icon
التغطية الحية

تدخين وكحول ومخدرات.. كيف يرعى نظام الكبتاغون تخريب المدارس في سوريا؟

2024.01.31 | 11:59 دمشق

آخر تحديث: 31.01.2024 | 13:04 دمشق

المخدرات في سوريا
ترويج المخدرات بالمدارس والثانويات في سوريا
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

لم يعد وضع المدارس الحكومية في مناطق سيطرة النظام السوري على صلة بالوضع التعليمي والتربوي بقدر ما هو مكان يوفر الآفات والممنوعات للأطفال واليافعين والمراهقين في تهديد مباشر لمستقبل الأطفال السوريين عبر ترويج المخدرات وتسهيل استخدامها للطلاب.

وفي المدارس التي تديرها وزارة التربية والتعليم في حكومة النظام السوري، يتوفر بيع الدخان والمشروبات الكحولية وصولاً إلى المخدرات بأنواعها بدءاً من حبوب الترامادول وليس انتهاءً بأقراص الكبتاغون بشكل شبه علني وعلى مرأى من الجميع.

ويعتبر النظام السوري وإيران وحزب الله من أبرز منتجي ومصدري المخدرات في العالم اليوم، حيث تشتكي الكثير من دول العالم، وخصوصاً الأردن والخليج العربي من تصدير المخدرات بمختلف أنواعها بشكل متواصل من مناطق النظام إلى أراضيهم.

ولا يعد هذا أمراً سرياً في سوريا، حيث ينتشر ذلك في إعلام النظام السوري، حتى إن منظمة اليونيسكو لمكافحة المنشطات في سوريا (تابعة للأمم المتحدة)، أكّدت انتشار المنشطات والكبتاغون والترامادول والعديد من المواد المخدرة الأخرى بين طلاب المدارس والجامعات في مناطق سيطرة النظام.

ولم يكن الحصول على المخدرات في سوريا سهلاً من قبل، وإن كانت تجارته على ارتباط وثيق بأجهزة المخابرات وقوات النظام في كل ما يتعلق بالقوات المسلحة أو حتى شرطة المرور والعاملين المدنيين في كل من وزارتي الدفاع والداخلية.

ورصد موقع "تلفزيون سوريا" حالة انتشار المخدرات في صفوف طلاب المدارس، وخصوصاً من هم في فئة الثانوية بشكل أكبر من الإعدادية والابتدائية التي ينتشر فيها التدخين بشكل أكبر.

الترويج بين الطلاب

وقال مدير إحدى مدارس ريف دمشق (فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية) لموقع "تلفزيون سوريا" إن تجارة المخدرات أصبحت حيوية إلى درجة كبيرة في عموم سوريا وخاصة في المناطق ذات الدخل الاقتصادي الجيد على عكس ما كان سابقاً، حيث يفضل تجار المخدرات ترويج بضاعتهم في أماكن تحقق لهم ربحاً جيداً".

وأضاف أن "وزارة التربية والتعليم ترسل لنا نشرات دورية بأن هناك تقارير تفيد بوجود بيع للمخدرات في المدارس وعلى الإدارات أن تمنع ذلك".

وأشار إلى أن هذه النشرات لا ترسل لو لم يكن هناك خطر حقيقي محدق من انتشار المخدرات في المدارس، ورغم أن الأجهزة الأمنية في النظام والميليشيات التابعة لإيران أو حزب الله أو الشبيحة سبب أساسي في تجارتها، إلا أن بعض الموظفين في الوزارة يعون مخاطر أن يصل الكبتاغون لأبنائهم في المدارس".

وأكّد على أنه منذ قرابة 6 أشهر، عثر في حملة لتفتيش الحقائب على شريط دواء ترمادول مع أحد طلاب الثانوي وفصله بشكل نهائي من المدرسة، رغم أن والده جلب تقريراً طبياً مزوراً يكشف أن ابنه كان يأخذ الدواء على شكل مسكن ألم لأسنانه.

ولفت إلى أن الطالب له سلوكيات سابقة سيئة منها التدخين سراً، ونشر صوره وبيده الأركيلة على مواقع التواصل الاجتماعي رغم صغر سنه، وذووه يعرفون ذلك.

كم أسعار المخدرات في المدارس؟

ويختلف سعر حبة الكبتاغون في المدارس والجامعات السورية من مكان إلى آخر، لكن متوسط سعرها الحالي يتراوح بين 1000 إلى 2000 ليرة سورية، بحسب محمد أحد طلاب ثانوية بدمشق عرض عليه أحد زملائه في الصف تجربتها.

وقال محمد لموقع "تلفزيون سوريا" إن سعر الحبة في ثانويات الميدان أو القدم مختلف عن سعرها في ثانويات أبو رمانة، حيث الإمكانيات المادية للطلاب مختلفة تماماً.

ويبدو محمد الذي لم يخبرنا باسمه كاملاً أنه أكبر من عمره، حيث يعي أن هذه الحبوب مؤذية ويجب عدم انتشارها في المدارس وحتى خارجها.

وأضاف أن موضوع الكبتاغون الذي يطلق عليها "الكابتن ماجد" أيضاً منتشر بكثرة بين الطلبة، والجميع أصبح يعرف لونها الأصفر أو السكري.

وبيّن أن بائعي البسطات في ساحات دمشق هم المصدر الأساسي للمخدرات الموجودة في المدارس، حيث يعطونها لطلاب في البكالوريا بالغالب ورسبوا أكثر من سنة.

ولفت إلى أن أحد أصدقائه السابقين جرب شراء عدة أنواع من المخدرات والمشروبات الكحولية، وتحدث أنها تنشط وتأخذ بالإنسان لمكان آخر.

