يحاول لاجئون سوريون في لبنان تسوية أوضاعهم الجنائية والأمنية في سوريا، بآلاف الدولارات خوفاً من ترحيلهم ومن ثم اعتقالهم من قبل النظام، عقب موجات العنصرية التي يشهدها لبنان على خلفية مقتل مسؤول حزب القوات باسكال سليمان.
تسويات أوضاع مكلفة
غزوان (36 عاماً طلب عدم ذكر هويته) أحد المعرضين للترحيل لمخالفته نظام الإقامة، ويصف شهر أيار بأنه "الأسوأ في تاريخ اللجوء السوري في لبنان".
ويقول لموقع تلفزيون سوريا "إنني مطلوب للنظام بقضية جنائية تتعلق بتحويل أموال إلى سوريا رغم عدم ارتكابي لهذا الجرم، لكن هناك من ذكر اسمي في تلك القضية، لذلك عمم النظام اسمي كمطلوب لديه". مضيفاً أنّ هناك نشرة شرطية باسمه يعمل على إزالتها.
وأوضح الشاب الثلاثيني أنّه مضطر لتسوية وضعه الأمني لدى النظام تحسباً لاحتمال ترحيله إلى سوريا بعد تعذر سفره خارج لبنان سواء بالبحر أو عبر مفوضية الأمم المتحدة حتى الآن. ويقول لموقع تلفزيون سوريا "تواصلت مع محام بدمشق لإجراء كف بحث بحقي وإنهاء علاقتي بتلك القضية".
وأضاف، بأنّ عملية كف البحث تكلف ما يقارب الـ 900 دولار أميركي ستدفع لعناصر وضباط في الأمن الجنائي بدمشق كما أخبره محاميه، الذي أكد له أن النتيجة غير مضمونة وتستغرق وقتاً طويلاً.
وكان غزوان دخل إلى لبنان خلسةً عام 2013، واستقر في منطقة سن الفيل بعد تسجيله في مفوضية اللاجئين، وعمله في ورشة خياطة في منطقة برج حمود.
لا يملك غزوان إقامة قانونية في لبنان ومثله الآلاف من السوريين نتيجة للإجراءات التعجيزية التي يفرضها الأمن العام للحصول على الإقامة، وهو ما زاد مخاوفه من تعرضه للترحيل بعد الحملة الأمنية التي أطلقها الأمن العام ضد السوريين المقيمين بشكل غير شرعي منذ العاشر من شهر أيار الجاري.
وخلال تلك الحملة المستمرة حتى الآن أوقف الأمن العام أربعة آلاف سوري لدخولهم تهريبا، وسحب أوراق خمسة آلاف آخرين لمخالفتهم نظام الإقامة، في حين أغلق ألفي مؤسسة للسوريين، بحسب تقرير لقناة الـ mtv اللبنانية.
ووفق بيانات مركز "وصول لحقوق الإنسان"، وصل عدد الاعتقالات التعسفية بحق السوريين في لبنان في عام 2023 إلى 1080 شخصاً، في حين تم ترحيل 736 شخصاً بشكل قسري، أغلبهم مسجلون لدى المفوضية، ووثّق المركز أكثر من 120 شخصاً ما زالوا في عداد المفقودين بعد دخولهم الأراضي السورية.
وحتى نهاية نيسان الماضي، رصد "وصول لحقوق الإنسان" 685 حالة اعتقال تعسفي و433 حالة ترحيل قسري في لبنان، ولا تشمل هذه الأرقام القافلة التي عادت "طوعياً" من عرسال عبر معبر الزمراني.
خيارات معدومة أمام السوريين في لبنان
قبل هذه الحملة الأمنية لم يكن نبيل (45 عاماً ـ طلب عدم ذكر اسمه) يفكر بالعودة مطلقاً إلى سوريا كما قال لموقع تلفزيون سوريا، مضيفاً أنّ الخيارات أمامه معدومة خصوصاً أنه لا يملك المال للسفر، عدا كونه دخل خلسةً إلى لبنان في عام 2020 هرباً من ملاحقة النظام الأمنية له.
وكان نبيل يعمل في سوق الهال بالزبلطاني في محل يملكه قريب له، لكن نتيجة لاستدعاءاته المتكررة لمراجعة فرع الأمن السياسي قرر ترك دمشق والذهاب إلى لبنان للعمل. موضحاً أن سبب مراجعته المتكررة لسؤاله عن قريب له كان يقاتل في صفوف إحدى فصائل المعارضة.
وأضاف في حديثه، أنّ عليه مذكرة منع سفر قبل مغادرته خلسةً إلى لبنان، وتفاجأ منذ نحو الشهرين بوجود إذاعة بحث بحقه لدى قيام زوجته باستخراج بيان عائلي.
وعليه، يحاول الرجل الأربعيني تسوية وضعه الأمني في سوريا في حال رُحل من قبل الأمن العام اللبناني عبر محام بدمشق علّه "ينجو بنفسه"، رغم الكلفة الكبيرة كما قال.
ليست قصة غزوان ونبيل هما الوحيدتان في هذا المضمار، إذ هناك أكثر من مليون و200 ألف سوري دخلوا خلسةً إلى لبنان -وفقاً لتصريحات بسام مولوي وزير الداخلية والبلديات- معرضين للترحيل في أية لحظة ومن ثم الاعتقال لدى النظام السوري بتهم مختلفة.
يشار إلى أنّ وزير الداخلية بحكومة النظام السوري عمر رحمون زعم التوقف عن إذاعة البحث بحق أشخاص ما لم تتوافر ضدهم أدلة تثبت تورطهم بالجرائم، بينما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان استهداف النظام اللاجئين العائدين من لبنان بعمليات الاعتقال، وأكدت اعتقال ما لا يقل عن 212 شخصاً خلال شهر نيسان الفائت.