icon
التغطية الحية

بين انخفاض وارتفاع كبيرين.. الليرة السوريّة تواصل التأرجح أمام الدولار

2023.01.06 | 06:11 دمشق

allyrt_alswryt.jpg
فتحي أبو سهيل - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

يواصل سعر صرف الليرة السوريّة التأرجح أمام العملات الأجنبية، خاصةً الدولار الأميركي، حيث شهد السعر انخفاضاً وارتفاعاً كبيرين، خلال الأسبوعين الفائتين الممتدين بين أواخر العام المنصرم 2022 وبداية العام الجديد 2023.

وتحسّن سعر صرف الليرة السوريّة أمام الدولار، مع بداية العام الجديد 2023، وفق ما ذكرت الشائعات مؤخّراً، وانخفض سعر صرف الدولار أكثر من ألف ليرة سوريّة، خلال أربعة أيام فقط، ليغلق صباح اليوم الخميس (5 كانون الثاني 2023) عند سعر 6080 ليرة للدولار الواحد، بعد وصوله إلى 7250 ليرة، نهاية شهر كانون الأوّل من العام المنصرم 2022.

ورغم تحسّن سعر الصرف، فإن الأسواق في مناطق سيطرة النظام السوري ما تزال مرتبكة والأسعار مستمرة في الارتفاع، حيث أكّد أحد تجار المواد الغذائية في دمشق لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ "المورّدين سعّروا موادهم على أساس 8000 ليرة سوريّة مقابل الدولار الواحد، والتسعيرة ما تزال سارية ومترافقة مع شح المواد في الأسواق، ومن غير المتوقع أن تنخفض الأسعار قريباً".

وأضاف التاجر أنّ "المورّدين لا يثقون بهذا الهبوط السريع للصرف ولو استمر لفترة، ومن المستبعد أن تنخفض الأسعار سريعاً إن لم يستقر السعر عند حدود معينة لشهر على الأقل، خاصة مع دخول عوامل جديدة مؤثرة في أسعار السلع منها: رفع أسعار البنزين وسعر الدولار الرسمي الخاص بالمستوردات، وهي مؤشرات توضح أن الوضع الاقتصادي غير مريح".

اقرأ أيضاً.. كيف يغذّي النظام السوري اقتصاده بالقطع الأجنبي؟

يحاول الإعلام الرسمي والمقرّب من النظام السوري أن يرسم صورة إيجابية عن انخفاض سعر الصرف في السوق السوداء وسُمح له بمخالفة المراسيم الرئاسية التي تمنعه من تداول سعر الصرف في السوق الموازي، حيث نشرت - تباعاً - صحيفة "الوطن"، أسعار الدولار في "السوق السوداء" منذ بداية العام الجديد.

إعلام النظام السوري ذاته، الذي ينقل انخفاض سعر الصرف في "السوق السوداء" باستمرار، نقل قرار "مصرف سوريا المركزي" برفع سعر صرف الدولار الأميركي رسمياً في نشرته من 2525 ليرة إلى 3030 ليرة، وفي نشرة المصارف والصرافة من 3015 إلى 4522 ليرة، ورفع صرف الحوالات من 3000 ليرة إلى 4500 ليرة، بينما ارتفع دولار صرف البدلات من 2800 إلى 4500 ليرة سورية.

خبير اقتصادي في دمشق - فضّل عدم الكشف عن اسمه - يقول لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ "تأثير خفض قيمة الليرة رسمياً أكثر كارثية على السوريين من السوق السوداء، حيث يُثبت النظام بهذا القرار أن اقتصاده تراجع بشدة، خاصةً أنه يسعّر الدولار بأقل من قيمته الحقيقية، وسينعكس هذا السعر على جميع القطاعات الحكومية والمستوردات بشكل عام، فقد تُرفع أسعار المحروقات من جديد، والاتصالات، والنقل، والأدوية، وكل شيء تقريباً وبشكل رسمي، ما يزيد بالضرورة من الأسعار في السوق السوداء".

