كشفت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا عن عزم "حكومة الإنقاذ" التابعة لهيئة تحرير الشام في إدلب، إطلاق "قانون التظاهر العام" في إدلب، والذي سيطرح على "مجلس الشورى" للتصويت عليه قبل أن يقر رسمياً، ما أثار مخاوف ناشطين وحقوقيين من أن القانون سيهدف إلى منع أو عرقلة التظاهر وليس تنظيمه.
وقالت المصادر إن إدارة الشؤون السياسية التي تعد بمثابة وزارة الخارجية في "الإنقاذ"، أوعزت إلى حقوقيين يعملون معها للبدء في إعداد القانون وإنهائه خلال جدول زمني قصير، دون أن تفصح المصادر عن موعد صدوره المتوقع.
وحذّرت المصادر من أن اللجنة المعنية بصياغة القرار استنسخت القانون رقم 54 لعام 2011 الصادر عن رئيس النظام السوري بشار الأسد، والمتعلق بالتظاهر، والذي أوضح حقوقيون أنه قانون يهدف إلى منع التظاهر وتجريم التظاهر لا تنظيمه.
وكشفت المصادر بنود القانون الذي تعده "حكومة الإنقاذ":
- في حال كانت الدعوة لتنظيم المظاهرة من المواطنين فيجب أن يكون أعضاء اللجنة المنظمة التي تتقدم بالحصول على طلب ترخيص المظاهرة من المقيمين إقامة دائمة في ذات منطقة إقامة المظاهرة.
هذا الأمر حاولت تحرير الشام تطبيقه عبر منع التظاهرات القادمة من أرياف إدلب من الوصول إلى مدينة إدلب مركز المحافظة، وذلك عبر تقطيع أوصال المدن والبلدات، ونشر قوات أمنية وعسكرية، وطلبت أن يتظاهر سكان كل منطقة في منطقتهم.
- في حال كانت الدعوة من نقابات أو أحزاب أو منظمات مجتمع مدني مرخصة، فإن القانون يفرض أن يكون مقدم طلب ترخيص المظاهرة من رئاسة الحزب أو المنظمة أو النقابة أو منظمة المجتمع الأهلي الموجودة في المنطقة المراد تنظيم المظاهرة فيها، على أن تشكل الجهات المذكورة لجنة مؤلفة من رئيس وعضوين على الأقل لتنظيمها تكون مسؤولة عن المحافظة على النظام وعدم الخروج عن موضوع المظاهرة وحدود الترخيص الممنوح لها.
ويحد هذا البند كثيراً من إمكانية ترخيص التظاهرات، فهيئة تحرير الشام تهيمن بشكل كامل على النقابات في المنطقة.
- يجب أن يتضمن الطلب المقدم لتنظيم المظاهرة بيانات تشمل اسم الجهة الداعية لتنظيمها وأسماء وتواقيع رئيس وأعضاء اللجنة المنظمة وأرقامهم الوطنية والهواتف العائدة لهم وتحديد موطن مختار لهم لتبليغهم قرار اللجنة المنصوص عليها بالمادة الخامسة من هذا القرار مزودين بتفويض من رئيس إحدى الجهات المنصوص عليها بالفقرة ب من المادة 3 التي تتضمن "الأحزاب السياسية والمنظمات الشعبية والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع الأهلي المرخصة أصولا" وذلك إذا كانت إحداها الجهة الداعية لتنظيم المظاهرة.
وترجح المصادر أن تتم توسعة هذا البند ويتم حصر لجان تنظيم التظاهرات بغير المحكومين سابقاً بأي جرم، حتى لو كان جرم التظاهر دون ترخيص.
- يجب أن تحدد الغاية من المظاهرة (أهدافها، أسبابها) ومكانها وخط سيرها ومكان انتهائها وزمانها (اليوم، الساعة، المدة)، إضافة إلى المطالب والشعارات التي سترفع خلالها، على أن يرفق بالطلب تعهد من رئيس وأعضاء اللجنة المنظمة لها في حال كان الداعي لتنظيمها مواطنون أو رئاسة الحزب أو المنظمة الشعبية أو النقابة المهنية أو منظمة المجتمع الأهلي بحسب الحال إذا كانت إحدى هذه الجهات هي الداعية لتنظيم التظاهرة بحيث يكون موثقاً لدى الكاتب بالعدل ويتعهد بموجبه بتحمل المسؤولية عن كل الأضرار التي قد يلحقها المتظاهرون بالأموال والممتلكات العامة أو الخاصة.
