سجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قتل النظام السوري لما لا يقل عن 29 شخصاً بسبب التعذيب، واعتقال ما لا يقل عن 534 مدنياً بينهم 8 أطفالٍ و21 سيدة، وذلك بعد مرور 6 أشهر على صدور قرار من محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن طلب تحديد التدابير المؤقتة الذي قدمته كندا وهولندا في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب.
وذكرت الشبكة في تقرير صادر اليوم الخميس، أنه ومنذ أن أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي قرارها في 16 من تشرين الثاني 2023، بشأن طلب تحديد التدابير المؤقتة الذي قدمته كندا وهولندا في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من المعاملات، أو العقوبات القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة ضد النظام السوري، فإنّ الشبكة تقوم بمراقبة يومية دقيقة لانتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، وعمليات الاعتقال/الاحتجاز التي تقوم بها قواته.
قتل واعتقالات.. انتهاكات مستمرة للنظام السوري
ومنذ صدور قرار محكمة العدل الدولية في 16 من تشرين الثاني 2023 وحتى 16 من أيار 2024، وثقت الشبكة ما لا يقل عن 534 حالة اعتقال تعسفي بينهم 8 أطفال و21 سيدة تمَّ اعتقالهم داخل مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، أفرج عن 63 حالة منهم، وتحول 471 منهم إلى حالة اختفاء قسري.
كما سجل التقرير مقتل ما لا يقل عن 29 شخصاً بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، في المدة المشار إليها ذاتها، تم تسجيل تسليم جثمان واحد فقط من الضحايا لذويه، بينما لم يسجل تسليم جثامين الضحايا الآخرين.
ومع بداية عام 2024، تمكَّنت الشبكة من الحصول على بيانات وفيات جديدة لحالات لم يتم الكشف عنها سابقاً، مما يجعلها ترجح قيام النظام السوري بإرسال مزيد من بيانات المختفين قسرياً في مراكز احتجازه إلى دوائر السجل المدني لتسجيلهم كمتوفيين.
وقد سجلت الشبكة ما لا يقل عن 14 حالة، لمختفين تم تسجيلهم على أنَّهم متوفون في دوائر السجل المدني، وذلك منذ 16 من تشرين الثاني 2023 حتى 16 من أيار 2024.
ومن بين الحالات التي تم تسجيلها، كانت لعدد من الضحايا الذين هم على صلة قربى فيما بينهم، وحالات لناشطين سياسيين وطلاب جامعيين، وفي جميع الحالات لم يُذكَر سبب الوفاة، ولم يُسلِّم النظام الجثث للأهالي، ولم يُعلن عن الوفاة وقت حدوثها.
إعادة مركزية الأجهزة الأمنية
ووفقاً للتقرير، فإن النظام السوري عيّن قيادات عسكرية متورطة بارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في مناصب عليا في الأجهزة الأمنية، فمنذ مطلع عام 2024، أجرى النظام السوري تغييرات عديدة شملت قيادات الأجهزة الأمنية وتعديلات في مهام واختصاصات بعض الأفرع الأمنية.
ولفتت الشبكة إلى أنَّ جميع هذه الخطوات تهدف بشكل أساسي إلى إعادة مركزية الأجهزة الأمنية تحت إشراف مكتب الأمن الوطني، وإحكام السيطرة عليها بالكامل وضبط صلاحياتها بما يسمح به مكتب الأمن الوطني المرتبط بشكل مباشر مع بشار الأسد، خاصة بعد تدخل كل من إيران وروسيا في عمل عدد منها.
ومن بين أبرز القيادات الأمنية العسكرية المتورطة بارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي جرى تعيينها في مناصب عليا في عام 2024، علي مملوك في منصب مستشار رئيس الجمهورية العربية السورية لشؤون الأمن الوطني في الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، وكفاح ملحم في منصب رئيس مكتب الأمن الوطني في سوريا خلفاً للواء علي مملوك.
استجابة معدومة من النظام السوري
واستنتج التقرير، أنَّه وفقاً لحالات الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري الموثَّقة لدى الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في سوريا من قبل قوات النظام السوري فلا يوجد لديها أي مؤشر ينفي استمرار النظام في عمليات التعذيب، أو قيامه بأدنى الإجراءات كاستجابة لقرار التدابير المؤقتة الصادر عن محكمة العدل منذ صدوره، فضلاً عن استمرار احتجازه لما لا يقل عن 136192 شخصاً ما يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري ويعانون التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة له.
كذلك لم يقم النظام السوري بفتح تحقيق واحد عن اختفاء المواطنين السوريين أو تعذيبهم من قبل قواته، بل إنَّه شرعن قوانين تحميهم من العقاب.
وأوصت الشبكة محكمة العدل الدولية أن تصدر بياناً تقيّم فيه مدى التزام النظام بالإجراءات المؤقتة التي أصدرتها، وذلك بعد مضي أكثر من 6 أشهر على القرار، على اعتبار أنَّ هذه القضية تشكل اختباراً حقيقياً لمصداقية وسلطة المحكمة الدولية، وتحتم عليها أن تتخذ إجراءات فورية وفعالة للتصدي لهذه الانتهاكات وضمان تحقيق العدالة والمساءلة.
وتعتقد الشبكة أنه لا بدَّ من اتخاذ كل الإجراءات الممكنة ضد النظام السوري بما في ذلك إصدار قرار ملزم من مجلس الأمن يطالب بوقف التعذيب المنهجي الذي يشكل جرائم ضد الإنسانية، ويدين انتهاك النظام لقرار محكمة العدل الدولية.