دعا خبراء أميركيون في القانون والسياسة وزارة العدل الأميركية، إلى مصادرة الأصول والأموال التابعة لمرتكبي الانتهاكات في سوريا وتوجيهها لصالح الضحايا من الشعب السوري.
وقال موقع " justsecurity" المختص بالأبحاث والدراسات الأمنية والسياسية، إن وزارة الخزانة الأميركية تتحفظ على أكثر من 600 مليون دولار من الأصول المصادرة في قضيتها الجنائية ضد شركة "لافارج" وشركاتها التابعة.
وتابع أنه يجب على وزارة العدل اتباع نهج متسق، وضمان أن ملايين الأصول المصادرة المرتبطة بالدعم المادي "للإرهاب" في سوريا "لا تثري ببساطة وزارة الخزانة الأميركية".
وأشار الموقع إلى وجود سابقة بما يخص مصادرة الأموال الروسية عقب انتهاكاتها في أوكرانيا، حيث أعلنت نائبة المدعي العام الأميركي ليزا موناكو في مؤتمر ميونيخ للأمن، أن الولايات المتحدة حولت ما يقرب من 500 ألف دولار من الأموال الروسية المصادرة إلى إستونيا لصالح أوكرانيا - مما يمثل أول تحويل من نوعه من الولايات المتحدة إلى حليف أجنبي لغرض صريح هو مساعدة أوكرانيا ، التي عانت من العدوان الروسي غير القانوني.
أوجه التشابه بين مصادرة الأصول في أوكرانيا وسوريا
يتضمن كلا السيناريوهين وفق الموقع مصادرة الأصول الناجمة عن مسؤولية الشركات عن جرائم التآمر ذات التداعيات الأمنية الكبيرة، ويلفت إلى أن الأموال الروسية التي تبلغ قيمتها نحو 500 ألف دولار، جاءت من شركة By Trade OU التي تتخذ من إستونيا مقرا لها والتي اعترفت بالذنب في التآمر مع شركات مقرها في لاتفيا وروسيا، من بين شركات أخرى، لتصدير مطحنة عالية الدقة بشكل غير قانوني إلى روسيا، حيث كان من الممكن استخدامها في الانتشار النووي والبرمجة الدفاعية، في وقت تشارك فيه روسيا في العدوان والجرائم الفظيعة في أوكرانيا.
في حين تنبع مصادرة أموال شركة لافارج البالغة 687 مليون دولار من اعتراف الشركة التي تتخذ من فرنسا مقرا لها بالذنب في التآمر لتقديم دعم مادي للإرهاب من خلال دفع أموال "لتنظيم الدولة" في العراق وسوريا (داعش) وهيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) من عام 2013 إلى 2014 للحفاظ على مصنع للإسمنت شمالي سوريا، كل ذلك بينما كانت المنظمات الإرهابية ترتكب فظائع وحشية ضد المدنيين. في المقام الأول في سوريا والعراق.
وفي كلتا الحالتين، قدمت السلطات الإستونية والفرنسية مساعدة كبيرة للتحقيقات الأميركية المعنية، مما مهد الطريق لنهج حكومي دولي منسق لصرف الأموال المصادرة. واقترح الخبراء اتباع نهج متعدد الأطراف نظرا للحواجز التي تحول دون توجيه الأصول المصادرة مباشرة إلى الشعبين الأوكراني والسوري على التوالي.
ففي قضية روسيا / أوكرانيا ، أوضحت وزارة العدل أن الأموال يتم تحويلها إلى إستونيا "لأنه في ظل السلطات الحالية، لا تسمح وقائع هذه القضية بالتحويل المباشر إلى أوكرانيا" على ما يبدو لأن السلطات الأوكرانية لم تساعد في التحقيق وبالتالي لم تستطع وزارة العدل التذرع ببرنامج المشاركة الدولية لتوزيع الأموال مباشرة على أوكرانيا.
