تمر الذكرى العاشرة لوصول قوافل المهجّرين السوريين الأولى إلى تركيا، بحسب تقرير نشرته أمس الخميس صحيفة "Bir Gun" التركية حمل عنوان "يأس المهاجر"، رصدت من خلاله الصعوبات التي تواجه المهجّرين السوريين المقيمين في تركيا.
وأوضح التقرير أن الهجرة السورية التي بدأت في عام 2011، أدّت إلى تغيّرات اجتماعية وسياسية كبيرة في كل من تركيا والعالم. وغذى الخطاب المعادي للمهاجرين الخوف في المجتمع وطغى على كفاح السوريين من أجل البقاء.
ونقلت الصحيفة عن رئيس مركز أبحاث اللجوء والهجرة (IGAM) متين شوراباتير أنه اعتبارًا من 2015-2016، كانت هناك زيادة هائلة في الأعداد، إذ تجاوز عدد اللاجئين السوريين 3 ملايين. وأصبحت تركيا الدولة التي توفر الحماية لأكبر عدد من اللاجئين في العالم.
ويقول شوراباتير: "نظرًا لعدم منح اللاجئين السوريين الحق في العمل الرسمي، فإنهم يجدون عملاً في القطاعات الأخرى لكسب عيشهم. بيئة اليأس التي يعيشونها تجبرهم على تطوير آليات للتغلب على الصعوبات التي يواجهونها في كفاحهم من أجل البقاء".
ويضيف بأن تلك الآليات "يمكن أن تكون في بعض الأحيان سلبية، خاصة بما يتعلّق بعمالة الأطفال والزواج المبكر. ورغم كل الصعوبات، فإن مجتمع اللاجئين السوريين يقدم مساهمة كبيرة في الاقتصاد التركي والثقافة التركية والمطبخ التركي وقطاع الخدمات واللغة التركية".
ويعبر شوراباتير عن أسفه لقضية تسييس ملف المهجّرين فيقول: "لسوء الحظ، كما هو الحال في كل دولة، تم تسييس قضية الهجرة في بلدنا منذ البداية. ازدادت أيضًا كراهية الأجانب وخطاب الكراهية والاعتداءات الجسدية والخطاب المعادي للاجئين في هذه السنوات العشر".
هل يمكن للمهجّرين العودة إذا تم إرساء النظام في سوريا؟
وحول إمكانية عودة اللاجئين إلى سوريا بعد استتباب الأمن فيها؛ يفيد شورباتير بأن البحث الدقيق في بعض الاستطلاعات الجادة، مثال الاستطلاع الذي أجراه البروفيسور "مراد أردوغان"، يكشف بأن الميل للعودة إلى سوريا قد انخفض على مر السنين بين مجتمع اللاجئين السوريين.
ويضيف: "تخبرنا النظريات العامة للهجرة أيضًا أنه مع زيادة مدة بقاء مجتمعات المهاجرين في بلد ما، يضعف ميلهم إلى العودة إلى وطنهم. ومع ذلك، من أجل أن نكون قادرين على التأكيد هنا، نحتاج إلى النظر في العديد من العوامل الأخرى فيما يتعلق باللاجئين. بادئ ذي بدء، في إطار حركات الهجرة الطوعية العامة، يمكن للمهاجرين الذين يعيشون في بلدان أخرى الاستفادة من الحقوق في تلك البلدان والتخطيط لمستقبل أنفسهم وأطفالهم في ذلك البلد".
في حال استمرار وجودهم في تركيا، كيف ينبغي ضمان اندماج السوريين في المجتمع؟
يُلزم التقييد الجغرافي الذي فرضته تركيا في اتفاقية جنيف عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، بإيجاد حلول دائمة خارج تركيا للاجئين من مواطني دول خارج أوروبا، إما إعادة التوطين في بلد ثالث أو العودة الطوعية، يقول شرباتير.
ويوضّح أن "العودة الطوعية غير ممكنة في هذا الوقت. كما أن فرص إعادة التوطين في بلد ثالث مقيدة بشدة. و(التكامل) -وهو خطة الحل الدائم الثالثة- غير ممكن قانونيًا بسبب القيود الجغرافية".
ويشدد شورباتير على أن الخطوة الأولى تتمثل في "تحديث القانون لإزالة التقييد الجغرافي. وأعتقد أن هذه يجب أن تكون الخطوة الأكثر إلحاحًا، ويمكن بعد ذلك تنفيذ سياسات التكامل بسياسات قابلة للقياس".
النساء في خطر
وتحدث رئيس مركز (IGAM) عن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها المرأة السورية في تركيا، حيث قال: "إن اللاجئات يعانين من هذه المأساة بشكل أكثر خطورة. المأساة تبدأ في بلدهن، فهن يواجهن مخاطر أكبر من مخاطر الرجال على طرق الهرب. وهن يواجهن تمييزًا خطيرًا في الحصول على المزايا والحقوق في البلدان التي ينتمين إليها".
ويضيف: "كما تعتبر الظروف الاقتصادية المتدهورة في تركيا، والوباء، والمستقبل المجهول، وزيادة المسؤوليات داخل الأسرة من أهم مشكلات اللاجئات. من حيث المجتمع الذي ينتمين إليه، لجأت العديد من السوريات إلى الخدمات المنزلية كدور اجتماعي. ليس لديهن المهارات المهنية التي يحتاجها اقتصاد البلد المضيف. العدد الكبير من الأطفال وكبار السن أو المعوقين في المنزل ورعاية الأطفال كلها على عاتق المرأة".
ويختم شورباتير: "ليس لدى المرأة وقت للدورات أو تعلم اللغة، وظروف المنزل سيئة بشكل عام. أما بالنسبة للواتي يرغبن في العمل، فلا توجد حضانة أو روضة أطفال حيث يمكنهن ترك أطفالهن بأمان. وبالنظر إلى زيادة حالات الطلاق، تحاول المرأة وحدها بصفتها رب الأسرة تربية أطفالها في هذه الاستحالة. إنهن يزددن صعوبة أكثر فأكثر. يجب التخفيف من كل هذه المشكلات بسرعة وبترتيبات قانونية جديدة قائمة على الحقوق، كما يجب تطوير فرص الإنتاج وفرص المساعدة في المنزل".