icon
التغطية الحية

بعد مواجهات مع "الرابعة".. مالية النظام تحجز على أملاك المئات من أهالي زاكية

2024.03.30 | 14:58 دمشق

آخر تحديث: 31.03.2024 | 11:22 دمشق

بعد مواجهات مع "الرابعة".. مالية النظام تحجز على أملاك المئات من أهالي زاكية
بعد مواجهات مع "الرابعة".. مالية النظام تحجز على أملاك المئات من أهالي زاكية
+A
حجم الخط
-A

أصدرت وزارة المالية التابعة للنظام السوري قراراً بالحجز الاحتياطي على الأصول والأملاك المنقولة وغير المنقولة للمئات من أهالي بلدة زاكية بريف دمشق، وذلك على خلفية التوترات التي شهدتها البلدة أواخر العام الفائت بين الأهالي ومكتب أمن الفرقة الرابعة.

وحصل موقع تلفزيون سوريا على نسخ من قرارات الحجز الاحتياطي الصادرة بحق نحو 300 شخص بموجب كتاب من الفرع 285 في إدارة المخابرات العامة موجه لوزارة المالية منتصف شباط الفائت، والذي صدّقه وزير المالية كنان ياغي بالاستناد للمرسوم التشريعي رقم /63/ لعام 2012.

وكشف مصدر عامل في الوزارة عن تحضيرات لإعلان لوائح حجز احيتاطي أخرى على أملاك أفراد وعائلات من البلدة خلال الفترة المقبلة، مرجحاً وصول عدد المحجوز على أملاكهم إلى ألف شخص.

1

وأكّد الناشط الإعلامي كرم الخطيب، المهجر من بلدة زاكية إلى الشمال السوري وأحد الأشخاص الواردة أسماؤهم في قرار الحجز، أنّ الأجهزة الأمنية بدأت قبل ثلاثة أشهر بالتضييق على أهالي البلدة بعد رفضهم وجود أي مجموعات عسكرية داخلها أو اقتحامها، حسب اتفاق التسوية المبرم مطلع العام 2017.

وأشار في معرض حديثه لموقع تلفزيون سوريا إلى عدم وجود أي أصول عقارية أو مالية لغالبية المهجرين من البلدة، معتبراً أنّ الإجراءات الأخيرة مجرد وسيلة ضغط على أهالي البلدة للقبول بواقع أمني جديد.

ولم تقتصر عقوبة الحجز الاحتياطي على المهجرين أو المعارضين للنظام السوري، وإنما طالت أشخاصاً معتقلين وآخرين متوفين، منهم تحت التعذيب أو من جراء قصف النظام السوري وميليشياته في سنوات سابقة، بهدف التضييق على ذويهم، بحسب الخطيب.

تقارير كيدية

وقال أبو محمد (58 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد الأشخاص الذين طبّقت وزارة المالية قرار الحجز الاحتياطي على أملاكهم إنّه تفاجأ بورود اسمه في قرار المالية المستند لقانون مكافحة الإرهاب ومراسيم "فصّلها النظام السوري على مقاس الواقع السوري لقمع المناهضين له والتضييق عليهم"، حسب تعبيره، مؤكداً أنه لم يكن ينتسب لأي من فصائل المعارضة السورية فيما سبق، وأنه اليوم في البلدة بصفة مدنية.

وأضاف "لست المدني الوحيد الذي ورد اسمه في قرار الحجز، وعند مراجعة العشرات من أبناء البلدة لمديرية المالية في ريف دمشق للوقوف على أسباب الحجز اكتفت المديرية بتوجييهم للفروع الأمنية لمتابعة وضعهم القانوني".

ويعزو أبو محمد حجز الوزارة على أملاك مدنيين إلى استغلال العاملين لصالح الفروع الأمنية في البلدة نفوذهم في تمرير غاياتهم الشخصية ضد أبناء البلدة ورفع "تقارير كيدية" بحقهم.

وقدّمت ربيعة الفهاد والدة معاوية طعمة متزعم ميليشيا محلية في بلدة زاكية تتبع للفرقة الرابعة، وعارف تيسير نور الدين والد جمال نور الدين القيادي في المجموعة ذاتها، إضافة إلى علاء الشيخ المتطوع في ميليشيا مكتب أمن الفرقة الرابعة أواخر العام الفائت ادعاءاتٍ جنائية كيدية ضد 50 شخصاً من أبناء البلدة، على اعتبار أنّ التقارير الأمنية تأخذ حيزاً زمنياً أطول ويتم إسقاطها عن المدعى عليه حال إجرائه تسوية أمنية، بحسب موقع "صوت العاصمة".

وذكر المصدر آنذاك أنّ أهالي بلدة زاكية اتفقوا مطلع أيلول الفائت على إنهاء وجود ميليشيات تتبع للفرقة الرابعة في البلدة وعدم السماح للمتورطين بأعمال اغتيال وتفجير بالعودة إليها، بعد اشتباكات بالأسلحة الفردية استمرت لعدة أيام مع مجموعة عسكرية تابعة للفرقة الرابعة يقودها معاوية طعمة.