توجيه الأموال إلى الضحايا في سوريا
وتثير قضية لافارج سؤالا مشابها حول كيف يمكن للأموال المصادرة أن تفيد ضحايا جرائم "داعش" و"هيئة تحرير الشام" في سوريا. مشددة على أن تحويل الأموال إلى حكومة النظام السوري أمر غير وارد، لأن النظام ما يزال الجاني الرئيسي لانتهاكات القانون الدولي الخطيرة المستمرة.
ويوضح الخبراء "علاوة على ذلك، ستواجه وزارة العدل التحدي نفسه الذي تواجهه مع الصناديق المرتبطة بأوكرانيا - المشاركة الدولية مع سوريا غير متاحة لأن الحكومة لم تساعد في تحقيق لافارج. في المقابل، ما تزال المشاركة الدولية مع فرنسا، لصالح الضحايا السوريين، ممكنة، حيث ساعدت فرنسا، مثل إستونيا، في التحقيق".
وتابع الخبراء أنه "وكجزء من اتفاقية مشاركة دولية مع فرنسا، يمكن للولايات المتحدة تسهيل صرف مصادرة لافارج من خلال صندوق حكومي دولي لضحايا سوريا، كما هو مقترح في هذه السلسلة.. وقد أوصى البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي بإنشاء مثل هذا الصندوق، ويمكن استخدامه لتجميع وصرف أوامر المصادرة الأميركية والأوروبية وغيرها من أوامر المصادرة، والأحكام النقدية، والتعويضات، والغرامات، والعقوبات المرتبطة بانتهاكات القانون الدولي في الصراع في سوريا".
وأضافوا "بطبيعة الحال، واعترافا بالنطاق الواسع من الانتهاكات التي لا تزال ترتكبها مجموعة من الجهات الفاعلة في سوريا، يجب تصميم أي صندوق أو استراتيجية صرف بالتشاور الهادف مع قطاع عريض متنوع من مجموعات الضحايا والمجتمع المدني السوري والمجتمعات المتضررة. ويمكن أن يشمل ذلك برامج للمساعدة في إعادة بناء المجتمعات التي دمرتها جرائم داعش وجبهة النصرة، والتي تم تمكينها جزئيا من خلال المدفوعات المستلمة من لافارج".
لافارج ودعم جماعات "جهادية" في سوريا
وفق التحقيقات القضائية، دفعت شركة لافارج، التي أصبحت حالياً تابعة لمجموعة هولسيم، دفعت خلال عامي 2013 و2014 عبر فرعها السوري "لافارج سيمنت سيريا" ملايين اليوروهات لجماعات "جهادية".
وبحسب تصريح مصدر من النيابة الفرنسية لوكالة فرانس برس، فإن الشركة دفعت أموالاً لتنظيم "الدولة" (داعش)، عبر وسطاء، من أجل استمرار عمل مصنعها للإسمنت في سوريا بمنطقة الجلابية "في وقت كانت فيه البلاد غارقة في أتون الحرب".
ووفقاً لمصادر مطلعة على القضية فإن لافارج قدّمت هذه الأموال "بهدف استخدامها أو بمعرفة أنها كانت مخصصة للاستخدام كلياً أو جزئياً، لارتكاب أعمال إرهابية".
ويعتبر الادعاء خصوصاً أن الرئيس التنفيذي السابق برونو لافون "صدق على الاستراتيجية المتبعة في الحفاظ على نشاط مصنع الإسمنت مع علمه بالتمويل الموزع على الجماعات الإرهابية".
وأكدت محكمة النقض في فرنسا بشكل نهائي التهم الموجهة لشركة لافارج للإسمنت بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية على خلفية دفعات مفترضة لجماعات جهادية خلال الحرب في سوريا، ما يجعل إجراء محاكمة أخرى أمراً ممكناً، هذه المرة أمام المحاكم الفرنسية المتخصصة بالجرائم.
وكجزء من تحقيق قضائي بدأ في العام 2017، تمّ توجيه الاتهام إلى الشركة في العام 2018 بـ "التواطؤ في جرائم ضدّ الإنسانية، وتمويل مشروع إرهابي، وتعريض حياة الآخرين للخطر".