أعطى إعلان حزب اللواء السوري في 19 من تموز/ يوليو الجاري بتأسيس مؤسسات خدمية بديلة عن التابعة للنظام السوري مؤشراً جديداً على رغبته بتأسيس إدارة ذاتية مستقلة خاصة بالمكون الدرزي، أسوة بمناطق شمال شرقي سوريا الخاصة التي يغلب عليها الطابع "الكردي".
وكشف الحزب مؤخراً عن تأسيسه مكتب العمل والبلديات، بالإضافة إلى مكتب خدمات المياه، ومكتب التدخل الطبي السريع، وأيضاً فريق الدفاع المدني، مؤكداً أنه يقوم بـ "خطوات مدروسة" نحود الإدارة الذاتية للمجتمع بحسب وصفه.
ليزداد مع الإعلان اتهامات وسائل إعلام النظام السوري للحزب بسعيه للتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية للسيطرة على السويداء.
الخدمات ومكافحة المخدرات بديلاً عن القوة العسكرية
شهد شهر تموز/ يوليو الحالي إطلاق حزب اللواء السوري لعدة مشاريع خدمية، أبرزها تقديم مكتب المرأة دعماً لـ 100 سيدة في المحافظة، بالإضافة إلى الكشف عن توزيع المياه لـ 460 عائلة في 6 أحياء من مدينة السويداء، ووجود خطة لدى مكتب المياه تستهدف التوزيع بشكل مجاني على 4 آلاف عائلة من متوسطي الدخل، وممن فقدوا معيلهم.
وفي 15 من حزيران/ يونيو أطلق حزب اللواء السوري حملة شعبية من أجل مكافحة المخدرات وترويجها، داعياً أبناء المحافظة وكل مكونات الجنوبي السوري للتكاتف من أجل محاربة هذه الظاهرة التي اعتبرها أخطر من السلاح، متهماً بشكل مبطن الزعامات الدينية والمجتمعية بحماية ترويج المخدرات.
وبحسب ناشطين من محافظة السويداء تحدث إليهم موقع تلفزيون سوريا – طلبوا عدم الكشف عن اسمهم لأسباب أمنية – فإن حزب اللواء السوري يسعى من خلال إبراز الحضور في الجانب الخدمي إلى إيجاد بديل له عن عدم نجاح مشروعه العسكري المتمثل بـ قوة مكافحة الإرهاب، التي تعرضت لضربة موجعة في حزيران/ يونيو 2022 إثر حملة أمنية نفذها النظام السوري ضدها، نتج عنها مقتل قائدها الفعلي سامر الحكيم، بالإضافة إلى انفكاك كتل عديدة عن القوة.
وأكد الناشطون أن قوة مكافحة الإرهاب كانت تستهدف السيطرة على كامل الريف الشرقي لمحافظة السويداء، لكن مشروعها لم ينجح بسبب عدم تقبل مشروعها، كونه يحمل بذور انفصال ويبرر للنظام السوري وروسيا استخدام القوة العسكرية ضد السويداء.
وبحسب اعتقاد الناشطين فإن التصعيد الإعلامي من حزب اللواء السوري يهدف إلى استجرار دعم إضافي من الجهات المانحة من أجل التوسع في الدعم الذي يقدمه لأبناء السويداء بهدف تسويق مشروعه السياسي، مؤكدين أن نشاطه لا يختلف عما تقوم به العديد من منظمات المجتمع المدني، وبعضها يقوم بجهود أوسع من مكاتب حزب اللواء.
معارضة واسعة لمشروع حزب اللواء السوري
إعلانات حزب اللواء السوري الأخيرة عن مشاريعه ومكاتبه الخدمية، أثار اعتراضاً في أوساط ناشطي محافظة السويداء، حيث انتقد الناشط المعروف فادي الحلبي الحزب في تدوينة على فيس بوك قائلاً: دور أي حزب سياسي حقيقي لديه مشروع، هو خلق آلية ضغط على السلطة لتحقيق مطالب الناس، وليس المساهمة في إطالة المعاناة". (رابط التدوينة).
مشروع حزب اللواء السوري عموماً يلقى معارضة واسعة في محافظة السويداء من هيئات سياسية واجتماعية، بالإضافة إلى غالبية الفصائل والمحلية ومرجعيات دينية بارزة.
وأكدت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أن الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني، والمبادرة الوطنية في جبل العرب، وتجمع القوى الوطنية، والحركة السياسية الشبابية، وإعلان دمشق، كلها روابط وهيئات تجمع غالبية الناشطين السياسيين المؤثرين في محافظة السويداء، وجميعها تعارض مشروع حزب اللواء السوري الذي لم يتمكن طوال السنتين الماضيتين من استقطاب وجوه بارزة.
وبحسب المصادر فإن الحزب استطاع فقط استمالة قوة صغيرة يقودها ليث بلعوس فيها العشرات من المقاتلين، كما أن فصيلاً آخر يدعى أحرار جبل العرب ويقوده سليمان عبد الباقي لديه موقف إيجابي من حزب اللواء لكنه لم ينخرط في مشروعه.
وتشير المصادر إلى أن الهيئات والروابط المناهضة لمشروع حزب اللواء السوري محسوبة على التيار المطالب للتغيير في سوريا، وهي ترفض مشروع الحزب لأنها تنظر إلى طرح سوريا الموحدة بوصفه الطريق الوحيد للتوافق بين أبناء سوريا والعمل على تغيير النظام السوري، بينما طرح التقسيم مفيد للنظام ويتيح له بناء إقليم يحكمه في حال شعر بعدم قدرته على السيطرة على كامل سوريا.
وسبق أن عارض الشيخ يوسف الجربوع أحد المرجعيات الدينية البارزة في محافظة السويداء مشروع حزب اللواء السوري، ودعا من وصفها "الحكومة السورية" بالتدخل لإنهاء الفوضى وضبط الأمن.
من يدعم حزب اللواء السوري؟
تؤكد مصادر متطابقة من محافظة السويداء، أن حزب اللواء السوري الذي انطلقت فكرته بالأصل من اجتماعات جرت في فرنسا، يحصل على دعم مالي وعسكري من تنظيم قسد، واستدلت على كلامها بمشاركة مستشارين عسكريين تابعين لقسد في تأسيس وتدريب قوة مكافحة الإرهاب عام 2022، حيث أقامت القوى معسكرات تابعه لها بإشراف قسد في ريف السويداء الشرقي.
وأيضاً تلقت القوة مطلع عام 2022 دعماً لمدة ستة أشهر من قوات التحالف الدولي المتمركزة في قاعدة التنف تحت بند مكافحة الميليشيات الإيرانية وترويج المخدرات.
ويبدو أن قسد تستثمر في هذا المشروع من أجل إظهار وجود عدة مكونات سورية تدعم فكرة الإدارات الذاتية، وبالتالي ترويجها على المستوى الشعبي بوصفها حلاً سياسياً، بالمقابل من غير المستبعد أن قوات التحالف الدولي ترحب دائماً بامتلاك أدوات محلية تضغط من خلالها على النظام السوري وداعميه.