icon
التغطية الحية

تحت مسمى مذيعات.. تطبيق بث مباشر يورط سوريات بالدعارة الإلكترونية

2024.07.12 | 10:41 دمشق

54333333333333355
تطبيق بيغو لايف
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

تعيش مناطق سيطرة النظام السوري أزمة اقتصادية صعبة للغاية، مما أثر على خيارات الشباب بشكل عام، وسط بطالة واسعة جداً وعدم قدرة الجامعيين ومن هم في سنهم على تأمين احتياجاتهم اليومية. ما دفع العديد منهم لشغل أوقات فراغهم على منصات البث المباشر مثل "بيغو لايف" و"الآيمو" و"لايكي" وغيرها من التطبيقات التي أخذت تنتشر بشكل كبير جداً في المجتمع السوري.

يحصل من يعمل بثاً على هذه التطبيقات ما بين 150 و 1200 دولار شهرياً، بحسب ساعات بثه وانتشاره والهدايا التي يحصل عليها من المتابعين، وهو ما يشجع كثيرين لولوج هذا النوع من الأعمال رغم التحذيرات منها. ورغم أن البنية التحتية للإنترنت والكهرباء في سوريا دون المقبول، ما يمكن أن يؤثر على جودة البث والتفاعل على هذه التطبيقات والمواقع، فإن عدداً من السوريين ما زالوا مستمرين في استخدامها رغم كل الجدل المثار حولها والتحذير الواسع منها.

سمعة سيئة

سأل موقع تلفزيون سوريا عن مدى استخدام هذه المواقع بين فئة الشباب الجامعي، فقال العديد ممن التقيناهم إن هذه التطبيقات والمواقع لديها سمعة أخلاقية سيئة وتروج للدعارة، لذلك قد لا تجد من يخبرك بأنه يستخدمها بشكل مباشر. يعد تطبيق "بيغو لايف" هو الأشهر، وهو مملوك لشركة سنغافورية أطلقت التطبيق في آذار عام 2016، وانتشر في البلدان العربية وخصوصاً في الخليج ومصر ولبنان ومؤخراً سوريا.

أثار هذا التطبيق كثيراً من الجدل عربياً وسط مطالبات بمنع استخدامه على الشبكة، مثلما حصل في مصر، إثر اتهامه بالترويج للدعارة في البلاد، وهو ما ينطبق على وضع "بيغو لايف" في سوريا أيضاً. يروج وكلاء التطبيق بشكل غير علني بحجة البحث عن "مذيعات" في استهداف للفتيات اللواتي يقبلن أن يقدمن جزءاً من حياتهن الخاصة وعرض محتوى غير لائق أو مقبول مجتمعياً بهدف جذب أكبر عدد من المشاهدين والحصول على الهدايا الافتراضية مثل الأسد أو ألماسة أو دراغون وغير ذلك، والتي يكون لها مقابل مادي.

على صلة بأجهزة المخابرات

قال محمد إحسان إنه يعرف شباباً يعملون كوكلاء لهذا التطبيق، بعضهم على ارتباط بالأجهزة الأمنية، ومهمتهم البحث عن الفتيات وبدرجة أقل الشباب ليكونوا صناع محتوى أو مذيعين. وأضاف إحسان لموقع "تلفزيون سوريا" أن من يريد العمل يتقدم بطلب فيه البيانات الشخصية، وعدد ساعات البث اليومية التي يمكن العمل فيها. في المقابل، يتم توضيح ما سيجنيه من نقاط تتحول إلى أرباح مع حساب الهدايا أيضاً.

ولفت إلى أن الوكلاء على ارتباط مباشر بالأجهزة الأمنية في النظام السوري، أولاً لأن الشركة السنغافورية لديها وكيل في لبنان، وهذا الوكيل لديه وكلاء في سوريا، يعني العمل في سوريا ليس رسمياً إنما بشكل غير مباشر. وأكد أن العاملات كلما كنَّ أكثر تجاوزاً للخطوط الحمراء، يكون الوارد المادي أكثر، مشيراً إلى أن هذه التطبيقات هي عنوان عريض للدعارة الإلكترونية في سوريا والمنافع مقسمة بين ضباط النظام والوكلاء والفتيات العاملات.

موضوع حساس في المجتمع السوري

كان البحث عن عاملات في هذا التطبيق صعباً جداً، أولاً لحساسية الموضوع في المجتمع السوري إلى جانب أنه لا أحد يريد أن يقول للناس أنا أعمل في هذه التطبيقات. مروة، إحدى الطالبات الجامعيات في دمشق، أخبرتنا أن صديقتها تورطت بالعمل لعدة أيام ثم تركت العمل مباشرة، حيث كانت الصديقة تمر بضائقة مادية وظنت أن الخروج بالبث المباشر يشبه التيك توك، إلا أن الأحاديث التي كانت تتطور في البث والطلبات التي طلبت منها دفعتها لترك العمل مباشرة.