وأضاف الشاب السوري الذي يطمح أن يدخل كلية الطب مستقبلاً، أن المخدرات ليست فقط حراما شرعاً إنما هي مؤذية للجسم والجملة العصبية وقد قرأت عن ذلك بالإنترنت.

تأثير صحي قاتل

ولم يكن صعباً أن نبحث عن موضوع المخدرات في المدارس السورية، إنما كان من الصعوبة بمكان الوصول للمروجين الذين لهم صلة أكيدة بفروع المخابرات.

ولا يدمن الشاب أو المراهق على المخدرات من أول حبة، بل يحتاج إلى استعمالها بصورة مستمرة لفترة معينة، حيث تختلف فترة الإدمان من جسم إلى آخر، بحسب الجملة العصبية ونوع الغذاء ونوعية المخدر.

وقال الدكتور سامح اختصاصي الأمراض العصبية، لموقع "تلفزيون سوريا" إن أي إنسان مهما كان عمره يستخدم الحبوب المخدرات بصفة مستمرة يصبح بحاجة إليها نفسياً وجسدياً، وهو مضطر لزيادة الجرعة من وقت لآخر للحصول على نفس الأثر.

وأضاف الطبيب أن تأثير المخدرات قد يتأخر لعدة أسابيع بالنسبة لمن يحصل على حبة أو حبتين أسبوعياً، ولكنه بعد فترة وجيزة سيصبح مدمناً، وستظهر عليه أعراض نفسية وصحية قد تصل به إلى الموت في حال استخدام جرعات زائدة.

ولفت إلى أن من يفقد المخدرات يستعيض عنها بالدخان والمشروبات الكحولية والأدوية المسكنة أو المهدئة، وكل ذلك مضر بشكل كبير بالجسم.

تفشي المخدرات في سهرات الشباب

وأدى سوء الوضع المعيشي والاقتصادي بمناطق سيطرة النظام السوري إلى تفشي العديد من المخاطر المجتمعية، فالكهرباء المقطوعة والتوتر النفسي وحالات الاكتئاب والخوف من المستقبل المجهول دفع بالكثيرين لسلك طرق غير سوية بما يخص إدمان المخدرات.

ولم تعد جلسات لعب الشدة والأركيلة بين الطلبة والمراهقين آمنة كما كانت من قبل، فقد أكّد معاذ أحد المدرسين الذين يعطون دروسا خصوصية بالمنازل لطلاب البكالوريا أن أسلوبه المرن والسلس فتح له قلوب كثير من طلابه وطالباته.

وأوضح لموقع "تلفزيون سوريا" أن سهرات الطلاب اليوم لم تعد تقتصر على الأركيلة والدخان وحتى الكحوليات، فالحشيش والكبتاغون بات متوفراً بسهولة بين أيادي الطلاب.

وتابع أن من يبحث في الأمر سيجد أن العديد من طلاب الثانويات والجامعات لديهم طرق مباشرة للحصول على الحشيش والحبوب المخدرة والتي توضع إما في "معسل" الأركيلة أو المشروبات الغازية أو الكحولية.

وذكر أن هناك طالبة من طالباته كان تحب شاباً وتركها بعد أشهر، فحصل لها اكتئاب حاد، ونوبات هستيريا، فقدمت لها صديقتها مرة حبة كبتاغون ثم طلبت منها حبة ثانية، فصارت مدمنة وتورطت، فباتت تريد التخلص من الكبتاغون الذي غزا جسمها من دون أن يعرف أهلها بذلك.

وطلبت الشابة من مدرسها المساعدة، حيث عمل مع صديق له على تأمين أدوية علاج ساعدتها على الشفاء بعد أشهر من الإدمان.

وأشار إلى أنه خشي على الفتاة المراهقة من الانتحار أو ما شابه لذلك، مؤكداً أن المخدرات اليوم يمكنها دخول أي مدرسة أو بيت بسهولة لتوفرها بشكل كبير جداً، ورخص أسعارها.

وفي حزيران عام 2023، كشف مدير مشفى ابن رشد للأمراض النفسية في دمشق، غاندي فرح، عن ازدياد حالات الإدمان بمختلف أشكالها بين معظم الفئات العمرية في مناطق سيطرة النظام السوري، لا سيما فئة الشباب والمراهقين وعلى مستوى الجنسين.

وكان مدير "إدارة مكافحة المخدرات"، نضال جريج، كشف أن عدد قضايا المخدرات التي سجلت خلال 2022 وصل إلى 4991 قضية، في حين وصل عدد المتهمين إلى 6408، في مناطق سيطرة النظام السوري.

ضغوط على الصيادلة

ويواجه العديد من العاملين في الصيدليات السورية مخاطر شراء الأدوية المخدرة أو النفسية بالإجبار عبر التهديد الهاتفي أو المباشر، ما يجعلهم مضطرين أحياناً للرضوخ.

وقال صاحب إحدى الصيدليات مفضلاً عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلق بسلامته، إن أحد عناصر مخابرات النظام يطلب منه كل فترة طلب 10 إلى 20 ظرف ترامادول أو مورفين أو عبوات شراب سعلة، ولا يستطيع أن يرفض طلبه، لأن ذلك قد يؤدي به إلى الاعتقال أو القتل.

وأضاف أن الطلب على الأدوية المخدرة بدون وصفات كثير جداً، ورغم أن بيع  ظرف دواء بدون وصفة طبية ممهورة رسمياً يعرضنا للمساءلة القانونية وسحب الرخصة، إلا أننا في الصيدليات يمكننا رفض إعطاء الدواء لأشخاص عاديين مسالمين أو أطفال أو طلاب مدارس لكن كيف يمكننا منع ذلك عن قوات أمن أو عناصر في الجيش.