لم يعد الأمر يحتاج إلى حجج إنها وبوضوح تهديدات جدية من روسيا للاتحاد الأوروبي، أزيلوا عنا العقوبات نفتح لكم إمدادات الغاز، فهل سيخضع الاتحاد الأوروبي لهذه التهديدات؟ وهل سيبقى جسدا واحدا بموقفه من روسيا أم أن حاجات كل دولة أوروبية تختلف عن غيرها وستقول اللّهم أسألك نفسي؟ هذه التساؤلات وغيرها الكثير ناقشنا فيها السيد نهاد إسماعيل الخبير في الاقتصاد وأسواق الطاقة في حلقة الثلاثاء الاقتصادي لهذا الأسبوع.
خطوط إمداد الغاز الروسي كثيرة لكن "نورد ستريم 1" هو الخط الأهم والأكبر في العالم كون الكمية التي ينقلها تبلغ 55 مليار متر مكعب يمتد عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا:
- نورد ستريم 2
يبلغ من حيث الحجم حجم نورد ستريم 1
رفضت ألمانيا اعتماد تشغيله بعد أن غزت روسيا أوكرانيا
كان من المقرر أن ينقل 55 مليار متر مكعب من الغاز الروسي
يامال - أوروبا
تبلغ طاقته 33 مليار متر مكعب
يمتد من روسيا عبر روسيا البيضاء وبولندا إلى ألمانيا
- أنابيب أوكرانيا
تصل طاقتها إلى 33 مليار متر مكعب سنويا
تشكل جزءا من خطوط أنابيب الصداقة للغاز
تمتد من روسيا عبر أوكرانيا للشحن إلى أوروبا عبر سلوفاكيا
- ترك ستريم
تبلغ طاقته 31.5 مليار متر مكعب
يعبر من البحر الأسود إلى تركيا لإمداد السوق التركية وجنوبي أوروبا
- بلو ستريم
تبلغ طاقته 16 مليار متر مكعب ويعبر البحر الأسود إلى تركيا
موسكو لن ترجع إلى الوراء
يرى ضيفنا أن موسكو لن تعود عن هذه الخطوة ولا تنظر للعقود والاتفاقات المبرمة باكتراث وعلى أوروبا ألا تنتظر أي تغييرات والاتجاه للبدائل الأخرى لأنها لن تحل المشكلة بضغطة زر فمثلا يجب رفع التخزينات الأوروبية كخطوة أولى والترشيد باستعمال الطاقة والاستغناء عن الطاقة الروسية خلال عامين أو ثلاثة باللجوء إلى الدول البديلة المنتجة للغاز.
لكن هذه الأزمة يبدو أنها لن تفكك الاتحاد الأوروبي لأن هذه هي إحدى غايات روسيا كذلك لأن بعض الدول لجأت إلى المقايضة كفرنسا وألمانيا اللتين تبادلان الغاز والكهرباء، فرنسا تعطي الغاز لألمانيا مقابل نقل الكهرباء من ألمانيا إلى فرنسا.
يضيف السيد نهاد أنه حتى خطوة الصين تسديد الشحنات الروسية بالروبل واليوان لن تؤثر على الدولار لأنها العملة الأكثر تداولًا بالعالم والأقوى ولن تؤثر عملية بيع داخلية على الدولار "قطعا".
بالنسبة للبدائل فلن تكون مثل الغاز الروسي بالسرعة والرخص لكن البدائل موجودة وتحتاج إلى وقت وكلفة أكبر والاتحاد الأوروبي سنويا يستورد 45 مليار متر مكعب من الغاز المسال من الولايات المتحدة وكمية أقل من الجزائر بالإضافة إلى الغاز القطري لكن معظم الإنتاج القطري البالغ 177 مليار متر مكعب معظمها تحت عقود طويلة الأجل مع آسيا ربما بعد عامين أو ثلاث تستطيع قطر أن تساعد بشكل أكبر، والنرويج تزود ثلث حاجة أوروبا بالغاز لذلك هناك ثغرة كبيرة تحتاج إلى وقت وجهد لسدها وهي محطات استقبال الغاز المسال التي تنتظرها أوروبا والتي ستكون على شكل عائم كونه لا توجد محطات ثابتة لكن هذا يأتي بعد تجاوز فصل الشتاء المقبل.
يكشف السيد نهاد عن انزعاجه وهو المقيم في لندن عن زيادة الفواتير التي تأتيه على الغاز والكهرباء وكيف بدأت تداعيات الموضوع على الحياة اليومية وعلى حركة الإنتاج كذلك بسبب تضرر المعامل وترتيب الأولويات من قبل الحكومات التي ستكون للمنازل والأسر من ثم معامل الأدوية والأغذية ثم معامل الصلب والسيارات وغيرها من الإنتاجات التي لا تعتبر ذات أولوية، لكن هذا سيبقي محطات النووية ومحطات الفحم الحجري تعمل وهي التي كانت ستتوقف خلال عام لأضرارها الكبيرة على البيئة.
