icon
التغطية الحية

مظاهرات إدلب.. هل تقود حملة الاعتقالات إلى حوار بين الجولاني والحراك الثوري؟

2024.05.26 | 10:54 دمشق

آخر تحديث: 27.05.2024 | 12:29 دمشق

مظاهرات إسقاط الجولاني
مظاهرة تطالب بإسقاط الجولاني في إدلب
إدلب ـ فائز الدغيم
+A
حجم الخط
-A

شنت هيئة تحرير الشام خلال اليومين الماضيين حملة دهم واعتقالات في مناطق عدة أبرزها مدينتا إدلب وجسر الشغور، وذلك بهدف الضغط على الشخصيات البارزة في الحراك الشعبي، متخذة من مبادرة أطلقتها شخصيات محسوبة عليها ذريعة للاعتقال، وذلك بغية إرغام أحد مكونات الحراك الشعبي المناهض للجولاني بالجلوس على طاولة المفاوضات.

وشملت حملة الاعتقال شخصيات عدة معظمها من أفراد التكتل الذي يعرف باسم "تجمع الحراك الثوري"، من أبرز تلك الشخصيات:

1-الشيخ ياسين أبو البراء

2- زكريا صنو

3- أبو خطاب الجسري

4- سمهر شرفلي مسؤول العلاقات العامة في "تجمع الحراك الثوري"

5- الشيخ عيسى عبد الحميد

6- رامي عبد الحق

7- يحيى سيد يوسف

8- آدم  أبو أحمد

وزير الداخلية في حكومة الإنقاذ محمد عبد الرحمن قال في تصريحات رسمية نشرت على معرفات وزارة الداخلية:

"منذ بدء المظاهرات لم نترك وسيلة إلا عملنا من خلالها للجلوس والحوار مع متزعميها، فأكدوا رفضهم القاطع،  وتدخلت خلالها العديد من الأطراف، وأُطلقت مبادرات إصلاحية لتهدئة الأوضاع وتغليب لغة الحوار تجنبا لصدام آخر، لكنهم مارسوا إرهابا فكريا على المتظاهرين المحقين وعملوا على تشويه من يسعى بالإصلاح وجر المحرر إلى المجهول، وشق الصف والعودة إلى الاقتتال الداخلي وتضييع ما بذل من جهد لبناء هذه المؤسسات، فكان لا بد لنا من عرض الأمر على النائب العام الذي بدوره أعطى الإذن بتوقيف عدد من الشخصيات المتسببة بهذا الأمر وسيتم إحالتهم للقضاء المختص أصولاً".

وأضاف الوزير: "كان لهذه الشخصيات دور كبير في التشجيع على حمل السلاح والأحزمة الناسفة، عدا السب والشتم والقذف والإساءة إلى المسؤولين والموظفين، والتسبب بتعطيل عمل المؤسسات في كثير من الأوقات، وقام عدد كبير من المطلوبين منهم إلى الجهات المختصة -بقضايا حق عام أو خاص- بالتهرب والتستر تحت ذريعة الحراك ومظلته".

وتابع "وقفنا وما نزال مع أصحاب المطالب المحقة، ونؤكد أن جميع أبوابنا مفتوحة لمن يقصدها بالطرق الشرعية، وواجب علينا الاستماع لهم ومعالجة مشاكلهم، وبنفس الوقت نجدد رفضنا لتعطيل مصالح الأهالي والتشغيب بأي شكل كان، ونؤكد بأننا لن نسمح بعودة المحرر للوراء وانتشار الفوضى، بسبب مغامرات أصحاب الغايات الشخصية الذين تسلقوا على مطالب الناس وينادون بالحلول الصفرية، فمصلحة المحرر وحمايته أمانة لدى الجميع وعلينا أن نقف كلٌ عند مسؤولياته".

وعاود التصريح أمس قائلاً إن "مشهد الفوضى ودعاوى الفتنة يوجب على الجميع، مؤسسات عامة ومجتمع مدني ومجاهدين وأكاديميين؛ حفظ المشروع الثوري وأمن هذه المناطق المحررة التي هي منطلق للتحرير، والتصدي لكل من يحاول أن يعبث بأمن المجتمع ويعطل الحياة العامة ويعود بالمحرر إلى الفوضى وزمن الاقتتال الفصائلي، فالمشروع الثوري ساهم فيه الجميع، وبني بكثير من البذل والعطاء، وسُخِّر لتحقيق أهداف الثورة وخدمة أهلها".

وأضاف: "أمام كل من تورط في نشر الفوضى وتعطيل الحياة العامة في المحرر فرصة أخيرة لمراجعة نفسه والنظر في تصرفاته، هل تخدم المحرر والثورة أم تضر بها؟ من هنا نؤكد أن الرجوع عن الخطأ يمحو ما ترتب عليه، وأن الاستمرار في انتهاج الأساليب التحريضية ونشر الفتن يلزمنا بالشدة في التعامل معه، فالمحرر أمانة ولن نتركه لعبث العابثين".

