كشفت تسريبات نشرتها مجموعة هاكرز إيرانية تُطلق على نفسها اسم شبكة "بختك"، عن جهود إيران في السيطرة على سوق الزيوت والشحوم في سوريا، وإنشاء شركة "واجهة" لإدارة تحويل الأموال الإيرانية من وإلى سوريا و15 دولة أخرى.
جاءت تلك التسريبات بعد إعلان شبكة "بختك" اختراقها لـ"مؤسسة المستضعفين (المعروفة باسم بنياد)"، وهي إحدى المؤسسات التابعة لـ مكتب المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي.
ونشرت "بختك" بعض الملفات التي حصلت عليها، وتكشف عن قضايا مثيرة للاهتمام حيال بعض نشاطات أحد أضخم المؤسسات الاقتصادية (مؤسسة المستضعفين)، التي تُدار بشكل مباشر من قبل مكتب "خامنئي" و"الحرس الثوري" الإيراني في سوريا ولبنان.
السيطرة على سوق الزيوت ومواد التشحيم في سوريا
يكشف الملف السرّي الأول المؤرخ بـ27 من يوليو/ تموز 2021، عن فحوى رسالة سرية جداً مرسلة من الشركة القابضة "غستر سينا للطاقة (سيدكو)"، وهي إحدى الشركات الفرعية لـ"مؤسسة المستضعفين"، إلى جواد أوجي، الرئيس التنفيذي السابق لشركة الغاز الوطنية الإيرانية، والرئيس التنفيذي لشركة "غستر" سابقاً.
وتتضمن موافقات وتراخيص تأسيس شركة "واجهة" في سوريا من قبل الشركة الإيرانية "بهران" للنفط، وهي إحدى الشركات الفرعية التابعة لشركة "غستر" أيضاً، وذلك بهدف السيطرة على سوق زيوت السيارات ومختلف أنواع الشحوم في سوريا.
وتشير الرسالة السرية إلى أنّ شركة "بهران" للنفط تسعى إلى أن تصبح شركة متعددة الجنسيات وتطور علامتها التجارية على المستوى الإقليمي، ولذلك تبحث عن قواعد تشغيلية مناسبة في المنطقة وتغطية أسواق الدول المجاورة.
وتذكر الرسالة المسرّبة أن استراتيجية شركة بهران هي "الوجود والتأثير والتطوير"، مما يعني أنه من خلال الوجود في السوق والسيطرة المباشرة على قواعد التشغيل، فإنها توفر الأسس لنمو وتطوير العلامة التجارية وسوق "بهران"، بهدف اكتساب حصة السوق.
وتوضّح الرسالة أنّه مع التحقيقات التي أجريت على سوق الزيوت ومواد التشحيم في سوريا ومشكلات توفير المواد الأولية ورأس المال العامل من قبل المنتجين المحليين، يوجد حالياً عجز كبير بين الطلب والإنتاج في ذلك البلد.
وتؤكّد أن وجود شركة "بهران" في سوريا، يمكّنها من ملء الفراغ بشكل كبير والمشاركة في السوق، من خلال المشاركة في الإنتاج (في الموقع) عن طريق إنشاء علامة تجارية محلية حصرية.
وتبيّن الرسالة، تأسيس "بهران" لشركة تصنيعية تجارية في سوريا من خلال شركة أخرى في إحدى المناطق الحرة بإيران (وافق عليها الاجتماع الرابع للجنة الإجراءات والتدابير الخاصة)، وذلك بهدف الدخول إلى سوق الزيوت ومواد التشحيم بطريقة المشاركة أو إنتاج العمالة المدفوعة الأجر أو النقل بالجملة للمنتج النهائي وتعبئته في المكان عن طريق تسجيل علامة تجارية خاصة.
وتوضّح الرسالة السرية أنّ سبب تأسيس الشركة في سوريا من خلال شركة أُخرى في المنطقة الحرة في إيران "هو منع الكشف عن العلاقة مع شركة بهران، وتقليل المخاطر الناجمة عن عقوبات قانون قيصر على سوريا".
