تواصل أسعار الغذاء في سوريا بالارتفاع حتى وصلت إلى مستويات اعتبرها خبراء بأنها خطيرة وسط تحذيرات جدية من الجوع، ويأتي ذلك رغم استمرار انخفاض مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة "الفاو" التابعة للأمم المتحدة منذ آذار الماضي عندما سجل أعلى مستوى، حيث انخفض في شهر تشرين الأول، الماضي 14.9%، بينما ارتفعت أسعار الغذاء في سوريا من العام الماضي إلى بداية الشهر الجاري 100%، لتفوق كلفة تأمين متطلبات الغذاء الضرورية فقط الـ1.5 مليون ليرة في الشهر.
تأمين الطعام في سوريا مهمة شاقة
ما تزال العديد من العوامل تسهم بجعل محور معيشة السوريين يدور فقط حول تأمين الطعام اليومي الذي يزداد صعوبةً شهراً تلو الآخر، ومن تلك العوامل تدهور قيمة الليرة السورية إلى 5200 ليرة لكل دولار، إضافة إلى فقدان حوامل الطاقة، وهروب رؤوس الأموال والشباب، وصعوبة الاستيراد وتأمين السيولة والقطع.
موقع تلفزيون سوريا أجرى تقريرا تفصيليا عن احتياج الأسرة شهريا من الطعام الأساسي، حيث تبين أنه مع بداية تشرين الثاني، لمس السوريون ارتفاعاً كبيراً بأسعار الأغذية، وعليه سيقوم الموقع باحتساب كلفة غذاء الأسرة من 5 أشخاص على أساس تلك الأسعار استناداً إلى سلة غذائية افتراضية لتحقيق سعرات حرارية بنحو 2000 سعرة حرارية وسطياً لكل فرد سليم ببنية طبيعية، هذه السعرات من المفترض أن تتيح له حياةً متوازنة، وقد تختلف الحاجة (زيادةً أو نقصاً) تبعاً للعمر والبنية الجسدية.
وعلى الرغم من حذف العديد من الأسر وجبة الإفطار أو العشاء من القائمة اليومية للوجبات الرئيسية نتيجة ارتفاع الأسعار، سنفترض بالحسبة أن الأسرة ستتناول الوجبات الثلاث كاملة، وسيتم تقسيم السعرات على الوجبات الثلاث بشكل شبه متقارب على أن تكون وجبة الغداء هي الأساسية بمعدل 800 سعرة حرارية على الأقل، و770 سعرة على الفطور و600 تقريباً للعشاء، وسيتم افتراض أنواع محددة (دون تنويع) متعارف عليها من الغذاء تحقق النسب القيّمة من السعرات بالتوازي مع ما يحتاجه الجسم من كاربوهيدرات وبروتين وفيتامينات ومعادن.
كلفة الفطور 295 ألف ليرة شهرياً
بتناول بيضة واحدة يومياً يمكن أن يحصل الفرد على 70 سعرة بسعر 600 ليرة سورية للبيضة الواحدة، وكلفتها بالشهر 18 ألف ليرة، أي أن كل أسرة من 5 أشخاص، بحاجة إلى 90 ألف ليرة ثمن بيضة الفطور فقط، وهو رقم يساوي تقريباً راتب موظف حكومي.
يضاف إلى البيضة 100 غرام من اللبنة أو الجبنة للحصول على 200 سعرة وهي شهرياً تساوي 3 كيلوغرامات تقريباً، (سعر كيلو اللبنة 11 ألف ليرة والجبنة 15 ألف) أي بين 33 ألف و45 ألف ليرة للفرد، أما للأسرة من 5 أشخاص فهي بين 165 – 225 ألف ليرة، أي وسطياً 200 ألف ليرة (40 ألف للفرد).
على الأقل كل فرد بالأسرة بحاجة إلى رغيف خبز (160 غراماً) على الفطور ويمنح الرغيف نحو 500 سعرة حرارية وسعره المدعوم نحو 36 ليرة تقريباً، أي بالشهر هو بحاجة إلى 1080 ليرة، وكل أسرة من 5 أشخاص بحاجة إلى 5400 ليرةً على افتراض أنَّ سعر الربطة من 7 أرغفة هو 250 ليرة فقط.
استناداً إلى الأسعار أعلاه، تصل كلفة الفطور للشخص الواحد إلى 59 ألف ليرة في الشهر أي 295 ألف ليرة للأسرة شهرياً مرتفعاً من 147,500 ليرة سورية شهرياً العام الماضي بنحو 100%.
