قال مدير المؤسسة السورية للحبوب، التابعة لحكومة النظام السوري، عبد اللطيف الأمين، إن تسعيرة القمح الجديدة "عادلة والفلاح يحصل على هامش ربح يزيد على 45 % من الكلفة"، بينما رأى فلاحون ومزارعون أن التسعيرة "غير مجزية، ولا تجني أرباحاً كافية".
وفي لقاء مع صحيفة "الوطن" المحلية، أوضح الأمين أن تسعيرة القمح الجديدة "وضعت بعد إجراء دراسة معمقة لتكاليف الإنتاج، بدءاً من عملية بذار القمح مروراً بالحصاد"، مضيفاً أن "كلفة الطن الواحد من القمح لا تتجاوز 1.2 مليون ليرة، وبعد رفع سعر الكيلو إلى 2000 ليرة مع المكافأة، أصبح الطن الواحد يباع بمليوني ليرة".
الشراء من الفلاحين أفضل من الاستيراد
من جانبه، قال رئيس لجنة الزراعة والموار المائية في مجلس الشعب، محمد كردوش، إنه "من المتوقع عزوف كثير من الفلاحين عن زراعة القمح بالموسم المقبل في حال بقي السعر على حاله"، مشيراً إلى أن "الخطر يعد وارداً أمام قلة الأرباح".
واعتبر كردوش أن "شراء القمح من الفلاح بالعملة المحلية بسعر 3000 ليرة مثلاً، أفضل من الاستيراد من الدول الأخرى وخسارة القطع الأجنبي"، مضيفاً أنه "من المستغرب أن تنظر الحكومة بطريقة أخرى إلى هذا الملف".
وطالب رئيس لجنة الزراعة والموارد المائية محافظي المدن السورية بـ "إلزام الفلاحين الذين تم تمويلهم من الحنطة والمحروقات بالتسليم للمراكز الحكومية، لمنع هدر المبالغ التي خصّصت لهم".
المزارعون محبطون
وفي 14 أيار الجاري، أعلن "الاتحاد العام للفلاحين" عن رفع سعر شراء كيلوغرام القمح من المزارعين من 1500 إلى 1700 ليرة سورية مع مكافأة 300 ليرة للكيلو الواحد، بحيث يصبح سعر كيلو القمح 2000 ليرة، في حين منح مكافأة 400 ليرة لكل كيلو يتم تسليمه من المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ليصبح سعر الكيلو الواحد 2100 ليرة.
ونقلت "الوطن" عن فلاحين سوريين قولهم إن السعر الجديد "لا يناسب المزارع في ظل ارتفاع كلفة الزراعة وسوء نوعية البذار الموجودة حالياً وعدم فعالية الأدوية الزراعية، فضلاً عن قلة مخصصات الأسمدة البالغة 22 كيلوغراماً للدونم".
وأشار الفلاحون إلى أنهم يضطرون لشراء 13 كيلوغراما إضافياً، لأن الدونم يحتاج إلى 35 كيلوغراماً من المادة على أقل تقدير، بالإضافة إلى أن الفلاح يلجأ أيضاً لشراء المازوت من السوق السوداء، لأن المخصصات المحددة بـ 4 ليترات للدونم لا تكفي.
محصول القمح علف للحيوانات
ورأى أستاذ الاقتصاد في جامعة حلب، حسن حزوري، أن تسعيرة شراء موسم القمح الحالي "غير عادلة ولا تشجع الفلاح على الاستمرار في زراعته أو حتى تسليمه للدولة"، مشيراً إلى أن سعر شراء كيلو القمح أقل من سعر شراء كيلو العلف المحدد بـ 2300 ليرة، وهذا يعني أن الفلاح قد يبيع موسمه كعلف للحيوانات.
وقال حزوري إلى أنه في ثمانينيات القرن الماضي، حددت الحكومة سعر شراء كيلو القمح محلياً بـ 11 ليرة، في الوقت الذي كانت كلفة شرائه عالمياً تعادل 5 ليرات، بهدف تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي وتشجيع الفلاح على الزراعة والإنتاج بإجراءات اقتصادية وليس إجراءات عقابية وجزائية وتهديدات بالغرامات وغيرها في حال رفض تسليم المحصول".
وأكد الخبير الاقتصادي على أن "ما يحصل الآن هو تدمير للقطاع الزراعي في معظم المحاصيل الزراعية، وخاصة الاستراتيجية منها وعلى رأسها القمح، رغم كل الشعارات الرنانة عن دعم الفلاح ودعم الزراعة".
واعتبر حزوري أن "السعر التشجيعي والعادل يجب ألا يقل عن 3500 ليرة للكيلو الواحد، ولاسيما أن المحصول تعرض لأضرار كبيرة نتيجة الظروف المناخية وبعض الحرائق، لذا فإن الإنتاج الفعلي سيكون أقل بكثير من الإنتاج المتوقع، وهذا يستدعي عدم التفريط بأي كيلو غرام".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن "قسد أعلنت أن سعر شراء القمح من الفلاحين هو 2200 ليرة، ومن المؤكد أنها لن تسمح بعبور كيلوغرام واحد باتجاه مناطق سيطرة النظام مهما كانت الظروف، وإذا كان السعر تشجيعياً أكثر من ذلك فسيلجأ بعض الفلاحين إلى التهريب باتجاه مناطق قسد".