- يجب تقديم الطلب إلى الجهة المعنية خلال الدوام الرسمي وقبل الموعد المحدد للمظاهرة بخمسة أيام على الأقل.
ويهدف هذا البند إلى تفريغ عامل الوقت من قيمته، فانتظار الحصول على موافقة لترخيص التظاهرة يفقدها الزخم الشعبي ويفرغها من مضمونها في حال تأخرها.
- يحق للجنة تنظيم التظاهرات عدم الموافقة على تنظيم المظاهرة في حالات كانت المظاهرة قد تسبب فوضى عامة وخطرة أو من الممكن أن تلحق أضراراً جسيمة بالممتلكات العامة أو الخاصة أو تؤدي إلى تعطيل كبير في حياة المجتمع أو كان الهدف منها ترويع الآخرين بغرض إجبارهم على عدم القيام بفعل لهم حق القيام به أو على القيام بفعل ليس لهم حق القيام به وكذلك في حال كانت الإمكانيات المتاحة من عناصر الشرطة في المنطقة المطلوب إقامتها فيها غير كافية لضبط المتظاهرين، إضافة إلى أنه إذا كان هدفها يخالف الآداب العامة أو يثير النعرات الطائفية أو الإثنية أو العرقية وإذا تم تقديم أكثر من طلب للتظاهرة في المنطقة نفسها بتاريخ واحد.
- يحق لممثل وزارة الداخلية إنذار اللجنة المنظمة للمظاهرة بحل أو فض المظاهرة عند وقوع ما يمس بالأمن والنظام العام أو الإخلال بأحد شروط الترخيص، وفي حال تعذّر فض المظاهرة وكان هناك تجاوز لحدود الترخيص الممنوح أو وقعت أعمال شغب أو أفعال تشكل جرائم أو ممارسات من شأنها الاخلال بالنظام العام أو إعاقة السلطات عن القيام بواجباتها؛ فيحق لممثل وزارة الداخلية فضها من خلال نصح وإنذار المتظاهرين بالتفرق مرتين على الأقل وإذا لم يتفرقوا أو لم يبرحوا مكانهم فينذرهم مرتين على الأقل باستعمال الشدة أو الإكراه لتنفيذ ذلك، وفي حال لم يصغوا لذلك فيحق تفريقهم بالقوة الجبرية بالاستعانة بقوات حفظ الأمن والنظام مع مراعاة التدرج باستعمال الشدة.
- لا يجوز إقامة المظاهرات إلا نهاراً ولا يحق لأي شخص الاشتراك في مظاهرة وهو يحمل سلاحاً ولو كان مرخصاً له بحمله، ويعد السلاح في معرض تطبيق أحكام هذا القرار كل أداة أو آلة قاطعة أو ثاقبة أو راضة وكل أداة خطرة على السلامة العامة كالعصا الكهربائية أو القبضة الحديدية ... إلخ.
- يجب ألا يقل عمر المشارك في المظاهرة السلمية عن 18 عاماً على الأقل، ولا يجوز منح الموافقة على إقامة المظاهرة السلمية أيام الأعياد الوطنية والدينية.
- يتعين على المتظاهرين المشاركين في المظاهرة السلمية عدم استغلال دور العبادة والجامعات والمدارس والجهات العامة والمناطق العسكرية لهذه الغاية وأنه على رجال الشرطة التدخل المباشر في هذه الأحوال بصفتهم ضابطة عدلية مساعدة للنائب العام لمنع هذه الأعمال وضبط المخالفين وتنظيم الضبوط اللازمة بحقهم وإحالتهم للقضاء المختص أصولا.
ويضمن هذا البند إنهاء أي حراك لطلاب الجامعات بالدرجة الأولى، فضلاً عن بقية شرائح المجتمع.