التسلسل الزمني للأحداث

انطلق الحراك الشعبي المناهض للجولاني وجهاز الأمن العام في 25 من شباط الماضي، في تظاهرة على دوار سرمدا الرئيسي، طالبت بإطلاق سراح المعتقلين وحل جهاز الأمن العام، ومنها كانت شرارة الاحتجاجات التي توسعت وشملت مدنا وبلدات عدة في الشمال السوري.

وفي 12 من آذار الماضي تم إطلاق مبادرة الكرامة كواحدة من المبادرات لحل المشكلات في المنطقة، طالبت مبادرة الكرامة بتنحية الجولاني كمطلب أول من بين حملة مطالب بلغ عددها 12 مطلبا، لكن لم تحظَ المبادرة بقبول لدى السلطة، كما لم تحظَ المبادرة بالتفاف الحراك الشعبي العفوي، حيث اختلف معها كثير من مكونات الحراك بسبب شعارها الأبرز ودعوتها لإقامة "حكم إسلامي رشيد"، وهو ما اعتبره بعضهم إعادة لهيمنة التيارات والجماعات الإسلامية على المشهد بأسماء جديدة.

فيما بعد أصبحت مبادرة الكرامة واحدة من أبرز مكونات الحراك الشعبي المناهض للجولاني وأكثرها تنظيماً.

في 9 من أيار الحالي أعلنت في مدينة بنش بريف إدلب شخصيات عدة معظمها من مبادرة الكرامة إلى جانب شخصيات أخرى تأسيس "تجمع الحراك الثوري" أحد مكونات الحراك المتعددة، وأكثرها تنظيماً والتي يمكن التفاوض معها بسبب وجود هيكلية تنظيمية لها، على خلاف المتظاهرين العفويين في الشارع، خاصة أن شخصيات عدة منها عملت سابقاً مع هيئة تحرير الشام أو الكيانات المدنية التابعة لها.

في 17 أيار الحالي أطلقت شخصيات مقربة من الهيئة وأخرى محسوبة عليها بتوجيهات من إدارة الشؤون السياسية في الهيئة مبادرة تهدف لإيقاف التظاهرات والجلوس للحوار دون شروط، عرفت هذه المبادرة باسم "مبادرة الإصلاح العام".

في 22 من أيار الحالي، أعلنت "مبادرة الإصلاح العام" استجابة السلطة لها وتعاونها معها، كما أعلنت أنها لم تتلقَّ أي رد من "تجمع الحراك الثوري".

في 23 من أيار الحالي أعلن "تجمع الحراك الثوري" استعداده للجلوس مع "مبادرة الإصلاح العام" لكن يبدو أن ذلك الإعلان جاء متأخراً، فالجولاني كان قد زج بالعسكر مجدداً إلى المدن والبلدات استعداداً لقمع المتظاهرين.

انطلقت تصريحات وزير الداخلية من عبارة رفض القائمين على التظاهرات دعوات ومبادرات الحوار والإصلاح، وهو ما حذر منه ناشطون سابقاً من أن تكون "مبادرة الإصلاح العام" التي أطلقتها شخصيات محسوبة على الجولاني وأخرى تابعة له بتوجيه من إدارة الشؤون السياسية بوابة وشرعنة لاعتقال الجولاني قادة الحراك وقمع التظاهرات بحجة عدم الاستجابة للمبادرة، خاصة أنها لم تقدم أي جديد للمتظاهرين وطالبت بإيقاف التظاهرات مقابل سحب المظاهر العسكرية من المدن والبلدات، والدخول في حوار من دون شروط مسبقة.

حملة اعتقالات انتقائية

وكانت حملة الاعتقالات الانتقائية الأخيرة واضحة الأهداف، فالجولاني أراد إرغام قادة "تجمع الحراك الثوري" على الجلوس على طاولة المفاوضات، وذلك بهدف إضعاف الحراك وإنهائه، وبحسب مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا فإن "تجمع الحراك الثوري" قد يصدر في غضون ساعات بياناً يعلن فيه قبوله الدخول في حوار مقابل إخراج المعتقلين من أفراده.

ناشطون في إدلب ومراقبون لسياسة الجولاني حذروا من خطورة هذه الخطوة، واعتبروا أنها فخ استطاع الجولاني إيقاع "تجمع الحراك الثوري" فيه، فجلوسهم على طاولة الحوار وقبولهم بـ"مبادرة الإصلاح العام" يشرعن للجولاني قمع الحراك الشعبي في الشارع، باعتبار أن قادة التجمع جلسوا للحوار وقبلوا المبادرة.

كما أن الفخ الآخر هو الإسقاط الشعبي لقادة التجمع بجلوسهم مع الجولاني للحوار وهو ما يرفضه الشارع الذي يطالب برحيل الجولاني حالياً، كما أن "تجمع الحراك الثوري" لن يستطيع وقف التظاهرات في الشارع، فهو واحد من مكونات الحراك الشعبي وليس ممثل الحراك وقائده ككل.

يرجح متابعون للأحداث في إدلب، ازدياد حملة الاعتقالات في المرحلة المقبلة، ويشيرون إلى أن جلوس "تجمع الحراك الثوري" للحوار مع الهيئة سيُشرعن حملاتها على المتظاهرين وقمعهم "بوحشية".