والمخطط المرسوم داخل الملف المسرّب، يكشف بشكل أوسع عن علاقات مثيرة للاهتمام على الجانبين الإيراني السوري، إذا يقترح تشكيل شركة في المنطقة الإيرانية الحرة (خاصة بسوريا فقط) من قبل شركة بهران الإيرانية، وإنشاء شركة واجهة على الجانب السوري بالتنسيق مع مصفاة حمص وشركة "سادكوب" السوريّة، ما يشير إلى تورّط كل هذه الأطراف بعملية التحايل المزمع عقدها.
شركة واجهة لإدارة تحويل الأموال الإيرانية من وإلى سوريا و15 دولة أخرى
في الملف الثاني المسرّب، تُظهر رسالة جديدة من السيد غلام رضا فتح علي -رئيس بنك سينا الإيراني- إلى المهندس برويز فتاح -رئيس "مؤسسة المستضعفين (بنياد)"- يطلب فيها الموافقة على طلب ترخيص لتأسيس شركة "راهبر" لإدارة أنشطة التغطية والتحايل على العقوبات.
ويقول الملف: "تماشياً مع تنفيذ إجراءات سيادتكم وقرار لجنة التغطية (شركات الواجهة) التابعة لهيئة مواجهة العقوبات (المجلس الأعلى للأمن القومي)، ووفقاً لقرار مجلس إدارة بنك سينا، يرجى، إذا لزم الأمر، إنشاء شركة راهبر (بحسب قرار التحايل والتغطية) من قبل هذا البنك، من أجل إدارة الأنشطة السرية للتغطية والتحايل على العقوبات وتسهيل التجارة الخارجية وتحويل أموال العملات الأجنبية إلى مؤسسة المستضعفين (بنياد) والشركات التابعة لها والعملاء الآخرين في سوريا و15 دولة أخرى.
إيران قدمت أكثر من مليوني دولار لـ"حزب الله"
يكشف الملف الثالث المسرّب عن نتائج اجتماع لـ هيئة أمناء "مؤسسة المستضعفين" الإيرانية، في أعقاب الانفجار المميت والأضرار التي لحقت بمرفأ بيروت، والذي اتُهمت ميليشيات "حزب الله" اللبناني بالوقوف خلفه.
ويذكر الملف أن رئيس لجنة "الخميني" للإغاثة أبدى استعداده لإرسال "مساعدات إنسانية" بعد الأضرار الجسيمة التي لحقت بالشعب اللبناني، وطلب تقديم ما يعادل "مليوني دولار" نقداً إلى لجنة إغاثة لبنان (الفرع اللبناني للجنة الخميني) عبر إيران وصرفها على "شؤون المحرومين والجرحى" بالتنسيق مع الأمين العام للحزب.
ويبيّن الملف أن "إسماعيل قاآني (قائد فيلق القدس) أوضح في رسالة ثانية أنّ بعض الضحايا والمتضررين من انفجار مرفأ بيروت هم من (شيعة لبنان)"، مشيراً إلى أنّ تضرّر أنظمة الإنتاج وشبكات إمدادات الطاقة وصوامع تخزين الدقيق في مرفأ بيروت، وانهيار نوافذ المباني المكتبية والسكنية حتى نصف قطر عدة كيلومترات في هذا الحادث".
ويؤكّد الملف أنّ "فيلق القدس طلب تقديم ما يعادل مليون دولار نقداً ومولدات كهرباء وطعام لتوزيعها على أهالي بيروت".
كذلك، يذكر الملف المسرّب أنّ "مفاوضات وعمليات تنسيق جرت مع مكتب خامنئي، والعميد سلامي القائد العام للحرس الثوري، والعميد إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس، ورئيس هيئة أمناء مؤسسة المستضعفين، وحزب الله اللبناني، فيما يتعلق بطريقة تقديم وتوزيع هذه المساعدات".