق داخل الاتحاد الأوروبي وخلق أزمة سياسية داخله.
ويشير إلى أن نجاح الاتفاقات التي أجراها الاتحاد في إفريقيا دفع الدول الأوروبية لتكرارها مع موريتانيا وغيرها من الدول، "ففي المغرب مثلا تم التوقيع على اتفاق لمواجهة اللجوء والهجرة غير الشرعية، ولذلك أصبحنا نجد صعوبة في الحصول على الفيزا، حيث يمنع دخول أي عربي للمغرب إلا تماشيا مع الشروط القاسية التي وضعتها أوروبا".
كذلك وجد الأوروبيون أن الاتفاق مع تونس أدى إلى ضبط التهريب، لذلك شجعوا على عقد اتفاقية مع موريتانيا، في المقابل أصبحت ليبيا مقرا للهجرة غير الشرعية حيث يتم تجميع القوافل من الأفارقة والعرب والسوريين ومع تطور الأحداث في سوريا والعراق وفلسطين أصبحت قوافل الموت هي الأساس في التهريب بحرا من شمال إفريقيا ومن لبنان وتركيا.
ويضيف العزي أن "الأزمة تستخدم من أجل الابتزاز ونحن نذكر كيف فتحت بيلاروسيا حدودها لدفع الاتحاد الأوروبي لتحمّل تكاليف الردع.. وبيلاروسيا دولة صغيرة لن تستطيع مواجهة الاتحاد الأوروبي لولا وجود قرار روسي، حتى قبل غزو أوكرانيا روسيا كانت تخطط لضرب وحدة الاتحاد الأوروبي غبر الخلافات التي يثيرها تقسيم كوتا المهاجرين، وكان اللاجئون يحاولون الدخول لدول محددة في طليعتها ألمانيا والسويد وأيضا النرويج بسبب المعونات التي تفوق دولا أخرى، حتى اللاجئون في إسبانيا وإيطاليا كانوا يهربون إلى دول أوروبا الوسطى، بسبب المعونات لذلك كانت أوروبا الشرقية معبرا، إضافة إلى وجود فوبيا عنصرية لدى العنصر الأرثوذكسي هناك، إذاً يقع العاتق الإنساني على أوروبا وهنا الإشكالية الأساسية لأن أوروبا غير قادرة على استيعاب أعداد كبيرة جدا من اللاجئين".
يشار إلى أن أكثر من ستة آلاف عملية صد وقعت على الحدود البولندية-البيلاروسية خلال الفترة الواقعة ما بين تموز 2023 وكانون الثاني 2024، بحسب التقارير التي نشرتها منصة نوتس فروم بولاند.
وعلى الرغم من أن قانون الدولة يعتبر تلك العمليات قانونية، إلا أن سياسة الصد في بولندا تتعارض مع اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية والأوروبية ولهذا تعرضت لانتقادات حادة من المنظمات الحقوقية سواء في بولندا أو خارجها.
ضبط التهريب مقابل "التنمية"
وبحسب العزي "اللاجئون في الأزمات يذهبون إلى أوروبا، ما بات يشكل أزمة للأوروبيين أنفسهم، الذين يرونهم يشكلون تغييرا ثقافيا وديمغرافيا ودينيا، وتلقفت الأحزاب اليمينة الأزمة وبنت برامجها عليها، وهي تنمو على قاعدة الخروج من الاتحاد الأوروبي ومحاربة اللاجئين".
ويشير إلى أن الأزمة هذه "دفعت الحكومات لسن قوانين صعبة تتعلق بالتظاهر وتجريم معادة السامية وارتداء الحجاب وحظر بعض المؤسسات الدينية، وتجهيز أئمة مساجد من الكليات الداخلية وليس من الخارج مثل ألمانيا، وهذا كله وفق ما يقول العزي جاء للحد من اللجوء، وضبط الحدود بنقاط المراقبة والجدران الإسمنتية والأسلاك وصولا لإطلاق النار، والنقطة المهمة أن ما يدفع للدول لتلعب صفة شرطي ومراقب هي أقل بكثير مما قد تتكلفه أوروبا للاهتمام باللاجئين".
ويشدد العزي على أن اللاجئين الأوكرانيين "زادوا الطين بلة على عكس ما قيل وما يتم تداوله، على أن أوروبا لم تستقبل السوريين لأنهم سمر وعيونهم ليست زرقاء مثل الأوكرانيين.. بل على العكس لقد استقبلت السوريين وما زالت لكنها تسعى للحد من هجرتهم هم واللبنانيون والعراقيون والفلسطينيون.. هناك مشكلة تنتظر أوروبا هي أوكرانيا التي تدافع عن الاتحاد وهي خاضت الحرب من أجل الانخراط في الاتحاد الأوروبي لذلك هم ملزمون بمساعدتها وقد لجأ 4 ـ 7 ملايين أوكراني إلى الدول القريبة نتيجة التشابه بالعادات والتقاليد، أوروبا تتخوف من زيادة المعارك في أوكرانيا وغيرها من المناطق وبالتالي زيادة عدد اللاجئين لذلك ذهبت لحل المشكلات بهذه الاتفاقيات، أي تقديم مال لتنمية الدول الإفريقية ودول العبور مقابل ضبط الهجرة غير الشرعية".
"الجانب المظلم"
كشف تحقيق أعدته صحيفة "دير شبيغل" الألمانية ومجموعة "لايتهاوس ريبورتس"، عن تواطؤ وكالة الحدود الأوروبية "فرونتكس" والسلطات الليبية في اعتراض قوارب المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، مشيراً إلى أن الوكالة الأوروبية شاركت "بشكل منهجي" مواقع زوارق المهاجرين مع السلطات الليبية، رغم العنف الذي يمارسه خفر السواحل الليبي ضد المهاجرين، والتعذيب الموثق الذي ينتظرهم في مراكز الاحتجاز في ليبيا، وفق ما ذكر موقع "مهاجر نيوز".
كما أظهر مقطع فيديو نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية طالبي لجوء، قالوا إنهم سوريون، مجردين من ملابسهم في درجات حرارة متجمدة على الحدود الصربية، بعد أن تعرضوا لعمليات إرجاع غير قانونية إلى مقدونيا الشمالية.
وقالت رئيسة منظمة "ليغس"، ياسمين ريدجيبي، إن "عمليات الصد المهينة تعتبر دليلا على تصاعد سوء معاملة المهاجرين على الحدود الأوروبية"، مضيفة أنها "جاءت بعد فترة وجيزة من قمة التعاون الحدودي بين الاتحاد الأوروبي وصربيا، والتي كانت تهدف إلى تعزيز الحدود الصربية ضد عمليات تهريب البشر".
ووفق بيانات منظمة "11.11.11" البلجيكية غير الحكومية، فإن أكثر من 346 ألف عملية إعادة قسرية حدثت على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي في العام 2023.