صدرت نتائج امتحانات الشهادة الإعدادية في سوريا لعام 2022 منذ أسبوعين تقريبا، وتم نشرها بسرعة كبيرة بعد إرغام المصححين على العمل لساعات الفجر من أجل إنهاء التصحيح على أضواء "فلاش" الموبايل وعلى حساب صحتهم، في خطوة اعتبرها كثيرون سبباً للوقوع في العديد من الأخطاء، وفق حديث أحد المدققين لـ موقع تلفزيون سوريا.
نتائج مخيبة للأهالي وغير متوقعة لآخرين
وكالعادة كل عام يتم نشر النتائج على موقع وزارة التربية السورية، وهذا العام أحدثت الوزارة تطبيقاً يستطيع الطالب من خلاله الحصول على مجموعه بهدف تخفيف الضغط والحصول على العلامات بسهولة. ولكن المفاجأة كانت بتعطل التطبيق وتوقف موقع الوزارة عن العمل وتأخر النتيجة عن الصدور قرابة الساعة، ما سبب ضغطاً إضافياً وتوتراً للطلبة وأهاليهم.
وما إن بدأت النتائج بالصدور حتى بدأت شبكات التواصل الاجتماعي تضج بمنشورات عن مشكلات في التصحيح، وعن طلاب نالوا الصفر في مادة اللغة العربية بالرغم من أن علاماتهم في بقية المواد تامة أو شبه تامة.
ربا والدة إحدى الطالبات التي حصلت ابنتها على مجموع شبه تام في معظم المواد تفاجأت برسوب ابنتها بسبب نيلها درجة الصفر في اللغة العربية وهو ما جعلها تصدم حقاً، فكيف لطالبة أن تحصل على علامات شبه تامة في جميع المواد وترسب في اللغة العربية!.
وقالت: "تقدمنا بطلب اعتراض لعل وعسى يكون هناك خطأ في إدخال العلامة أو خطأ في التصحيح، لم نطالب بتسريع إصدار النتائج وكمية الاعتراضات على النتائج تؤكد أن السرعة التي حصلت في تصحيح المواد هي السبب في الأخطاء الكثيرة".
وبالفعل في اليوم التالي لصدور النتائج كانت مديرية الامتحانات في كل المحافظات تعج بالطلاب وذويهم ممن أرادوا الاعتراض والطعن بمجموع علاماتهم، فحالة ابنة ربا ليست الوحيدة، فما إن يحاول أي شخص البحث في صفحات الفيسبوك عن نتائج الشهادة الإعدادية ليجد كثيراً من المنشورات تتحدث عن طلاب تم إعطاؤهم علامة الصفر في اللغة العربية أو علامة أقل من علامة النجاح بعكس المواد الأخرى التي تكون العلامات فيها شبه تامة ما يؤكد شكوك الأهالي حول وقوع أخطاء في التصحيح.
تهامة، مدرسة شاركت سابقاً في عمليات التصحيح، تجد أنه قد يحصل أحياناً أخطاء في جمع العلامات أو بإدخالها الكومبيوتر وهو مايمكن تصحيحه بسهولة، ولكنها لا تقبل كمية الاعتراضات التي تقدم بها بعض أهالي الطلاب بسبب خسارة أبنائهم أجزاءً من العلامة، تقول لموقع تلفزيون سوريا "أتفهم حب الطالب لنيل علامات تامة وأتفهم رغبة أهاليهم بذلك، ولكن هل يعقل الاعتراض على حصول الطالب علامة 38.9 بدل من 40 في مادة العلوم مثلا؟ من المضحك الحديث عن أجزاء من العلامة".
ووجدت تهامة هذا التصرف يؤثر على الطلاب ويضيع فرحتهم ويحطم ثقتهم بنفسهم بدلاً من تشجيعهم وتعويدهم أن العلامة التامة لا تعني دائماً التفوق وأن ذلك يجب أن يكون دافعاً لتصحيح أخطائهم، وفي الوقت نفسه قالت إن هذه الاعتراضات على أجزاء من العلامة تضيع أهمية الاعتراضات مثل حالة ابنة ربا، خصوصاً أن كثيراً من الطلبة تفاجؤوا بعلاماتهم في مواد أخرى كالاجتماعيات.
