أمرت "محكمة العدل الدولية"، يوم الخميس، النظام السوري بوقف جرائم التعذيب في سجونه في إطار القضية التي رفعتها هولندا وكندا ضده.
وقال رئيس المحكمة جوان دونوغو، بحسب رويترز: "يجب على سوريا (..) أن تتخذ كل الإجراءات التي في حدود سلطتها لمنع أعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (..) وضمان عدم ارتكاب مسؤوليها أو غيرهم الخاضعين لسيطرتها للتعذيب".
وطالبت الهيئة، المؤلفة من 15 قاضياً، النظام السوري بـ"ضمان الحفاظ على أي دليل محتمل حول مزاعم التعذيب، بما في ذلك التقارير الطبية وسجلات الوفاة".
قرار المحكمة وتوجيهها النظام السوري إلى "وقف التعذيب" بدا غريباً إلى حد ما، إذ استهجن كثيرون طلب المحكمة من النظام "الحفاظ على الأدلة التي تدينه!"، وتساءلوا عن جدوى "الأمر" بوقف التعذيب، الذي في حال نظر إليه النظام على محمل الجد وطبقه، سيكون إثباتاً إضافياً لارتكابه جرائم تعذيب بحق السوريين ويُضاف إلى ملف الأدلة.
لجنة التحقيق الدولية "ترحب"
من جانبها رحّبت "لجنة التحقيق الدولية" الخاصة بسوريا بقرار محكمة العدل الذي "يلزم النظام باتخاذ جميع التدابير لمنع التعذيب في سجونه".
ورأت اللجنة أن "هذا أمر تاريخي من أعلى محكمة في العالم لوقف التعذيب والاختفاء القسري والوفيات في مرافق الاحتجاز السورية".
وفي الشهر الماضي، اتهمت كندا وهولندا النظام السوري بانتهاك التزاماته بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب أمام أعلى محكمة في العالم، ولم يحضر النظام حتى جلسة الاستماع.
ودعت كندا وهولندا محكمة العدل الدولية إلى إصدار أمر "عاجل" بوقف التعذيب في السجون السورية، قائلتين إن "كل يوم له أهمية" بالنسبة لأولئك الذين ما يزالون رهن الاعتقال. بحسب وكالة فرانس برس.
مذكرة توقيف فرنسية بحق بشار وماهر الأسد
ويأتي الحكم بعد يوم من إصدار فرنسا مذكرة اعتقال دولية بحق رئيس النظام السوري بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد، المتهمَين بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، فيما يتعلق بالهجمات الكيميائية التي استهدفت غوطة دمشق الشرقية عام 2013.
وفي تشرين الأول الماضي، استمع قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي إلى شهادة مؤلمة من معتقلين سوريين يصفون الاغتصاب الجماعي والتشويه والتعذيب.
وطُلب من المحكمة إصدار "تدابير مؤقتة" لوقف التعذيب والاعتقال التعسفي في سوريا، وفتح السجون أمام المفتشين الخارجيين، وتوفير معلومات للعائلات حول مصير أحبائهم.
"التعذيب في سوريا "منتشر ومتأصل... ومستمر حتى اليوم"، حسبما كتبت كندا وهولندا في مذكرتهما المقدمة إلى محكمة العدل الدولية.
وأضاف التقرير أن الضحايا يعانون من "آلام ومعاناة جسدية وعقلية لا يمكن تصورها نتيجة لأعمال التعذيب، بما في ذلك المعاملة البغيضة في الاحتجاز... والعنف الجنسي والجنساني".
ويواصل النظام السوري عمليات الاعتقال التعسفي والاحتجاز القسري منذ بداية الثورة السورية حتى اليوم، وتشير قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن قرابة 135 ألف شخص ما زالوا قيد الاعتقال التعسفي من بينهم قرابة 96 ألف مختفٍ قسرياً.
وكشفت "صور قيصر" مقتل أكثر من 50 ألف معتقل تحت التعذيب في سجون النظام السوري، وتقاطعت مع شهادته المعلومات التي أدلى بها لاحقاً "حفار القبور" والتي وثقت عمليات قتل ودفن المعتقلين في مقابر جماعية سرية.