شهد اليوم السبت تطورات عسكرية متسارعة ومفاجئة، من شأنها التأثير على المشهد كاملاً في الشمال السوري.
الجيش الوطني السوري تجاوز التفاهمات الروسية – التركية الصامدة منذ إطلاق مسار "أستانا" حول سوريا، وشن هجمات في ريف منطقة الباب شمال شرق حلب، وذلك قبل ساعات فقط من تدشين الفصائل العسكرية المسيطرة على محافظة إدلب لعملية عسكرية في ضواحي مدينة حلب الغربية.
بدوره أنشأ الجيش التركي نقاط مراقبة جديدة في محيط مدينة "سراقب" شمال شرق إدلب، بالتزامن مع محاولات قوات الأسد المدعومة روسياً التقدم إليها.
إطلاق معركة غربي حلب
شنت الفصائل العسكرية وأبرزها "الجبهة الوطنية للتحرير" و"هيئة تحرير الشام"، هجوماً واسعاً على مواقع الميليشيات الإيرانية وقوات الأسد في حي جمعية الزهراء غرب حلب.
وأكد مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا أن الهجوم جرى الإعداد له على مدار عدة أشهر ماضية، وذلك بعد أن أيقنت الفصائل العسكرية بأن روسيا ستمضي بالحل العسكري في إدلب ومحيطها إلى النهاية.
ونجحت الفصائل خلال الساعات الأولى بكسر خط الدفاع الأول، والسيطرة على أربعة نقاط وهي: منطقة مسجد الرسول الأعظم - دوار المالية في حي جمعية الزهراء – دار الأيتام – كتلة مدرسة الطبري، ليصبح مبنى فرع المخابرات الجوية تحت نيران أسلحتهم، كما استولى المهاجمون على أربع دبابات.
وتدور حالياً مواجهات مباشرة وحرب شوارع بين الفصائل العسكرية، وقوات الأسد والميليشيات الإيرانية داخل جميعة الزهراء، وذلك بهدف إحراز مزيد من التقدم والتوغل في العمق.
وكان الجانب التركي قد أبلغ الفصائل العسكرية في وقت سابق أن روسيا ونظام الأسد لم يعودوا مهتمين بتنفيذ تفاهم "سوتشي" الخاص بمنطقة إدلب، الأمر الذي يتيح للفصائل الرد على العمليات العسكرية التي تنفذها روسيا ونظام الأسد منذ أشهر.
الجيش الوطني السوري يستمر بتعزيز جبهات إدلب وحلب
استمرت قوات "الجيش الوطني السوري" بالوصول إلى جبهات محافظة إدلب، وريف حلب الغربي، لليوم الثالث على التوالي، ليرتفع عدد المقاتلين الذين وصلوا للجبهات المشتعلة مع قوات الأسد المدعومة روسياً إلى أكثر من 800 مقاتل.
وبحسب ما أكدته مصادر في "الجيش الوطني السوري" لموقع تلفزيون سوريا، فإن رتلين عسكريين أحدهما يتبع لـ "لواء السمرقند"، والثاني يتبع للواء "112" وصلوا تباعاً إلى منطقة "جبل الزاوية" وريف سراقب، من أجل المشاركة في صد الهجوم على المنطقة.
وسبق هذين الرتلين وصول قوة عسكرية تتبع لفيلق المجد المنضوي ضمن "الجيش الوطني السوري" إلى ريف حلب الغربي، من أجل تعزيز خطوط الاشتباك مع قوات الأسد والميليشيات الإيرانية.
وشنت صباح اليوم فصائل "الجيش الوطني السوري" هجوماً على مواقع تتبع لروسيا شمال شرق مدينة الباب بريف حلب، وتمكنوا من خلاله السيطرة على نقطة مراقبة روسية في قرية "الشعالة".
تركيا تسعى لتجنب خسارة "سراقب"
تتميز مدينة "سراقب" بمحافظة إدلب بموقع استراتيجي مهم، حيث تعتبر عقدة مواصلات يجتمع فيها طريقا m4 وm5 الدوليان، والبوابة التي تصل محافظة حلب مع كل من إدلب واللاذقية.
وأنشأ الجيش التركي خلال الـ 72 ساعة الماضية ثلاث نقاط مراقبة جديدة تحيط بـ "سراقب" إحداها في مدخلها الشرقي، والثانية على الطريق الدولي m5 شمال المدينة بحوالي 2 كيلومتر، والثالثة جنوب المدينة، على أن يتم إنشاء نقطتين إضافيتين في وقت لاحق.
النقاط التي جرى استحداثها من قبل الجيش التركي، تمركز بداخلها العشرات من الجنود ودبابات ومدافع ومجنزرات، كما تم نصب "رادار" في منطقة الإذاعة.
تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه قوات الأسد التي باتت تبعد عن سراقب أقل من 10 كيلومترات الوصول إلى مركزها، حيث شهدت الأيام الماضية اشتباكات عنيفة مع الفصائل المقاتلة التي تدافع عنها، تركزت على جبهتي "لوف" و "تل مرديخ"، وتميزت هذه المعارك باستخدام صواريخ مضادة للدروع مزودة بمناظير ليلية الرؤية من قبل "الجبهة الوطنية للتحرير"، أدت لإعاقة تقدم قوات الأسد بشكل كبير.
وفد عسكري أمريكي يصل قاعدة "أنجرليك"
أفادت مصادر مطلعة لموقع تلفزيون سوريا أن وفداً عسكرياً أمريكياً وصل مؤخراً إلى قاعدة "أنجرليك" التركية، إحدى مراكز العمليات العسكرية للتحالف الدولي، وذلك بهدف مراقبة الأوضاع عن قرب في شمال غرب سوريا.
وصعدت واشنطن مؤخراً من لهجتها ضد روسيا ونظام الأسد، حيث أصدر وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" الأسبوع الفائت بياناً طالب فيه موسكو ونظام الأسد والميليشيات الإيرانية بوقف الهجوم فوراً على إدلب.
وتحظى ضواحي حلب الغربية باهتمام أمريكي خاص بسبب انتشار الميليشيات الإيرانية فيها، حيث طالب ممثلون عن الخارجية الأمريكية قبل عدة أسابيع فصائل الجيش الوطني السوري بتكثيف جهودها لحماية الشعب السوري من هجمات تلك الميليشيات، وذلك خلال لقاء جمع الطرفين في العاصمة التركية أنقرة.
ومن المحتمل أن تشهد الفترة المقبلة تقارباً تركياً – أمريكاً بما يخص الشأن السوري، في ظل التعنت الروسي والعمل على إنهاء الاتفاقيات حول إدلب وحسم الملف عسكرياً.