بدأ مرض "الدفتيريا" أو "الخُناق" شديد العدوى مؤخراً بالتفشي بين طالبي اللجوء في عدة دول أوروبية خصوصاً التي تشهد أزمة لجوء، وسط تحذيرات من منظمات إنسانية وحقوقية أوروبية من تفشي أمراض أخرى كالجرب والسل.
حالة وفاة و92 إصابة
وكشف المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها "ECDC" أنه منذ بداية العام الجاري تم الكشف عن 92 إصابة بين طالبي اللجوء من بينهم سوريون في عدة دول أوروبية خصوصاً التي تشهد أزمة لجوء، مشيراً إلى أن شخصاً توفي بالعدوى يوم الخميس.
وأشار المركز الأوروبي إلى أنه تم تأكيد تفشي المرض بين طالبي اللجوء في بلجيكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والنرويج والنمسا وسويسرا، لافتاً إلى أن غالبية الحالات المؤكدة في سويسرا وألمانيا والنمسا، كما تم الإبلاغ أيضاً عن ثلاث حالات في بلجيكا.
ولم يذكر مركز الوقاية من الأمراض مكان سكن المتوفى، لكنه أشار إلى أن المصابين بشكل رئيسي قادمون من سوريا وأفغانستان.
ونقلت وسائل إعلام عن المركز، أن أحد الأشخاص المصابين بالفيروس كان يعمل في مركز استقبال في سويسرا لطالبي اللجوء، لافتة إلى أن جميع الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم هم رجال، وقد تم اكتشاف معظم الإصابات في مواقع استقبال اللجوء.
وقال المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن زيادة الإصابات قد تكون مرتبطة بزيادة عدد المهاجرين من البلدان التي ما يزال ينتشر فيها الدفتيريا، لافتاً إلى أنه قد تكون الإصابة بالدفتيريا آخذة في الارتفاع بتلك البلدان أيضاً.
وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام أنه يمكن أيضاً أن تنتشر البكتيريا بسهولة في مراكز اللجوء لكن لا توجد مؤشرات على انتشار الفيروس بين سكان الدول الأوروبية.
وتشهد كل من هولندا وبلجيكا أزمات لجوء كبيرة إثر وصول آلاف اللاجئين إليهما حيث وصل عدد طالبي اللجوء إلى مستويات قياسية أعادت للأذهان أزمة اللجوء التي شهدتها القارة العجوز في عام 2015 إثر موجة الهجرة الكبيرة من سوريا بسبب الحرب.
واضطر المئات خلال الأشهر الماضية في هولندا إلى النوم في الخيم وعلى الكراسي في مركز تسجيل طلبات اللجوء في بلدة تير آبل بسبب الازدحام حيث وصل آلاف السوريين مؤخراً إلى بلد الطواحين، في حين أعلنت الحكومة الهولندية عن عدة إجراءات لحل أزمة اللجوء كان أبرزها التشديد "المؤقت" للم شمل أُسر طالبي اللجوء حيث قد تصل فترة انتظار طالبي اللجوء للم شمل ذويهم إلى مدة عام ونصف.
وفي بلجيكا، ينام عدد كبير من طالبي اللجوء السوريين الشباب في شوارع بلجيكا بذريعة عدم وجود أماكن لاستقبالهم وسط اتهامات من منظمات بلجيكية ولاجئين للحكومة البلجيكية بالتمييز بين اللاجئين حيث يتم تأمين أماكن الإيواء للاجئين الأوكرانيين في حين يتم إهمال طالبي اللجوء القادمين من الدول الأخرى كسوريا وأفغانستان.
تحذيرات من تفشي "السل" و"الجرب"
وكانت عدة منظمات في هولندا وبلجيكا قد حذرت من تفشي الأمراض في مراكز الإيواء ووصفت منظمة "الصداقة بلا حدود" البلجيكية التطوعية، الوضع في بروكسل في الأشهر الأخيرة بالمؤسف.
