نشرت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش بياناً مشتركاً، يوم الأربعاء، ذكرت فيها تعرض مواطنين أتراك ولاجئين سوريين لانتهاكات من قبل بعض أفراد الشرطة والجندرما التركية، وذلك بعد الاشتباه بتورطهم في عمليات سرقة ونهب داخل مناطق الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي البلاد 6 شباط الفائت.
وقابلت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش 34 ذكراً تعرضوا لاعتداءات جسدية ولفظية من قبل الشرطة وقوات الجندرما التركية في المنطقة.
واستمع موظفو المنظمات إلى شهادات أشخاص آخرين تعرضوا للتعذيب على أيدي قوات الأمن وشاهدوا مقاطع فيديو للعنف الجسدي، لكنهم لم يتمكنوا من تأكيد هذه الأحداث بشكل كامل.
وأشار التقرير إلى أن 12 شخصا من بين الأشخاص الذين قابلتهم المنظمة تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، وشخصان هددتهما الجندرما التركية بمسدس موجه إلى رأسيهما.
"يمكنه قتلك"
وأوضح التقرير أن معظم حوادث التعذيب حدثت في مدينة أنطاكيا التابعة إلى ولاية هاتاي على يد قوات الأمن الموجودة في المنطقة، وأربع من هذه الحالات كانت بحق لاجئين سوريين، بعد اتهامهم بالسرقة والنهب في المنطقة، إضافة إلى الدوافع العنصرية.
وقال أحد الضحايا السوريين الذين تمت مقابلتهم، إنه عندما اشتكى إلى ضابط رفيع المستوى بعد تعرضه للكمة على وجهه من قبل أحد الضباط، أجابه: "نحن في حالة طوارئ، حتى لو قتلك فلا يوجد أحد مجبر على محاسبته، ولا يمكن لأحد أن يقول له شيئاَ".
وأوضح التقرير أن السوريين كانوا مترددين جداً في تقديم الشكاوى بعد تعرضهم للانتهاكات، إذ قالت امرأة سورية تعمل مترجمة لإحدى فرق البحث والإنقاذ من دول أخرى: "تعامل معظم الجندرما مع السوريين على أنهم لصوص وكانوا عدوانيين تجاههم، ولم يقبلوا أن يكون السوريون مع فرق الإنقاذ وكانوا غاضبين للغاية".
وقال متطوع سوري في البحث والإنقاذ، إنه تعرض لعنف الجندرما بينما كان يساعد في إنقاذ العديد من المواطنين الأتراك والسوريين المحاصرين تحت الأنقاض: "لن أشتكي لأنه ما من جدوى من ذلك".
وأضاف: "أخشى الخروج بعدما عُرضت صور سيارتي وبعدما انتشرت مقاطع فيديو لنا ونحن نتعرض للضرب على وسائل التواصل الاجتماعي، نحن خائفون من التعرض للهجوم مرة أخرى".
"ادعاءات خيالية ولا تمت للواقع بصلة"
وفي 17 آذار الفائت، أرسلت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش رسالة إلى وزيري الداخلية والعدل في تركيا، شاركت من خلالها نتائج أبحاثهم، مطالبةً بالتحقيق في الشكاوى المقدمة والتحقيق أيضاً في مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وجاء رد مؤسسة حقوق الإنسان بوزارة العدل التركية في 29 آذار على الرسالة ذات الصلة نيابة عن وزارة العدل ووزارة الداخلية معاً، أشارت فيه إلى أن الحكومة التركية لا تتسامح مطلقاً مع التعذيب وأن اتهامات منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش هي "ادعاءات خيالية ولا تمت للواقع بصلة".
وتضمنت الردود المرسلة من الوزارتين حجم الزلزال والدمار وجهود الإغاثة بدلاً من معالجة النتائج التي توصلت إليها المنظمات الحقوقية فيما يتعلق بالحوادث في منطقة الزلزال في ظل حالة الطوارئ والأسئلة المطروحة حول تطبيق القوانين.
وذكر معظم الذين تعرضوا للتعذيب وغيره من سوء المعاملة أنهم احتجزوا من قبل الشرطة أو الجندرما أو الجماعات العسكرية في أثناء مشاركتهم في جهود البحث والإنقاذ في المباني التي دمرت في الزلزال أو في أثناء المرور في أحياء مختلفة في أنطاكيا.
"تعرضوا للضرب والعنف الجسدي المباشر"
وكشف تقرير المنظمتين أنه في معظم الحالات لم يتم احتجازهم رسميًا، وبدلاً من ذلك تعرضوا للعنف الجسدي المباشر و / أو طُلب منهم الركوع على ركبهم و / أو الاستلقاء، وأحياناً كانوا يتعرضون للركل والصفع والسب، وتقييد أيديهم لفترات طويلة.
وتشير المنظمتان إلى أن حقيقة بدء السلطات التركية التحقيقات في حالتين فقط بخصوص الجرائم المزعومة ضد الأشخاص المعنيين "تثير علامة استفهام خطيرة حول ما إذا كان هؤلاء الأشخاص قد ارتكبوا جريمة منذ البداية".
ونفت رئاسة دائرة الاتصال التركية، في وقت سابق، أكاذيب طالت اللاجئين السوريين عقب الزلزالين المدمرين اللذين ضربا جنوبي البلاد، حيث ادعت بعض الجهات بأن اللاجئين السوريين يسرقون المحال والمنازل عقب الزلزال، بالإضافة إلى أن الحدود التركية فتحت على مصراعيها أمام السوريين للدخول إلى تركيا.