مراكز امتحانية تسعّر حسب الخدمة
جرت العادة في سوريا أن يستطيع ذوو النفوذ والأغنياء مساعدة أبنائهم في تقديم الامتحانات من خلال دفع نقود للمراقبين أو إدخال أسئلة تم حلها لقاعة الامتحانات، وبعد تطور التكنولوجيا بات الطلاب يشترون سماعات أذن وعند بدء الامتحان يقوم شخص من خارج المركز بالاتصال بهم وإعطائهم الحل كاملاً.
وبسبب التذمر الشعبي الواسع قامت وزارة الاتصالات بقطع الاتصالات في فترة ماقبل تقديم الامتحانات لضمان عدم حصول مثل هذه الأمور ولكن مع ذلك كان أصحاب النفوذ يسربون حلول الأسئلة.
وهذا العام حصل كل شيء علناً بدون أي حسيب أو رقيب في اللاذقية، فمراكز امتحانية تم شراؤها بالكامل ودفعت مبالغ كبيرة للمراقبين وكل خدمة يطلبها من لديه ابن في صف التاسع أو في الشهادة الثانوية لها سعر محدد.
سعيد رجل لديه طفلان تقدما لامتحان الشهادتين الإعدادية والثانوية، يحزن على التعب والجهد الذي صرفه ولداه والدراسة المتواصلة من أجل تحقيق التفوق في الوقت الذي يقضيه غيرهم بالتسلية ويحصلون على مجموع يقارب مجموعه أو أكثر ومن دون تعب. وأكد سعيد أن هذه التجارة نشطت خلال فترة الامتحانات من حيث تسعير الخدمات والسماسرة، فكانت كلفة الدفع للمركز الامتحاني مع وجود أستاذ يحل الأسئلة للطالب ويدخلها للقاعة مالا يقل عن 5 ملايين ليرة سورية، وفي حال كان الطالب لديه أستاذ خاص ينخفض السعر لمليوني ليرة سورية.
"معيب حقاً هذا الأمر، جارنا اشترى المركز لابنه ودفع مايقارب 6 ملايين ليرة ليضمن نجاح ابنه وتفوقه، فهل أصبح التعليم لذوي الأموال؟ والفقراء عوضهم على الله؟"
بحسب سعيد الأمور تحصل بعلم مديرية التربية والمسؤولين، وكل رئيس مركز امتحاني يقبض هذه المبالغ يدفع لمدير التربية مبلغاً معيناً وهكذا تجري الأمور.
مطالبات بتغيير شهادة التاسع لتعليم انتقالي
كانت في السابق شهادة المرحلة الإعدادية، تعتبر بمثابة تقييم للطلاب بعد انتهائهم من مرحلة وانتقالهم لأخرى، وبحسب مجموعهم يدخلون التعليم العام أو التعليم المهني، ورغم كونه شهادة لا تحدد المصير فعلياً إلا أنها حظيت بأهمية من حيث تقسيم الطلاب حسب مجموعهم وتفوقهم وتعطي نظرة عن مستوى الطلاب واجتهادهم.
اقرأ أيضا: كم بلغت نسبة النجاح بشهادة التاسع في سوريا؟
وبعد كل المشكلات التي حصلت وتحصل خلال فترة الامتحانات، انعدمت الثقة في مصداقية هذه الشهادة من قبل أهالي الطلاب والمدرسين نفسهم، فمن غير المعقول أن يتفوق طلاب كسالى بعلامات عالية في هذه الشهادة فقط لأنهم يملكون النقود أو النفوذ والواسطة.
عبد مدرس مخضرم في المرحلة الإعدادية، شهد تغير تقييم الطلاب وتغير مستوى هذه الشهادة من شهادة تقيم مستوى الطلاب بشكل مبدئي قبل الشهادة الثانوية لشهادة لا قيمة لها ولا مصداقية، ويرى عبد أن تحويل صف التاسع لصف انتقالي يعيد قليلاً من الضوابط لهذه المرحلة، وتبقى شهادة لا يظلم فيها الطلاب كما يحصل اليوم، وهذه ليست مطالبة عبد فقط بل مطالبة كثير من المدرسين وأهالي الطلاب.
وحيث بلغ عدد الطلاب الحاصلين على العلامة التامة 3100 درجة في شهادة التعليم الأساسي 97 تلميذاً وتلميذة موزعين كالتالي: 25 في دمشق و9 في ريفها و2 في كل من القنيطرة وحماة و5 في كل من السويداء والحسكة وحلب و3 في حمص و1 في درعا و7 في اللاذقية و31 في طرطوس.