وقالت رييت دونت من المنظمة البلجيكية: "إن هناك نقصا كبيرا في الصرف الصحي (..) وطالبي اللجوء يتغوطون في المقاهي أو الحدائق المجاورة.. وبعضهم لم يستحم منذ أسابيع، وهو ما يسبب أيضاً مشكلات صحية مثل الجرب".
كما انتقدت عدة منظمات إنسانية وحقوقية بلجيكية كمنظمة "مساعدة اللاجئين" و"أطباء بلا حدود" وأطباء العالم، سياسة الحكومة البلجيكية إزاء أزمة اللجوء في البلاد.
وأعربت المنظمات عن خشيتها من أن وضع اللاجئين الذين يعيشون في شوارع بلجيكا يزداد سوءاً مع اقتراب فصل الشتاء.
وقالت المنظمات البلجيكية في بيان لها، إن الوضع الصحي للرجال غير المتزوجين الذين يعيشون في الشارع آخذ في التدهور السريع سواء من الناحية النفسية والجسدية لأنهم في حالة تنقل مستمر.
وقال ديفيد فوخل من منظمة أطباء بلا حدود البلجيكية، "نشهد تفشي الجرب وحتى حالات السل (..) الحياة في الشارع لها تأثير سلبي على صحتهم.. هذا هو السبب في أننا نطالب بإجراء فحص دوري لهذه الفئة من السكان بحثاً عن هذه الأمراض".
ماذا تعرف عن "الدفتيريا"؟
والخُنَاق أو الديفتيريا الذي تفشى في صفوف طالبي اللجوء في بعض الدول الأوروبية مؤخراً هو عدوى بكتيرية معدية يمكن أن تكون قاتلة وتؤثر بشكل رئيسي على الأنف والحنجرة وأحياناً الجلد.
وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام، فإن الدفتيريا "شديدة العدوى" وتنتشر عن طريق السعال والعطس، أو عن طريق الاتصال مع الشخص المصاب أو استخدام أدواته الشخصية.
وعادة ما تتم الإصابة بعد أن تكون في اتصال وثيق أو مطول مع شخص لديه حالة أو يحمل العدوى، على سبيل المثال، يمكنك التقاط الدفتيريا من شخص تعيش معه.
ومع ذلك، الدفتيريا نادرة جداً في الدول المتقدمة لأن معظم الناس قد تم تطعيمهم ضده.
أما عن أعراض الدفتيريا فتشمل طلاء رمادي-أبيض سميك في الجزء الخلفي من الحلق، ارتفاع درجة الحرارة (حمى) من 38C أو أعلى، التهاب الحلق، أو صعوبات في التنفس.
ويعتبر كبار السن والناس الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي هم أكثر عرضة لخطر آثار الدفتيريا، ويمكن أن تكون الحالات الأكثر خطورة قاتلة.
ويمكن التأكد من تشخيص "الخناق" عن طريق أخذ عينة من الخلايا من الحلق والأنف أو الجرح على الجلد، ويتم فحص العينة لمعرفة ما إذا كانت البكتيريا التي تسبب الدفتيريا موجودة.
وبحسب ما تقول منظمات صحية، يجب التعامل مع الدفتيريا بسرعة لمنع حدوث مضاعفات خطيرة، إذا اشتبه بإصابة أحد فيها.
ويشمل علاج الخناق المضادات الحيوية والطب المضاد للتسمم، ويوضع الأشخاص المشتبه بإصابتهم في حالة عزل عند دخولهم المستشفى، أما الذين يعانون من مضاعفات في القلب والجهاز العصبي فيحتاجون إلى علاج متخصص، وقد يحتاجون إلى دخولهم إلى قسم العناية المركزة، كما ينبغي تطعيم جميع الأطفال ضد الدفتيريا كجزء من الجدول الزمني لتطعيم الأطفال الروتيني.