icon
التغطية الحية

تطور بصناعة المخدرات في سوريا.. شبكات صغيرة ومكابس يدوية في المنازل | فيديو

2023.05.24 | 14:52 دمشق

آخر تحديث: 24.05.2023 | 15:27 دمشق

تطور بصناعة المخدرات في سوريا
صناعة المخدرات في سوريا
درعا - خاص
+A
حجم الخط
-A

منذ أن سيطر نظام الأسد على محافظة درعا منتصف عام 2018 باتت تنتشر ما تعرف بمكابس المخدرات في المنطقة بشكل كبير، لتتحول المحافظة مركزاً لتهريب المخدرات نحو المملكة الأردنية ودول الخليج العربي، وقاعدةً للترويج المحلي واختبار النوعيّة. إلا أن عملية أمنية نفذتها فصائل محلية في درعا الأسبوع الفائت كشفت عن تطور في عملية صناعة وتجارة المخدرات في سوريا، حيث اعتقلت عصابة تنتج الحبوب المخدرة في المنازل بأدوات وقدرات بدائية.

وكان اتفاق التسوية بين النظام السوري وفصائل المعارضة مدخلاً مهمّاً لعملية إنتاج المخدرات في الجنوب السوري، ففي مطلع عام 2019 بدأ تصنيع الحبوب المخدرة من خلال أربعة معامل رئيسية في بادئ الأمر ضمن منطقتي اللجاة وخراب الشحم، ثم انتشرت لتصبح 11 معملاً في مناطق مختلفة وهي معامل تتمتع بقدرة إنتاجية تصل إلى أكثر من 10 ملايين حبة شهرياً بواسطة مكابس آلية ونصف آلية.

وألقت مجموعة من المقاتلين المحليين يوم السبت الفائت القبض على عصابة في مدينة نوى غربي درعا، تعمل ضمن شبكة واحدة في تصنيع المخدرات في المنازل بكميات أقل من تلك التي تنتجها المكابس الآلية، ومن ثم تهريب ما يتم إنتاجه إلى دول الخليج العربي، بحسب معلومات حصرية حصل عليها موقع تلفزيون سوريا.

وفي حين تحتكر عصابات النظام وحزب الله صناعة المخدرات والكبتاغون في منشآت صناعية ضخمة وعبر مكابس آلية، انتشرت  في الجنوب السوري منذ عام 2020 مكابس يدوية داخل محال تجارية أو منازل، ووصل عددها إلى نحو 80 معملاً صغيراً، ينتج المكبس الواحد ما يصل إلى 1000 حبة كبتاغون يومياً، إذ إن أعداد هذا النوع من المكابس آخذة بالازدياد إلى مصانع منزلية  أصغر.

الآن، تنتنشر هذه المعامل في محافظات الجنوب السوري: السويداء ودرعا والقنيطرة. 

وبالمقارنة بين إنتاجية معامل تصنيع المخدرات في الجنوب السوري - سواء المكابس الآلية الضخمة أو اليدوية الصغيرة - مع كمية شحنات المخدرات التي تعلن السلطات الأردنية عن ضبطها فإن الكميات المضبوطة تفوق قدرة تلك المعامل عن إنتاج المخدرات، الأمر الذي يكشف عن شحنات كبيرة من المخدرات تصل إلى مستودعات تخزين مؤقتة قرب الحدود السورية الأردنية قادمةً من لبنان ومناطق الساحل السوري وريف حمص مغلّفة ومخبئة بطرق متنوعة بين مواد البناء والخضراوات وغيرها.

ويعتمد كل من النظام السوري وحزب الله على شبكات تهريب تنقل الشحنات إلى مراكز تخزين مؤقتة قرب الحدود مع الأردن سواء في الجهة الجنوبية الشرقية من السويداء مثل قريتي خربة عواد والشعاب وعلى الخط الحدودي باتجاه دولة العراق، أو الجهة الجنوبية الغربية من محافظة درعا مثل قرية خراب الشحم ومحطة التنقية المائية.

