ملخص :
-
كشفت تحقيق عن تحول ألمانيا من دولة عبور إلى موقع لإنتاج مخدر الكبتاغون، مما يمثل تحدياً متزايداً لأجهزة الأمن في البلاد وأوروبا.
-
يُباع الكبتاغون في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، حيث يمكن تحقيق أرباح تصل إلى 8 ملايين يورو من تهريب 100 كيلوغرام، رغم تكاليف الإنتاج المنخفضة التي لا تتجاوز 50 ألف يورو.
-
ضبطت السلطات الألمانية 1.2 طن من الكبتاغون خلال الثلاث سنوات الماضية، لكنها تقدر أن هذه الكمية تمثل فقط 10% من حجم التجارة الفعلي في البلاد.
-
يرتبط إنتاج الكبتاغون في ألمانيا بشبكات تهريب دولية تديرها مجموعات سورية ولبنانية، وتبين أن عمليات التهريب تشمل تهريب المسحوق من هولندا لتصنيعه في ألمانيا.
-
النظام السوري و"حزب الله" اللبناني يعدان من المستفيدين الرئيسيين من تجارة الكبتاغون، حيث تدر هذه التجارة مليارات الدولارات سنوياً.
كشف تحقيق عن تزايد تجارة مخدر الكبتاغون في ألمانيا، حيث تحولت البلاد من مجرد دولة عبور إلى موقع إنتاج لهذا المخدر، مشيرة إلى أن النظام السوري و"حزب الله" اللبناني يُعدان من أكبر المستفيدين من هذه التجارة، التي تدر على النظام نحو 50 مليار دولار سنوياً.
وأفاد موقع "DW" الألماني، أمس الثلاثاء، بأن تحقيقاً استمر عامين وشارك فيه عدد من وسائل الإعلام الألمانية مثل صحيفة "فرانكفورتر ألغماينة" و"مجموعة بايرن الإعلامية"، أظهر أن تجارة الكبتاغون أصبحت تمثل تحدياً متزايداً لأجهزة الأمن في ألمانيا وأوروبا.
الكبتاغون: من أقراص رخيصة إلى تجارة مربحة
وأشار التحقيق إلى أنه حتى بضع سنوات مضت، كان مخدر الكبتاغون معروفاً في ألمانيا فقط لدى خبراء الشرطة والاستخبارات ومعاهد الأبحاث الدولية، ومع ذلك، أصبح الآن رمزاً لأحد أكثر الأعمال ربحية في سوق المخدرات العالمي، نظراً لتكلفة إنتاجه المنخفضة وسعره المرتفع في السوق السوداء.
ويتكون الكبتاغون بشكل أساسي من مادتي الأمفيتامين والكافيين، وهما مادتان رخيصتان. ويُباع هذا المخدر في مدن مثل الرياض ودبي بأسعار تتراوح بين 15 و20 دولاراً للقرص الواحد، مما يجعله من أكثر المخدرات المربحة على الصعيد الدولي، حيث يمكن أن تحقق تجارة 100 كيلوغرام منه أرباحاً تتجاوز 8 ملايين يورو، رغم أن تكلفة إنتاجها لا تتعدى 50 ألف يورو.
ألمانيا: دولة عبور وإنتاج للكبتاغون
وذكر التحقيق أنه على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، ضبطت السلطات الألمانية نحو 1.2 طن من الكبتاغون، وهو ما يمثل فقط 10% من الكميات التي يُعتقد أنها تُهرب عبر البلاد.
ووفقاً لتصريحات رئيس قسم مكافحة المخدرات في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية (BKA)، لوتس برايسلر، فإن السلطات الألمانية على علم بأقل من "عشرة بالمئة" من حجم هذه التجارة في البلاد، مشيراً إلى أن نحو 90 بالمئة من تجارة الكبتاغون تظل بعيدة عن أعين المحققين في ألمانيا.