تعليق حقوقي
عرض موقع تلفزيون سوريا ما توصل إليه من معلومات حول استنساخ القانون رقم 54 الصادر عن نظام الأسد وتطبيقه على السوريين من قبل هيئة تحرير الشام و"حكومة الإنقاذ"، وأكد محام رفض الكشف عن هويته لاعتبارات أمنية، أن الجولاني يسعى لوقف كل أشكال التظاهر، ويحاول تطبيق بعض الإجراءات التنفيذية المنصوص عليها في هذا القانون حتى قبل إصداره، إلا أن إصدار قانون بهذا المضمون من شأنه أن يمهد لموجة كبيرة من الاعتقالات والتظاهرات المطالبة بالمعتقلين واعتقالات أخرى على خلفيتها، على اعتبار أن قانوناً كهذا لن يوقف التظاهرات في الشارع.
وبحسب المحامي فإن أي تظاهرة سلمية ستعتبر جريمة قانونية طالما أنها لم تحصل على الترخيص المطلوب، وهو ما لن تحصل عليه التظاهرات من وجهة نظره المحامي الذي اعتبر أن شروط ترخيص تلك التظاهرات -في حال تم استنساخ القانون 54- ستكون تعجيزية، وهدفها منع التظاهر لا تنظيمه، فمن شبه المستحيل الالتزام بالمسؤولية عن كل ما قد تتمخض عنه المظاهرة وتحديد المكان والزمان والشعارات التي ستطرح فيها وعدد المتظاهرين.
وانتقد المحامي طريقة تعاطي السلطة مع الحراك الشعبي السلمي بالقوة، وتماهيها مع المسيرات الموالية وحوادث الاعتداء على بيوت وسيارات وممتلكات المتظاهرين التي تقف خلفها أطراف موالية للسلطة مجهولة كانت أم معلومة، واعتبر المحامي أن للموالين للسلطة حصانة تجعلهم فوق القانون.
شنت هيئة تحرير الشام خلال اليومين الماضيين حملة دهم واعتقالات في عدة مناطق أبرزها مدينتا إدلب وجسر الشغور، وذلك بهدف الضغط على الشخصيات البارزة في الحراك الشعبي، متخذة من مبادرة أطلقتها شخصيات محسوبة عليها ذريعة للاعتقال، وذلك بغية إرغام أحد مكونات الحراك الشعبي المناهض للجولاني بالجلوس على طاولة المفاوضات.
وكانت حملة الاعتقالات الانتقائية الأخيرة واضحة الأهداف، فالجولاني أراد إرغام قادة "تجمع الحراك الثوري" على الجلوس على طاولة المفاوضات، وذلك بهدف إضعاف الحراك وإنهائه.
ناشطون في إدلب ومراقبون لسياسة الجولاني حذروا من خطورة هذه الخطوة، واعتبروا أنها فخ استطاع الجولاني إيقاع "تجمع الحراك الثوري" فيه، فجلوسهم على طاولة الحوار وقبولهم بـ"مبادرة الإصلاح العام" يشرعن للجولاني قمع الحراك الشعبي في الشارع، باعتبار أن قادة التجمع جلسوا للحوار وقبلوا المبادرة.
قانون الأسد 54 لتنظيم التظاهر في سوريا
أصدر نظام الأسد القانون رقم 54 لتنظيم التظاهر في سوريا، وحمل القانون المؤلف من أكثر من عشر مواد شروطاً تجعل من التظاهر السلمي في سوريا أمراً شبه مستحيل، ففي مادته الثانية حدد نظام الأسد أهداف القانون في أمرين:
- تنظيم حق التظاهر السلمي للمواطنين بوصفه حقاً من حقوق الإنسان التي كفلها الدستور.
- التوفيق بين أمن الوطن وسلامته وممارسة المواطنين حقهم في التظاهر السلمي وتمكين السلطات العامة من حماية الأموال والممتلكات العامة والخاصة واستمرار سير المرافق العامة والحفاظ على النظام العام.