ما كلفة وجبة الغداء في سوريا؟
في تقاليد السوريين، وجبة الغداء هي الوجبة الرئيسية والتي يتم الاعتماد عليها في الغذاء، وتضم أصنافاً متنوعة، ولو فرضنا أن الشخص يحتاج من وجبة الغداء إلى 150 غراماً من صدر الدجاج ليحقق نحو 250 سعرة حرارية، فهذا يعني أن حاجته لـ 4.5 كيلوات في الشهر ويصل سعر هذه الكمية لـ121.5 ألف ليرة سورية تقريباً (بافتراض سعر كيلو صدر الدجاج 27 ألف ليرة)، أي تحتاج العائلة لإنفاق 607,500 ليرة سورية (ستمئة وسبعة آلاف وخمسمئة ليرة سورية).
اقرأ أيضا: غلاء الإيجارات.. يدفع سوريين للسكن في محال تجارية ومنازل على "العضم"
مع صدر الدجاج، الفرد بحاجة إلى نحو 200 غرام من الرز ليحصل على نحو 500 سعرة حرارية، وهذا يعني استهلاكه نحو 6 كيلوات أرز شهرياً بكلفة 33 ألف ليرة (على افتراض أنه اشترى أرخص نوع أرز بـ 5500 ليرة للكيلو)، ما يعني 165 ألف ليرة للأسرة.
ولتنويع مصادر الطعام، يحتاج الفرد إلى إدخال الخضار إلى طبقه اليومي، على الأقل 100 غرام خيار و100 بندورة بنحو 50 سعرة حرارية، وهي 3 كيلوات من كل صنف شهرياً (6 كيلوات للصنفين) بسعر 12 ألف ليرة، أما كلفتها على الأسرة فهي 60 ألف ليرة.
وفقاً لأعلاه، حصل الشخص على 800 سعرة حرارية من وجبة الغداء بكلفة 166 ألف شهرياً، أي 830 ألف ليرة سورية تقريباً للأسرة من 5 أشخاص شهرياً.
كلفة العشاء: 80 ألف ليرة بأدنى تقدير
وجبة العشاء هي أكثر الوجبات التي بات السوريون يستغنون عنها نتيجة غلاء الأسعار، أو اختصروها بصنف واحد فقط، ويستطيع الشخص الحصول على 250 سعرة حرارية من 100 غرام من البقوليات كالمسبحة أي 3 كيلوات في الشهر سعرها 15 ألف ليرة سورية بافتراض سعر الكيلو 5 آلاف، وذلك يعني أن الأسرة تحتاج إلى الإنفاق شهرياً على المسبحة 75 ألف ليرة للحصول على هذه السعرات.
الفرد أيضاً بحاجة إلى رغيف خبز (160 غراماً) كما الفطور للحصول على 500 سعرة حرارية بكلفة 1080 ليرة شهرياً، وللأسرة بـ5400 ليرة، أي أن كلفة العشاء للفرد شهرياً مستنداً إلى صنف واحد (مسبحة أو فول أو حمص) نحو 16000 ليرة، والأسرة 80 ألف ليرة.
استناداً إلى افتراض الأنواع السابقة للفطور والغداء والعشاء ليحصل الفرد على حصته الجيدة من السعرات وباقي العناصر المهمة، هو بحاجة إلى إنفاق نحو 241 ألف ليرة شهرياً، بينما تحتاج الأسرة إلى مليون ومئتين وخمسة آلاف ليرة سورية في حين كان العام الماضي نحو 520 ألف ليرة.
خارج الحسبة
لم تأخذ الحسبة بعين الاعتبار استهلاك الأسرة من السكر الذي وصل سعر الكيلو إلى 5500 ليرة، والشاي بسعر 60 ألف للكيلو، والقهوة بسعر 45 ألف ليرة للكيلو من دون هيل، ولو استهلكت الأسرة 5 كيلوات سكر و 1.5 كيلو قهوة، ونصف كيلو شاي، يضاف إلى الحسبة 126 ألف ليرة ليصل المبلغ الشهري إلى مليون وثلاثمئة وواحد وثلاثين ألفاً. ويضاف أيضاً نحو 5 زجاجات زيت بسعر 75 ألف ليرة على افتراض سعر العبوة اللتر 15 ألف ليرة ليصبح المبلغ مليوناً وأربعمئة وستة آلاف ليرة سورية. أيضاً، لم تأخذ الدراسة بالحسبان أي صنف من الفواكه التي قد تضيف إلى الحسبة أكثر من 100 ألف شهرياً تبعاً لأرخص نوع وهو التفاح، وبذلك يتجاوز المبلغ الـ1.5 مليون.
يشار إلى أن التقرير افترض أصنافاً غذائية محددة فقط، ولم تقم بالتنويع يومياً ما قد يرفع الكلف أكثر في بعض الأيام أو يخفضها، إضافةً إلى أغلب الأسر تعتمد على تحديد الغذاء اليومي وفقاً للمدخول وليس وفقاً للقيمة الغذائية الضرورية، وبالتالي قد تعتمد على أصناف غير ذات قيمة غذائية لتستطيع تأمين الطعام يومياً للعائلة.