ملخص:
- انتشار التدخين بين طلاب المدارس في سوريا يشمل الجنسين، وسط مظاهر التفاخر.
- حملات التوعية لا تجد التزاماً من الطلاب، وإدارات المدارس تفرض عقوبات.
- ضعف الرقابة وانتشار الفساد يسهمان في تفاقم الظاهرة.
ازدادت ظاهرة التدخين بين طلاب المدارس ضمن مناطق سيطرة النظام السوري خلال الفترة الأخيرة، مع تزايد التفاخر بحمل السيجارة كرمز للرجولة، وتشمل هذه الظاهرة اليافعين من الجنسين، إذ تلجأ بعض الفتيات إلى التدخين في الأماكن المغلقة مثل دورات المياه.
ويقول أحمد، طالب في الثانوية العامة، إنه بدأ التدخين منذ سنتين بعد نجاحه في الصف التاسع، كما يعترف بمعرفته بضرر هذه العادة، لكنه يعزو استمراره فيها إلى تأثير والده وإخوته المدخنين، رغم محاولات والدته المتكررة لإقناعه بالإقلاع.
أما زميله سومر، فيوضح لموقع "أثر برس" المقرب من النظام، أن المشرفة الصحية بالمدرسة تقوم بجولات توعوية، لكن الطلاب لا يلتزمون بالنصائح، مشيراً إلى أنه يحتاج إلى علبة سجائر كاملة يومياً، مؤكداً أن معظم أصدقائه يدخنون، سواء سراً أو علناً، من دون الخوف من إدارة المدرسة.
ما عقوبة التدخين؟
من جانبه، يؤكد مدير إحدى مدارس الحلقة الثانية (من السابع حتى التاسع) أن التدخين داخل الحرم المدرسي ممنوع تماماً، وعند اكتشاف أي حالة تدخين يُستدعى ولي أمر الطالب لتوقيع تعهد، مع فرض عقوبات تتدرج من الفصل الداخلي إلى الفصل النهائي في حال التكرار.
وتشير مديرة مدرسة ثانوية للبنات إلى أن حالات التدخين لم تعد تقتصر على الذكور، بل انتشرت بين الفتيات، اللاتي يلجأن إلى التدخين في دورات المياه أو خلال حصص الفراغ، موضحة أن إدارة المدرسة تتخذ إجراءات صارمة تشمل استدعاء ولي الأمر والفصل النهائي عند تكرار المخالفة.
من جانبها، أوضحت كوثر عنتباوي، مديرة برنامج التدخين في محافظة ريف دمشق، أن مديرية الصحة بالتعاون مع مديرية التربية تنظم جولات تثقيفية تهدف إلى توعية الطلاب بمخاطر التدخين، مؤكدة أن الاستبيانات التي أُجريت لقياس انتشار الظاهرة لم تصدر نتائجها بعد.
بدوره، يؤكد سامر خاروف، منسق برنامج التدخين في محافظة دمشق، أن فرق التوعية الصحية تواصل زياراتها التثقيفية للمدارس، مشيراً إلى أن التدخين يتسبب بدخول 7000 مادة سامة إلى جسم الإنسان، مما يؤثر على وظيفته الحيوية بشكل كبير.
فساد وضعف رقابة
إلى جانب الأضرار الصحية الكبيرة الناجمة عن انتشار التدخين بين طلاب المدارس، تتفاقم المشكلة بسبب ضعف الرقابة وعدم اتخاذ إجراءات صارمة لحماية الفئات الشابة من الوقوع في هذا السلوك الضار، إذ يعاني الطلاب من تأثير التدخين على صحتهم الجسدية والعقلية، ما يهدد مستقبل الأجيال ويزيد من الأعباء على المنظومة الصحية.
ولا تقتصر خطورة انتشار التدخين على الجانب الصحي فقط، بل تنعكس أيضاً على المستوى الاجتماعي، إذ تزداد مظاهر التفاخر بحمل السيجارة بين الطلاب كرمز للرجولة والاستقلال، مما يعمّق القيم السلبية بين الشباب ويؤدي إلى زيادة السلوكيات غير المرغوبة.
ويتطلب التصدي لهذه الظاهرة جهداً مجتمعياً يبدأ من توعية الأهل وتفعيل دور المدارس بشكل فعّال، بدلاً من الاكتفاء بإجراءات شكلية.
ومما يزيد الوضع تعقيداً، انتشار الفساد في المدارس، إذ تشير تقارير محلية إلى تواطؤ بعض المسؤولين التربويين في التغطية على ممارسات التدخين أو التغاضي عنها، مقابل مصالح شخصية أو رشوات تُدفع من أولياء الأمور لتجنب العقوبات.