تتزايد حالات التحرش بالفتيات في دمشق وريفها بسبب سطوة سلاح عناصر النظام السوري وغياب المحاسبة أو الجهود للحد من هذه الظاهرة المدمرة، والتي تتناسب طردا مع تقلص عدد وسائل النقل العام بسبب تداعيات أزمات المحروقات التي تمر بها مناطق النظام السوري.
رصد موقع تلفزيون سوريا حالات عديدة لإناث تعرضن للتحرش السلوكي واللفظي (التلطيش، والتلفظ بكلمات جنسية صريحة) داخل حافلات النقل العام والسرافيس، حيث يستغل المتحرشون فرصة اكتظاظ هذه الوسائل بالركاب والراكبات ليمارسوا سلوك التحرش، على أعين الركاب في كثير من الحالات، ودون أي تدخل إيجابي من السائقين أو الركاب الذكور، خوفاً من التعرض للإهانة أو الضرب أو ربما القتل، وكذلك خوفاً من أن تكون السيدة تفتري على الرجل، حيث امتهنت بعض النساء هذه المهنة للحصول على مبلغ مالي.
تعرضت حميدة (24 عاماً) للتحرش عدة مرات في أثناء وقوفها داخل حافلة النقل العام، دون أن تتمكن من الصراخ أو الاستنجاد بأحد الركاب "خوفا من الفضيحة" بحسب حديثها لموقع تلفزيون سوريا، حيث "يغلب الطابع المعادي للإناث ضمن الحافلات الكبيرة" ،وفقاً لحميدة.
زهور (44 عاماً) أرملة بدون معيل، تضطر يومياً لركوب السرفيس من مدينتها بريف دمشق باتجاه العاصمة، وفي كل يوم تشد أعصابها بعد أن تعرضت للتحرش مرات عدة من بعض الركاب، وهذا الخوف الكبير ينتابها بعد أن بلغ التحرش في مرة من المرات جسدياً ولمس راكب جسمها. حينها لم تفلح مناشدات زهور لسائق السرفيس لوقف مضايقات المتحرشين بها، "فقد تلافى السائق الموضوع وكأنه لم يستمع إلى كلامي".
ولا يقتصر التحرش على وسائل النقل العام، بل يتجاوز أماكن عديدة أخرى مثل الحدائق والمنتزهات وأماكن الألعاب. وأعربت سيدات وشابات لموقع تلفزيون سوريا عن مخاوفهن من التحرش المنتشر وبتن يخشين ارتياد هذه الأماكن.
وقالت أربع فتيات من أصل ثمان تعرضن للتحرش، التقاهم موقع تلفزيون سوريا، إن الشبان الذين قاموا بمضايقتهن سلوكياً ولفظياً، كانوا من العناصر المنخرطين ضمن جيش النظام.
نهلة (40 عاماً) هي واحدة من الفتيات الأربع، قالت إنها كانت تجلس في المقعد الخلفي ضمن سرفيس نقل عام، لتفاجأ بجلوس شاب يرتدي الزي العسكري إلى جانبها، ثم قيامه بالاحتكاك بها مستغلا ازدحام السرفيس والجلوس في المقعد الأخير فيه".
يتجنبن ضحايا التحرش في العادة الذهاب إلى الجهات الحكومية لرفع دعاوي ضد المتحرشين، "خوفاً على السمعة وكلام الناس" بحسب حديث الضحايا، وهذا ما يشجع المتحرشين على مواصلة هذه المضايقات، "خاصة في ظل تساهل الركاب الذكور ولا مبالاتهم، لاسيما إذا كان المتحرش يرتدي الملابس العسكرية". ولأن معظم الضحايا يخشين من عدم القدرة على إثبات تعرضهن للتحرش، إذ غالباً ما ينكر المتحرشون هذا الفعل ويبادرون إلى اتهام الضحية بالكذب.
التحرش في القانون السوري
لا يوجد في القانون السوري ما يسمى جرم التحرش، ولا يرد لفظ "التحرش" ضمن قوانين العقوبات في سوريا، لكن المادة رقم (506) من قانون العقوبات السوري، تنص على أن "من عرض على قاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره أو على فتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من خمس عشرة سنة عملاً منافياً للحياء أو وجه إلى أحدهم كلاماً مخلّاً بالحشمة، عوقب بالحبس التكديري من يوم إلى ثلاثة أيام، أو بغرامة لا تزيد على خمس وسبعين ليرة أو بالعقوبتين معاً"، أما المادة 505 من قانون العقوبات العام تنص على أن "من لمس وداعب بصورة منافية قاصراً أو امرأة لها من العمر أكثر من 15 عاماً من دون رضاها عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة ونصف السنة"، وبحسب المادة 518 من قانون العقوبات العام "يُعاقب على التعرض للأخلاق العامة بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات، وتشدد العقوبة إذا كان الجرم مرتكباً بحق من لم يتم الخامسة عشرة من عمره وتشدد للحد الأعلى إذا كان من وقع عليه الجرم لم يتجاوز التاسعة من عمره".