ملخص:
- تخلت حكومة النظام السوري عن تسلّم محصول القطن بالحسكة، مما أجبر الفلاحين على بيع إنتاجهم للتجار بأسعار منخفضة، متكبدين خسائر كبيرة.
- طالب الفلاحون بعودة المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان لتسلّم المحصول بسعر يضمن لهم الربح ويشجعهم على الزراعة.
- تراجع زراعة القطن بسبب الصعوبات التسويقية وغياب الدعم الحكومي.
تخلت حكومة النظام السوري عن تسلّم محصول القطن من الفلاحين في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، مما جعل الفلاحين في مواجهة مباشرة مع التجار، حيث باتوا تحت رحمتهم في تحديد أسعار البيع. وقد زادت هذه الخطوة من معاناة المزارعين في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وأكد مدير الزراعة في حكومة النظام السوري، علي خلوف الجاسم، أن أبرز الصعوبات التي واجهت الفلاحين هي غياب مركز لتسلُّم إنتاجهم في المحافظة، مما وضعهم في أزمة تسويق كبيرة، بحسب صحيفة "تشرين" المقرّبة من النظام السوري.
وقال الجاسم: "يسعى المُنتِج إلى تسويق إنتاجه بسعر يضمن له ربحاً معقولاً، مما ينعكس إيجاباً على معيشته ويشجعه على مواصلة الإنتاج. وفي الحسكة اضطر منتجو القطن لبيع إنتاجهم للتجار في السوق المحلية بنصف السعر الرسمي أو أقل، مما عرضهم لخسائر كبيرة خلال الموسمين الحالي والماضي".
وأضاف أن مديرية الزراعة قدمت جميع التسهيلات الممكنة للفلاحين منتجي القطن، سواء كانت حقولهم تحت سيطرة النظام السوري أو خارجها.
النظام يتجاهل المطالب بتسلّم المحصول من الفلاحين
وأوضح الجاسم أن مديرية الزراعة طالبت، عبر اللجنة الزراعية الفرعية واتحاد فلاحي المحافظة، بتكليف المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان بتسلّم محصول القطن من فلاحي المحافظة ونقله إلى المحافظات الداخلية وفق ما تراه مناسباً. وأضاف أن المؤسسة كانت تتسلّم القطن مباشرة من الفلاحين وتقوم بشحنه إلى المحافظات المحددة في المواسم السابقة.
ولفت إلى أن المؤسسة أوقفت تسلّم القطن في محافظة الحسكة خلال الموسمين الحالي والماضي، من دون توضيح الأسباب، مما ألحق خسائر كبيرة بالفلاحين الذين اضطروا لبيع إنتاجهم لتجار محليين بأسعار أقل من السعر الحكومي المحدد بـ10 ملايين ليرة للطن. وحذر من أن هذا القرار سيؤثر سلباً على زراعة المحصول في الموسم المقبل من حيث المساحة المزروعة والإنتاج المتوقع.
من جانبه، قال رئيس المكتب التنفيذي لاتحاد فلاحي الحسكة، عبد الحميد الكركو، إن الاتحاد طالب منذ بداية موسم القطاف بتكليف المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان بشراء القطن من الفلاحين بسعر 13 مليون ليرة للطن، لكن الحكومة أبقت على سعر الموسم الماضي وهو 10 ملايين ليرة، بشرط تسلّم الإنتاج ضمن المحافظة، وهو ما لم يحدث، مما اضطر الفلاحين لبيع محاصيلهم بأسعار منخفضة للتجار والسماسرة، متكبدين خسائر كبيرة أثرت سلباً على زراعة المحصول هذا العام، حيث لم تزرع المساحات المخططة بالكامل.
وشدد الكركو على أهمية تسلّم إنتاج القطن في محافظة الحسكة بسعر مجزٍ يعزز ربحية الفلاحين ويشجعهم على استمرار زراعته، مما يسهم في استعادة مكانة "الذهب الأبيض" محلياً. وأشار إلى أن شراء الإنتاج ضمن المحافظة وشحنه إلى المحالج الداخلية، كما حدث سابقاً مع الحبوب، ممكن تماماً، متسائلاً عن سبب عدم تطبيق هذا الأسلوب هذا الموسم رغم نجاحه في المواسم السابقة.
وانتهت عمليات قطاف القطن في محافظة الحسكة بإنتاج بلغ 18,500 طن، وفقاً لمدير الزراعة، الذي أشار إلى توافق الإنتاج مع تقديرات المديرية للموسم الحالي من أصل مساحة مزروعة بلغت 4,775 هكتاراً، مقارنة بالمخطط الذي بلغ 5,450 هكتاراً، ما يعكس تراجع زراعة القطن بسبب الصعوبات التي تواجه المنتجين وتقلص المساحات المزروعة تدريجياً.
زراعة القطن في سوريا تتراجع لصالح محاصيل أكثر ربحاً
شهدت زراعة القطن في سوريا تراجعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، إذ أصبحت الكلفة المرتفعة للزراعة وضعف المردود سببين رئيسيين لتوجه المزارعين نحو محاصيل أخرى أكثر ربحاً.
ويأتي هذا التراجع في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والبيئية، مما دفع العديد من الفلاحين للبحث عن بدائل أقل كلفة وأعلى عائداً، وسط تحذيرات من تأثير هذا التحول على القطاع الزراعي والاقتصاد المحلي.
فضّل العديد من الفلاحين في المحافظات المختلفة زراعة محاصيل ذات دورات إنتاج أقصر وأكثر جدوى اقتصادية، مثل الذرة الصفراء، والجبس البذري، والسمسم، ما أدى إلى تراجع زراعة القطن.
يشار إلى أن إنتاج القطن في سوريا انخفض من 65 ألف طن في بداية الألفية الثانية إلى 530 طناً العام الماضي، وقد شمل هذا التراجع الكبير عدة محافظات سورية، وفقاً لتقديرات حكومة النظام.