وتنوعت الادعاءات الجنائية حينها بين الشروع بالقتل واستخدام أسلحة حربية ومتفجرات وحرق منازل وسرقة وتخريب والاعتداء على ممتلكات خاصة وعامة في البلدة

1

انتقام لميليشيات الفرقة الرابعة

مصادر تلفزيون سوريا أكّدت أنّ كل المنازل والمركبات التي حُرقت أو تضررت خلال المواجهات بين الأهالي والمجموعات التابعة للفرقة للرابعة، هي مقار وسيارات لقادة المجموعات المتورطين بعمليات اغتيال وتفجيرات داخل البلدة.

وبيّنت المصادر أنّ أهالي البلدة قبلوا أواخر كانون الأول الفائت بإجراء تسوية أمنية بين عناصر سابقين في فصائل المعارضة السورية وآخرين شاركوا بطرد مجموعات الفرقة الرابعة مع الأجهزة الأمنية في مقر الفرقة السابعة المتاخم للبلدة على أمل عودة الاستقرار للبلدة، الأمر الذي حاول معاوية طعمة إفشاله من خلال إطلاق النار بشكل عشوائي على منازل البلدة من محيطها واقتحام مركز التسوية وتهديد أعيان ووجهاء البلدة.

وأضافت أنّ المقربين من معاوية طعمة والفرقة الرابعة بدؤوا بكيل اتهامات لأبناء البلدة باستخدام أسلحة حربية ودعم أنشطة عسكرية وحراكات سلمية مناهضة للنظام السوري، لتطبيق قرار الحجز الاحتياطي على ممتلكاتهم.

الوجه القانوني

أقر بشار الأسد في تموز 2012 القانون رقم 63 أو ما يعرف بـ"قانون مكافحة الإرهاب" الذي عرّف الإرهاب بـ"كل فعل يهدف إلى إيجاد حالة من الذعر بين الناس أو الإخلال بالأمن العام أو الإضرار بالبنى التحتية أو الأساسية للدولة ويرتكب باستخدام الأسلحة أو الذخائر أو المتفجرات أو المواد الملتهبة أو المنتجات السامة أو المحرقة أو العوامل الوبائية أو الجرثومية مهما كان نوع هذه الوسائل أو باستخدام أي أداة تؤدي الغرض ذاته"، حسب مضمون المرسوم حينها.

وأتاحت المادة رقم 11 من القانون للنائب العام أو من يفوّضه من الجهات الحكومية تجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة لكل من يرتكب إحدى الجرائم المتعلقة بتمويل "الأعمال الإرهابية".

وتنقل ملكية الأموال المنقولة وغير المنقولة وكل الأصول التي يطبّق عليها "القانون" إلى "الحكومة" بموجب حكم قضائي.

سرقة موصوفة

ويرى الناشط الحقوقي وعضو نقابة المحامين السوريين الأحرار فهد الموسى أنّ المرسوم التشريعي رقم /63/ لعام 2012 يخالف نص المادة 15 من الدستور السوري الذي يضمن ويحمي الملكية الخاصة والجماعية ويمنع مصادرتها إلا بحكم قضائي مبرم، وبالتالي يعتبر الحجز الإحتياطي من قبل السلطة التنفيذية خرقا قانونيا فاضحا لمبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في الدستور السوري النافذ لعام 2012.

كذلك يعتبر تعدّيا على أعمال السلطة القضائية وهو مخالف لأحكام قانون أصول المحاكمات عام 1953 والذي تمّ تعديله عام 2016 الذي يستوجب أن يكون الحجز الاحتياطي بموجب حكم قضائي صادر عن قاضي الأمور المستعجلة ويقلب إلى حجز تنفيذي عند صدور حكم قضائي مبرم بأساس الدعوى.

واعتبر الموسى أنّ "الحجز الاحتياطي الإداري الذي يقوم به نظام الأسد هو سرقة موصوفة لأموال السوريين باسم القانون وعقوبة وترهيب لكل من لا يؤيد إجرام نظام الأسد"، مضيفاً أنّ سنّ هذه القوانين يهدف بصورة غيرة مباشرة لتعويض الانهيار المالي الذي تعاني منه حكومة نظام الأسد.

ويحق للسوريين الذين صودرت أموالهم أن يطالبوا بتعويض عن الضرر الذي لحق بهم من هذا النظام عندما يتم تحقيق بيئة آمنة ومستقرة ومظلة قانونية توفر العدالة لضحايا الجرائم الحاصلة ضد الإنسان والتي لا تسقط بالتقادم.

ويشير الحقوقي إلى أنّ حكومة النظام السورية تسمح "شكلياً" برفع دعاوى لإزالة الحجز الاحتياطي الإداري المفروض من قبل وزير المالية خلال ثمانية أيام من صدور قرار وزير المالية.

عملياً، وكما هي الحالة في بلدة زاكية، لم يتبلّغ الأشخاص المحجوز على أملاكهم بقرار وزارة المالية إلا بعد أشهر من صدور القرار، ما أفقدهم مهلة الأيام الثمانية للاعتراض على القرار، إضافة لكون غالبية المشمولين بقرار الحاجز موجودين خارج سوريا أو مغيبين قسرياً وملاحقين أمنيا بالاعتقال والتعذيب وهم بحاجة لموافقة أمنية مسبقة لتوكيل محامين وغالباً ما تأتي الموافقة الأمنية بالرفض.