اعترافات متورطين في تجارة وتهريب المخدرات

وحصل موقع تلفزيون سوريا على تسجيلات مصوّرة تظهر اعترافات لأفراد الشبكة التي ألقي القبض عليها يوم السبت الفائت، وتكشف ارتباطهم بنظام الأسد وميليشيا حزب الله اللبناني، بالإضافة لطريقة التصنيع وترفيق شحنات المخدرات ثم تهريبها عبر الحدود.

وضمن التسجيلات المصوّرة اعترف "بهاء محمد الناطور" من مواليد نوى 1985 وهو المسؤول الرئيسي عن عمليات التهريب الخاصة بشبكة التهريب، بدوره في الإشراف على تصنيع المخدرات عبر تركيب المواد الكيميائية ليصار إلى تحويلها إلى حبوب الكبتاغون.

وأضاف الناطور أنه يسلم كمية المخدرات المصنعة لشاحنة نقل خضر وفواكه والتي يقوم سائقها بإخفاء الحبوب داخل أجهزة الإطفاء الخاصة بالسيارة.

وتكشف اعترافات الناطور حصوله على المكبس الخاص بصناعة حبوب الكبتاغون من عناصر يتبعون لميليشيا حزب الله اللبناني، من خلال ارتباطه الوثيق بهم.

كما اعترف "محمد حسام حسين المطر" من مواليد 1986 أنه قام بتصنيع 20 كيلوغرامًا من المواد المخدرة بوساطة المكبس الخاص به داخل منزله في مدينة نوى، وذلك بعد تسلمه المواد الأولية عبر وسطاء من لبنان.

أما "ميسر عبدو الكرسوح" من مواليد 1982 اعترف بعمله في توزيع المواد الأولية على مكابس يدوية صغيرة داخل مدينة نوى غربي درعا، في حين يعمل شقيقه "مالك" على متابعة خط سير الشاحنات المحملة بالمخدرات من معبر نصيب الحدودي مع الأردن حتى وصولها إلى دول الخليج العربي.

وشهدت مدينة نوى ارتفاعاً ملحوظاً في عمليات ومحاولات الاغتيال التي طالت العاملين في تهريب وترويج المخدرات لصالح نظام الأسد والميليشيات المدعومة من قبل حزب الله وإيران.

ويتضح في سياق تجارة المخدرات جنوبي سوريا حالة التطور الكبيرة في صناعة الكبتاغون في سوريا من خلال إتاحة الصناعة لشبكات صغيرة، فهل يعني ذلك أن تجارة المخدرات ستغدو في المستقبل تجارة فردية؟

قال الحقوقي عاصم الزعبي لموقع تلفزيون سوريا "مهما طرأ على وضع صناعة الكبتاغون أو تمت محاربته كما يدعي النظام وهو غير جاد بهذا الأمر، فلا يمكن أن تتحول هذه الصناعة إلى فردية، بمعنى أن تتم بشكل فردي وتباع بشكل فردي أي لصالح مصنعها".

وأضاف الزعبي الذي أجرى العديد من الدراسات حول ملف المخدرات في الجنوب السوري: "هناك نوعان من شبكات التصنيع، شبكات كبيرة وتعمل ضمن نحو 11 معملًا تم تغيير مواقعها عقب قصف الأردن منزل مرعي الرمثان، وهناك خلايا صغيرة وهي تعمل بنظام المكابس اليدوية".

"لا يمكن بحال من الأحوال الفصل بينها، فجميعها من دون استثناء تعمل للنظام وحزب الله، بتراتبية محددة يمكن تسميتها التراتبية الهرمية"، بحسب الزعبي.

وأوضح أن "كل من يملك مكبس يدوي يجب عليه إنتاج كمية محددة في مدة زمنية محددة، ويتم تسليمها لمندوب، وهو لا يعرف أحدًا أعلى من هذا المندوب، والمندوب يسلم المواد المصنعة لشخص آخر، وهكذا حتى تصل إلى المهرب الرئيسي أو الموزع الرئيسي" .