أضافت مروة أن صديقتها خشيت من تسريب معلوماتها أو مقاطع مصورة لها، ولكن بسبب أنها لم تفعل أي شيء خاطئ سوى الظهور وتشغيل بعض الأغاني على البث وفتح أحاديث عادية، وكانت دائماً ما تشتكي من ضعف الإنترنت لتغلق البث. بحسب ما قالت أيضاً، فإن معظم العاملات في هذا الأمر يخضعن للابتزاز بنشر المقاطع من قبل الوكلاء، ما يعني أن كثيرات يعملن بأجر ضعيف جداً ويخشين من الفضيحة لذلك يجبرن على الاستمرار في العمل.

يبدو أن صديقة مروة كانت محظوظة بما فيه الكفاية لتنجو من الابتزاز حيث لم تتورط فيما طُلب منها، فتمكنت من الخروج بسلام، من دون أن ينعكس ذلك عليها سلباً، رغم الآثار النفسية السيئة التي ما زالت تعاني منها حتى اليوم، بحسب مروة.

قال محمد إحسان إن التطبيق في أساسه يقوم على جمع نقاط الربح وتحويلها إلى أموال، وتصل هذه الأموال إلى العاملات عبر التسليم باليد، خصوصاً في اللاذقية وطرطوس ودمشق حيث ينتشر التطبيق بشكل كبير جداً، في حين يتم تحويل الأموال إلى أشخاص وهم يسلمون المبالغ في المحافظات الأخرى.

ما قيمة الهدايا؟

عند التسجيل في التطبيق، يبدأ صاحب الحساب الذي يتابع الفيديوهات بالحصول على النقاط، ومع الوقت تكثر النقاط وتتجمع إلى هدايا، وكل هدية لها سعر.

كل 150 نقطة تتحول إلى هدية، وكل 500 نقطة تتحول إلى رمز أو أيقونة "وردة" أو "ألماسة" أو "دراغون" أو "يخت"، وكل رمز يصرف مالياً وفق ثمنه، عدا "التحديات" و"الهدايا المدفوعة" التي يشحنها المتابعون لحسابات المستخدمين بعدة رموز لكل منها سعره، فتكون مهمة الوكيل تحويل النقاط إلى أموال مقابل عمولة 20%، ويجري إرسال الأموال عبر شركات الحوالات المحلية، حيث تتراوح معظم الأرباح بين 200 و 1000 دولار شهرياً.

إحسان لفت كذلك إلى أن ساعات البث تحدد من قبل الوكيل، فهي عموماً مسائية، ولكن من الممكن أن يكون هناك بث صباحي مع اختلاف التوقيت في دول شرق آسيا أو كندا وأميركا. يعمل بعض الوكلاء على تحديد شروط لقبول الفتيات أو ما يطلق عليهن "المذيعات" بخصوص معايير الجمال مثل اللون الأبيض والشعر الأشقر والطول وما إلى ذلك في استغلال كامل لهؤلاء السوريات.

ورغم أن التطبيق لا يعد منتشراً مثل إنستغرام أو تيك توك، فإنه بدأ يأخذ رواجاً كبيراً بين الشباب والشابات في سوريا، خصوصاً مع الترويج بأنه مدخل لكسب المال، فأي تطبيق قد يؤدي إلى تحصيل المال في سوريا فهناك إقبال كبير على تحميله. للتطبيق شعبية كبيرة في منطقة الخليج العربي، حيث يعد القاطنون في الخليج سواء أكانوا مواطنين أو مقيمين يستخدمون التطبيق بشكل كبير، ويعدون من أكثر رواده "كرماً" في تقديم الهدايا للمذيعات.

ابتزاز واستعباد

رغم أن الأسعار قد تكون مختلفة، فإن محمد إحسان قال إن رمز الدرع مثلاً يستعاض عنه بـ 250 ألف ليرة، واليخت يصل إلى 3 ملايين ليرة، أي أكثر من 200 دولار. معظم الهدايا تحصل عليها المذيعات في البث المباشر على الخاص، مقابل طلبات معينة مثل كلام إباحي أو حركات غير أخلاقية أو رقص خلاعي أو مقابل الرقم الشخصي أو الواتساب.

يحذر إحسان من أن كل ضحايا التطبيق من السوريات بالغالب تم التوصل إلى بياناتهن من قبل المستخدمين، حيث يسجلون فيديوهات مخلة ومن ثم يبتزون الفتيات خصوصاً بعد الحصول على أرقامهن أو أسمائهن الحقيقية وأماكن السكن. رغم أن هذه دعارة إلكترونية، فإنه لا يوجد أي رقيب في مناطق سيطرة النظام السوري يمنع أو يلاحق "سوق النخاسة" هذه، كما يقول إحسان.

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها السوريون في مناطق سيطرة النظام السوري، يتورط سوريات كثيرات بمثل هذه التطبيقات ظناً منهن أنها وسيلة للحصول على أموال سهلة إلى جانب الدراسة، إلا أنهن يدخلن بطريق لا تعرف نهايته ويحمل كثيراً من المخاطر.