أبلغ ناجون من مراكز الاحتجاز الروسية في أوكرانيا، عن اتباع الروس لسياسة تعذيب ممنهجة وروتينية مع الموقوفين الأوكران سواء كانوا مدنيين أم عسكريين، وهو ما يعتبر جريمة حرب بحسب القوانين والاتفاقيات الدولية.
وكشف تحقيق لوكالة "أسوشيتد برس"، أمس الأحد، عن وجود 10 مراكز للتعذيب في مدينة إيزيوم شرق أوكرانيا، والتي احتلها الجيش الروسي 7 أشهر، تمكنت الوكالة من الوصول إلى 5 مراكز منها.
وحوّل الجيش الروسي روضة أطفال إلى مركز للتعذيب، كما عثر على المراكز الأخرى في عيادة طبية، ومركز للشرطة، وسجن تحت الأرض تفوح منه الرطوبة والروائح العفنة، بالإضافة إلى حفرة عميقة لا تصلها أشعة الشمس في مجمع سكني.
تعذيب تعسفي وعشوائي.. وطمس للهوية
ووردت شهادات لناجين من التعذيب في مدينة بوتشا قرب العاصمة كييف، والتي احتلها الروس لشهر واحد فقط، بالإضافة إلى شهادات لـ 15 ناجياً من التعذيب الروسي في منطقة خاركيف.
وفي إحدى الشهادات، تبين أن الجيش الروسي عذب جندياً أوكرانياً حتى فقد وعيه، ثم عرضوه أمام زوجته لإرهابها وإرغامها على إفشاء معلومات يعتقدون أنها تعرفها.
وشملت وسائل التعذيب الحرق والضرب والصعق بالكهرباء والإيهام بالغرق، فضلاً عن ادعاء مسؤولين في المخابرات الأوكرانية أن النساء المعتقلات تعرضن للاغتصاب بانتظام.
وبحسب الشهادات فإن عمليات الاعتقال كانت تجري بشكل عشوائي وتعسفي، وشهد بعض الناجين مقتل سجناء أوكرانيين تحت التعذيب، أما المفرج عنهم فغالباً ما تعمد الجيش الروسي حرمانهم من أوراقهم الرسمية، بحيث يصعب عليهم إثبات هويتهم والحركة، ما يدفعهم للجوء إلى بعض الكنائس ودور العبادة التي تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين.
الضحايا بين العشرات والمئات
وليس معروف حتى الآن عدد ضحايا التعذيب بشكل عام، لكن المدعي العام لمنطقة خاركيف، أولكسندر فيلتشاكوف، يعتقد أنهم "عشرات على الأقل إن لم يكونوا مئات".
وتمكنت "أسوشيتد برس"، من توثيق مقتل 8 أشخاص تحت التعذيب على يد الروس، 7 منهم مدنيون.
وفي غابات مدينة إيزيوم نفسها، عثرت السلطات الأوكرانية على مقبرة جماعية فيها 447 جثة، من بينها 30 جثة تحمل علامات تعذيب واضحة، تشمل تقييد الأيدي، والجروح بالسكاكين، وكسوراً في الأطراف، بحسب مكتب المدعي العام لمنطقة خاركيف، وهو ما يتوافق مع شهادات الناجين من التعذيب الروسي.
الناجون في المستشفيات: مجرد حادث
وبحسب شهادات بعض الناجين، فكان بعضهم يلقى به بالقرب من أحد المشافي من قبل الجنود الروس، مع أوامر بوصف إصاباتهم على أنها ناجمة عن التعرض لـ"حادث".
واتفقت هذه الادعاءات كذلك مع شهادة طبيب عالج الجرحى في إيزيوم خلال سيطرة الجيش الروسي عليها، إذ كشف أنه استقبل بانتظام مصابين بجروح تبدو ناجمة عن تعذيب، مثل طلقات نارية في الأيدي أو الأقدام، فضلاً عن الحروث والكدمات الشديدة وحتى العظام المكسورة.
وسبق أن نفت روسيا اتهامات مشابهة بارتكاب مثل هكذا انتهاكات، بل اتهمت الجيش الأوكراني بارتكاب جرائم حرب، وطالبت بتشكيل محكمة دولية للنظر فيها.