خلقت أزمة النقل الخانقة التي تعيشها مناطق سيطرة النظام السوري أزمات جديدة وظواهر اجتماعية مقلقة، فبالإضافة إلى السرقة والتأخير والازدحام، تفاقمت في السنوات الماضية ظاهرة التحرش الجنسي بالنساء داخل وسائل النقل، نتيجة الازدحام ضمن الباصات التي تحمل أعداداً كبيرة من الركاب يفوق العدد المخصص لها بكثير ما شكل بيئة مؤاتية للمتحرشين.
وتعد جريمة التحرش أو الخروج عن الآداب العامة إحدى السلوكيات السلبية الموجودة في المجتمع السوري إلا أن أزمة النقل من حيث قلة عدد وسائل التنقل وشبه انقطاع للمواصلات خلال ساعات المساء عززت من انتشارها، كما أن غلاء المحروقات وارتفاع أجرة التكاسي فرضا على النساء التنقل بوسائل النقل العامة المزدحمة.
وقال المكتب الصحفي لوزارة الإدارة المحلية والبيئة في حكومة النظام السوري، إنه لا توجد حالياً إحصائية دقيقة وحديثة لعدد وسائل النقل الداخلي في سوريا، مؤكداً أن الوزارة حالياً بصدد الإعداد لإحصائية بهذا الشأن ستعلن عنها قريباً، وفقاً لصحيفة الوطن المقربة من النظام.
التحرش في وسائل النقل يحول حياة نساء إلى جحيم
وتعد النساء العاملات والطالبات ممن يضطررن للخروج من المنزل يومياً الأكثر عرضة للتحرش، تروي ريم تجربتها للصحيفة، قائلةً: إن المواصلات باتت جحيماً لا يطاق خاصةً خلال فترة المساء وإن مشهد التحرش والمضايقات يتكرر بكثرة خلال استخدامها لباصات النقل الداخلي والسرافيس سواء معها أو مع غيرها إذ تصل الإساءة إلى درجة لمس أماكن حساسة من جسد الفتاة أو جسد المتحرش بها والتلفظ بكلمات خادشة للحياء أمام عيون الركاب ممن اكتفوا بالمشاهدة"، مؤكدةً أنه في بعض الحالات كان المتحرش السائق نفسه.
أما دينا فكانت لها قصة مختلفة إذ ساقها القدر في إحدى المرات للجلوس إلى جانب المتحرش في السرفيس ليعمد الأخير بعد دقائق إلى التحرش بها ويقوم شاب آخر كان برفقته بتصوير المشهد عبر كاميرا هاتفه وخلال انفعالها وصراخها ومطالبتها للركاب والسائق بمساعدتها على تسليم المتحرش للأمن الجنائي لم يحرك أحد ساكناً بل قام السائق بإيقاف السرفيس، مدعياً أنه سيحل المشكلة لتفاجأ بإنزاله المتحرش وصديقه من السرفيس مُسهلاً لهما طريق الهروب ويتابع بعدها سيره.
لا قانون خاصاً بالتحرش في سوريا
وحول العقوبة التي حددها القانون السوري لمرتكبي جريمة من هذا النوع، قال المحامي محيي الدين حلاق للصحيفة، إن "المادة 505 من قانون العقوبات العام تنص على أن (من لمس وداعب بصورة منافية قاصراً أو امرأة لها من العمر أكثر من 15 عاماً من دون رضاها عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة ونصف السنة)".
وأضاف أنه "لا يوجد في القانون السوري ما يسمى جرم التحرش، وإنما التعرض للآداب والأخلاق العامة، مبيناً أنه بحسب المادة 518 من قانون العقوبات العام يُعاقب على التعرض للأخلاق العامة بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات، وتشدد العقوبة إذا كان الجرم مرتكباً بحق من لم يتم الخامسة عشرة من عمره وتشدد للحد الأعلى إذا كان من وقع عليه الجرم لم يتجاوز التاسعة من عمره".
وأكد أنه "نتيجة لتردي الأخلاق نعم هناك زيادة بهذه الحالات، ولكن بسبب العادات والتقاليد، هناك عدد كبير لا يتقدم بشكوى بهذا الموضوع إلا إذا كانت هناك حالة جرم مشهود ويتم إلقاء القبض على الفاعل من الناس بناءً على صراخ المعتدى عليه".