يؤكد ضيفنا أن ما حصل هو صفعة لأوروبا حتى تستيقظ من سباتها الطويل واسترخائها وتغيير السياسات القديمة التي تعتمد على التكتيك والتعاون مع الروس، وعن وجهة النظر الأخرى التي تقول إن الروس هم من فقدوا الثقة بالغرب، يقول ضيفنا إن "هذه حرب إعلامية وليست سياسية واقتصادية فقط وإن روسيا أخطأت لأنها ستخسر أكبر سوق للغاز والطاقة وآسيا لن تعوض هذا السوق رغم أن ما يشاع أن استراتيجية روسيا رابحة حتى الآن كون الهند تأخذ الغاز الروسي لتكرره وتبيعه للشركات الأوروبية بأرباح 30 حتى 31 % كذلك النفط الروسي يخلط بالنفط الإيراني في ميناء الفجيرة ويعاد توزيعه عالميا".
ما نتائج وضع سقف لأسعار النفط الروسي؟
يوضح ضيفنا أن النفط الروسي انقطع منه 2.2 مليون برميل يوميا إلى أوروبا توقف من خلال الأنابيب والنفط الروسي المحمول بحرا سيتوقف من 5 من كانون الأول المقبل وشركات التأمين البحري للنفط الموجودة في لندن ستتوقف عن تأمين النفط البحري الروسي والمصارف الدولية التي ستمول شحنات النفط ستتوقف كذلك.
ينتقد أستاذ الاقتصاد خطوة أوروبا والغرب بوضع سقف لأسعار النفط، لكن وقت البرنامج لم يسعفنا لذكرها ومن خلال التواصل مع الأستاذ نهاد بعد نهاية الحلقة أضاف أن "مجموعة السبع وافقت على مشروع خطة سقف لأسعار النفط الروسي في إطار العقوبات على روسيا، والهدف هو تقليص مداخيل روسيا من النفط".
روسيا رفضت الخطة وهددت بقطع إمدادات النفط عن الدول التي توافق أو تشارك في تطبيق الخطة.
والخطة لن تنجح إلا إذا وافقت عليها جميع الدول التي تستورد النفط الروسي بما في ذلك الصين والهند. ومن غير المحتمل أن تحظى الخطة بموافقتهما. قد تبدو الخطة جميلة نظريا ولكن التطبيق العملي سيكون صعبا، يضيف الخبير الاقتصادي.
ويرى أنها "ستخلق ارتباكا في الأسواق ولا بد أن تخلق اضطرابا في الأسعار وهذا سيخلق متاعب لمنظمة أوبك وحلفائها. أوبك+ تشمل روسيا أيضا. فما هو موقف أوبك+؟"
وتساءل ضيفنا: على أي قاعدة أو أسس سيتم تحديد السقف؟
هل هي المصافي التكريرية؟ أم تجار النفط؟ أم وزراء الطاقة في الدول الغربية؟ أم من؟ وكيف؟
هل هناك آليات لرصد تطبيق سقف الأسعار؟
هل ستساهم الخطة في خلق سوق سوداء وصفقات خلف الكواليس بين روسيا وبعض المستوردين؟
من وجهة نظر الأستاذ نهاد فإن المشكلات الناتجة عن هذه الخطة ستؤدي إلى فشلها، وستعتبرها روسيا خطة تصعيدية لخنق الطاقة الروسية وقد تؤدي إلى ردود فعل انتقامية.
اقرأ أيضا: بعد تفاقم أزمة الطاقة.. ألمانيا تؤجل إغلاق آخر محطتين نوويتين
يضيف الأستاذ نهاد أن هذا موضوع معقد والتعقيد يتعلق بصعوبة تطبيقه وتزيد أزمات الطاقة تعقيدا من دون تحقيق الفائدة المطلوبة.
مجلة "الإيكونوميست الاقتصادية البريطانية" تعتبر فرض سقف على أسعار النفط اعترافا غربيا بفشل العقوبات المفروضة على روسيا بتحقيق أهدافها.
ختاما وقفنا عند نقطة التنافسية في الاستهلاك وإيجاد أسواق بديلة بين بروكسل ولندن كون الأخيرة تستورد نصف حاجاتها من الغاز ولا تملك مقدرة تخزين، وعند هذه النقطة علق ضيفنا بالقول إن بريطانيا تستورد فقط 4 في المئة من حاجاتها من الغاز الروسي والباقي من النرويج ثم هولندا وكميات محدودة من قطر والخارج لذلك بريطانيا لن تنافس أوروبا على أسواق الطاقة لكن بريطانيا ارتكبت خطأين فادحين بحسب الأستاذ نهاد وهما تقليل الاستثمار ببحر الشمال بحجة أنهم يريدون طاقة نظيفة متجددة، والآن صدموا بالواقع ووجدوا أن الطاقة الأحفورية أهم لـ 20 عام مقبلة ثم أغلقوا بعض مرافق التخزين الهامة خلال 2017ـ 2018.