وذكر التحقيق أن شبكات التهريب، التي تديرها مجموعات سورية ولبنانية، لم تعد تكتفي باستخدام ألمانيا كدولة عبور فحسب، بل بدأت بإنتاج المخدر محلياً، مشيرة إلى أنه في صيف 2023، اكتشف مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية معملًا لإنتاج الكبتاغون في مدينة ريغنسبورغ، حيث تم تهريب المواد الأولية من هولندا.
تورط شبكات دولية
تحقيقات وسائل الإعلام كشفت عن ارتباط عمليات الإنتاج في ألمانيا بشبكات دولية معقدة. وتشير الوثائق إلى أن تجار المخدرات السوريين واللبنانيين في ألمانيا يعملون بشكل منسق، كما تم اكتشاف بصمات وآثار حمض نووي تربط بين معمل ريغنسبورغ وقضية تهريب أخرى في ولاية شمال الراين فيستفاليا، حيث ضبطت السلطات نحو نصف طن من الكبتاغون بين عامي 2022 و2023.
تحول جذري في طريقة الإنتاج
أفاد أحد المهربين الذين تحدثوا مع فريق التحقيق بأن العصابات السورية واللبنانية أصبحت تخطط لنقل إنتاج الكبتاغون إلى أوروبا بالكامل، وبدلاً من تهريب الأقراص الجاهزة، يعتزمون تهريب المسحوق فقط وإنتاج الأقراص داخل أوروبا.
كما أظهرت قضية أخرى في بافاريا أن بعض المتهمين خططوا لإنتاج ما يصل إلى طن من الكبتاغون كل 20 يوماً.
وأشار التقرير إلى أن الخبراء يعتقدون أن المسحوق المستخدم في صناعة أقراص الكبتاغون لم يعد يُهرَّب إلى ألمانيا من سوريا أو لبنان فقط، بل يأتي أيضاً من مختبرات في هولندا، حيث تُظهر الأدلة أن عصابات الكبتاغون تسعى للابتعاد تدريجياً عن الأنظمة الحكومية، مثل النظام السوري، لتعزيز استقلالها.
ارتباطات مع النظام السوري و"حزب الله"
وفقًا للتقرير، يُعد النظام السوري و"حزب الله" اللبناني من المستفيدين الرئيسيين من تجارة الكبتاغون.
وتشير التقديرات إلى أن هذه التجارة تدر على النظام السوري نحو 50 مليار دولار سنوياً. ويسعى الطرفان إلى زيادة أرباحهما من خلال توسيع الإنتاج إلى دول أوروبية مثل ألمانيا.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن السلطات الألمانية أدركت خطورة تصاعد تجارة الكبتاغون، وشددت على ضرورة التعاون بين مختلف الولايات والشرطة الاتحادية لتعقب الشبكات المتورطة.
وقد عُقد مؤخراً اجتماع موسع بين المحققين والمدعين العامين لبحث كيفية مواجهة هذه التهديدات، ومع ذلك، يعتقد المسؤولون أن هذه المشكلة ستظل تؤرق البلاد لسنوات قادمة.
النظام السوري والمخدرات
يشار إلى أن العديد من دول العالم ضبطت، خلال السنوات الماضية، مئات شحنات المخدّرات القادمة مِن مناطق سيطرة نظام الأسد في سوريا، حيث يعدّ النظام وميليشيات إيران المساندة له، وعلى رأسها "حزب الله" اللبناني، مُصدّراً رئيسياً للحبوب المخدّرة، والتي تعدّ مِن أهم مصادر تمويلهم.
وسبق أن كشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" أن أنشطة النظام السوري في تصنيع المخدرات والاتّجار بها، أسهمت في مضاعفة كمية المخدرات المضبوطة عالمياً عشرات المرات، إذ ضُبط أكثر من 250 مليون حبة "كبتاغون" في جميع أرجاء العالم حتى الآن، أي أكثر من 18 ضعفاً للكمية التي تم الاستيلاء عليها قبل أربع سنوات فقط.
وتجاوزت قيمة تجارة النظام السوري من مخدر الكبتاغون في منطقة الشرق الأوسط خلال العام 2021 أكثر من 5.7 مليارات دولار أميركي، وفق تقرير لمعهد "نيو لاينز".