وأضاف أنّ "السعر الحالي في السوق السوداء مؤقت، وقد يستمر لفترة وجيزة تتعدى الأشهر أو لا تتعداها، لأنّ السبب وراء ارتفاع قيمة الليرة هو العرض والطلب والمضاربة وليس (معجزة) اقتصادية كما وصفت وسائل إعلام النظام"، مردفاً: "تؤكّد التجربة، خلال السنوات الأخيرة، أن قياس قيمة الليرة يجب أن يتم على أساس نصف سنوي أو سنوي وليس يومي، والتدهور بالقيمة كان سيد الموقف خلال السنوات الماضية لانعدام عوامل النهوض الاقتصادية".

استنزاف مدخرات المواطنين

تّبِع ارتفاع سعر الليرة السورية، خلال 48 ساعة فقط، استمرار توقّف بيع وشراء الدولارات في السوق السوداء من قبل التجّار إلا بمبالغ صغيرة جداً، وفقاً لمصادر تجارية، في حين لجأ مواطنون عاديون إلى بيع مدخراتهم من القطع الأجنبي خوفاً من الانهيار.

وهنا علّق الخبير الاقتصادي قائلاً: إنّ أكثر المتضررين من الارتفاع والانخفاض الأخيرين هم المواطنون الذين انجرّوا للبيع سواءً طمعاً أو خوفاً، وبالحالتين خسروا مدخراتهم من الدولارات لصالح مضاربي السوق ومن بينهم أذرع "حكومة النظام" في دمشق.

ومن المتضررين أيضاً، الشريحة التي تستلم حوالاتها أو رواتبها بالدولار، وهي غالباً ستعمل على تصريفها في السوق السوداء بسعر منخفض، بينما ستشتري موادّ وسلعاً بأسعار مرتفعة يتم تسعيرها وفق صرف دولار الـ8000 ليرة، ما يعني تآكل دخلها نتيجة لعبة المضاربة التي دخلها المصرف المركزي".

اقرأ أيضاً.. للأشخاص فقط.. "المركزي السوري" يرفع سقف الحوالات اليومية الداخلية

ويؤكّد الخبير أنّ رفع قيمة الليرة بضخ الدولارات في السوق عبر المصرف المركزي، يعني أنه خسر ملايين الدولارات، خلال أيام، وهذه الدولارات سيأكلها السوق خلال فترة وجيزة، إضافةً إلى أن القبضة الأمنية التي تترافق حالياً مع الترويج لانهيار سعر الصرف لن تستمر، لأنّ هناك شريحة واسعة من المتنفذين الأمنيين والحكوميين يتعاملون بالدولار وفق أشكال مختلفة ويلجؤون إلى السوق السوداء".

وتابع: "سيجد السوق الذي سيبتلع كل ما تم ضخه من دولارات خلال فترة، طرقاً مختلفة للالتفاف"، مشيراً إلى أنّ "الحوالات الخارجية عبر السوق السوداء متوقّفة، منذ بداية العام، حيث يُجبر النظام في هذه الفترات رجال الأعمال على ضخ ما يملكون من دولارات في السوق، ويراقب حوالاتهم، لذلك يُجّمد هؤلاء أي تحويلات خلال الفترة الراهنة".

اقرأ أيضاً.. تعرّف إلى أبرز أدوات "النظام" للتحكّم في سعر الليرة السورية

الخبير الاقتصادي زاهر أبو فاضل قال لـ موقع تلفزيون سوريا، في وقتٍ سابق، إنه "علمياً، لا تملك سوريا ما يساعدها على إعادة سعر الصرف إلى ما كان عليه قبل شهر أو شهرين، ولو استطاعت الحكومة بقبضتها الأمنية فعل ذلك مع بعض أدواتها النقدية المتهالكة، فإن التأثير لن يستمر طويلاً، لأن احتياطياتها من النقد الأجنبي في حالة حرجة جداً، وهذا ما ألمح إليه صراحةً وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك (عمر سالم) في حديثه مؤخراً، بأنّ استيراد المشتقات النفطية بالدولار يستنزف الخزينة".