ويسمح القانون وفق مادته الثالثة بالتظاهر السلمي بما لا يؤدي إلى عرقلة سير المرافق العامة بانتظام واضطراد، كما أعطى حق التظاهر لكل من (المواطنين، الأحزاب السياسية، النقابات المهنية، منظمات المجتمع المدني) المرخصة حصراً.
أما المادة الرابعة فقد نصت على تشكيل لجنة تتبع لوزارة الداخلية للنظر في طلبات ترخيص تنظيم التظاهرات، في حين تحدثت المادة الخامسة عن آلية ترخيص التظاهرات، وحددت واجبات من يريد الحصول على ترخيص تنظيم تظاهرة والجهات المعنية بمنح الترخيص للتظاهرة بالنقاط التالية:
- تشكيل لجنة تقدم طلباً إلى وزارة الداخلية يتضمن تاريخ وتوقيت بدء المظاهرة ومكان تجمعها وانطلاقها وخط سيرها وانتهائها وأهدافها وأسبابها والشعارات التي سترفع خلالها وذلك قبل الموعد المحدد للمظاهرة بخمسة أيام على الأقل.
- تقديم تعهد موثق لدى الكاتب بالعدل يتعهد بموجبه بتحمل المسؤولية عن كل الأضرار التي قد يلحقها المتظاهرون بالأموال والممتلكات العامة أو الخاصة.
- يتعين على الوزارة أن ترد كتابة على الطلب خلال أسبوع من تاريخ استلامه وفي حال عدم الرد يعد ذلك موافقة على الترخيص بتنظيم المظاهرة أما إذا كان القرار بالرفض فينبغي أن يكون معللاً.
- يحق للجنة الداعية للمظاهرة أن تطعن بالقرار الصادر بالرفض أمام محكمة القضاء الإداري التي يتعين عليها أن تبت في هذا الطعن خلال مدة أسبوع بقرار مبرم.
وتحدثت المادة السادسة من القانون عن إمكانية إلغاء أو تعديل موعد ومكان وخط سير التظاهرة، وجاء فيها: يحق للوزارة المعنية التنسيق مع الجهة الداعية للتظاهر تعديل موعد بدء المظاهرة وانتهائها ومكان تجمعها وانطلاقها وخط سيرها، إذا كان من شأنها تعطيل مصالح الدولة أو تعريض المواطنين وممتلكاتهم أو الممتلكات العامة للخطر على أن يتم ذلك قبل 24 ساعة على الأقل من موعد بدء المظاهرة.
في حين فرضت المادة السابعة أن يكون لكل مظاهرة لجنة منظمة مؤلفة من رئيس وعضوين على الأقل يتم تسميتهم في الطلب المقدم للحصول على ترخيصها، ويتعين على هذه اللجنة أن تحافظ على النظام أثناء المظاهرة وأن تعمل على منع كل قول أو فعل يتعارض مع القرار القاضي بترخيص المظاهرة ولها أن تستعين في ذلك برجال الشرطة.
أما المادة الثامنة فكانت حول أسباب فض السلطة التظاهرات، وجاء فيها: يحق للوزارة أن تطلب من اللجنة إنهاء المظاهرة وإذا تعذر ذلك فلها أن تقوم بفضها في الأحوال الآتية:
- إذا تجاوزت المظاهرة حدود الترخيص الممنوح لها.
- إذا وقعت أعمال شغب أو أفعال تشكل جرائم أو ممارسات من شأنها الإخلال بالنظام العام أو إعاقة السلطة عن القيام بواجبها.
كما تحدثت المادة التاسعة عن منع حمل السلاح ضمن المظاهرات وحتى السلاح المرخص، وحددت أنواعاً إضافية من الأسلحة غير الآلية، وهي: كل أداة أو آلة قاطعة أو ثاقبة أو راضة وكل أداة خطرة على السلامة العامة.
أيضاً اعتبرت المادة العاشرة من القانون أن التجمعات التي تنظم خلافاً لأحكام هذا القانون، على اعتبارها تجمعات شغب، ويتم تطبيق عليها عقوبات محددة وفق قانون العقوبات رقم 148 عام 1949.