وأشار إلى "كل شخص يحاول الخروج عن الخط المرسوم له تتم تصفيته، وقد شاهد الجميع خلال السنوات الماضية تصفية عدد من العاملين في تجارة المخدرات".

صناعة الكبتاغون عبر سلاسل التوريد

يقول الزعبي إن صناعة الكبتاغون تعتمد على مبدأ سلاسل التوريد، ابتداء من الحصول على المواد الأولية اللازمة والتي يتم جلبها عبر الاستيراد من خلال تمريرها على دولة ثالثة وهذا الأمر بالنسبة للمواد الدوائية التي تستخدم في صناعة الكبتاغون الذي يتمتع بجودة عالية مثل حبوب "لكزس" التي يتم تهريبها إلى الأردن.

حبوب مخدرة من نوعية "لكزس"

ويشير إلى أن هذه المواد الدوائية يتم شراؤها عبر وسطاء من حزب الله، لبنانيي الجنسية، من دول أفريقية وتمر على ميناء جبل علي في دبي وتحصل هناك على شهادة منشأ كمواد لصناعة الأدوية.

بعد ذلك تصل إلى موانىء لبنان أو سوريا، بنفس طريقة وصول شحنات الأمونيوم التي استوردها النظام وحزب الله وانفجرت في مرفأ بيروت، بحسب وصف الزعبي.

ويختم الزعبي حديثه "لا يمكن لأي شخص يملك مكبسًا يدوي العمل من دون الحصول على المواد الأولية ونسب المواد في الخلط، أي العملية يمكن أن تكون دورة كاملة، وهنا تكمن الصعوبة في ملاحقتها وتفكيكها".

مجموعات محلية تكافح تهريب المخدرات بدرعا

سبق أن أعلنت العديد من المجموعات المحلية من بقايا فصائل المعارضة عن استهداف مواقع تصنيع المخدرات في عدد من المناطق بدرعا، لا سيما إصدار بيانات تحذر العاملين على إنتاج المخدرات وتهريبها.

في كانون الأول/ديسمبر 2022 استهدفت مجموعة محلية بعبوة ناسفة منزلاً في بلدة خراب الشحم غربي درعا، يستخدمه تجار المخدرات للاجتماعات وتنسيق عمليات تهريب المواد المخدرة إلى الأردن.

ويسكن المنزل المستهدف المدعو "سلامة الخالدي" وهو يعمل على تسيير شحنات المخدرات وإدارة تهريبها، لا سيّما مع ورود معلومات عن وجود مكبس لإنتاج المخدرات داخل المنزل.

وفي الشهر ذاته اشتبكت مجموعة محلية معارضة بالأسلحة الخفيفة مع عناصر مجموعة تتبع لجهاز الأمن العسكري يتزعمها القيادي "مصطفى المسالمة" الملقب بالكسم خلال محاولة مجموعة الأمن العسكري تهريب شحنة مخدرات باتجاه الأراضي الأردنية في محيط محطة التنقية المائية.

ويعرف عن محطة التنقية القريبة من خراب الشحم أن الميليشيات تستخدم مقراً فيها لتخزين المخدرات بشكل مؤقت ثم تهريبها نحو الأراضي الأردنية، وتستخدم الميليشيات هذا الموقع في بعض الأحيان طائرات مسيّرة محمّلة بالمخدرات. والمحطة كانت هدفاً للطائرات الأردنية في الثامن من الشهر الجاري.

وفي شباط/فبراير 2023 استهدفت مجموعة محلية منزلاً بقذائف RPG تعود ملكيته لتاجر المخدرات "أحمد مهاوش" الملقب بـ (أبو سالم الخالدي) يستخدمه تجار المخدرات للاجتماعات وتنسيق عمليات تهريب المواد المخدرة، ما أدى إلى حدوث انفجارات داخل المنزل الذي يقع آخر طريق العجمي على مفرق قرية زيزون.

وفي 18 أيّار/مايو الجاري نشرت مجموعة محلية في درعا البلد ملصقات ورقية تحذر تجار ومروجي المخدرات من مغبة الاستمرار في عمليات الترويج والبيع في المنطقة.