بالنظر إلى حجم الكارثة التي خلفها الزلزال المدمر الذي ضرب فجر الإثنين 6 شباط الجاري، شمال غربي سوريا وجنوبي تركيا، وحيث إن فرق العمل المتخصصة بالدعم النفسي قليلة، وكثير منها جاءت من خلفيات اجتماعية ومن تخصصات غير علم النفس أو الطب النفسي.
وكذلك فإن الناس عموماً لا يمتلكون معرفة نفسية في الحد الأدنى تمكنهم من التعاطي بشكل سليم مع النتائج المهولة للأحداث دون إحداث مزيد من الأضرار، لا يدرك الكثيرون، بما فيهم المتطوعون في فرق الدعم النفسي أن بعض التصرفات الخاطئة قد يكون لها آثار مديدة ومدمرة على الصحة النفسية للضحايا.
كثيرة هي القضايا التي يجب أن يكون هنالك أدلة عملية بين فرق التطوع للتعامل معها، لكن واحد من أكثرها إلحاحاً في هذه الظروف العصيبة قضية الإبلاغ بالأخبار السيئة، وعلى رأس هذه الأخبار السيئة، وفاة أفراد من العائلة، والأبوين على وجه الخصوص.
إن كثيرا من الأطفال الآن فقدوا أسرتهم بالكامل أو على الأقل أحد أفراد أسرتهم أو دمر بيتهم وأشياءهم المحببة، هؤلاء بحاجة لإخبارهم بشكل علمي ودقيق وواضح ومفهوم من قبلهم؛ لأنهم من دون ذلك سيستمرون في تكذيب الخبر في داخلهم، وما يزيد من شعور القلق والخوف.
ينبغي أن ندرك بأن الصدمة باعتبارها أمراً مفاجئاً غير مألوف للطفل، تتموضع في إطار انفعالي شديد يصعب على الطفل بمعارفه ومدركاته الإحاطة بما حدث دون مساعدة واعية ودعم ممن حوله، وما أود طرحه هنا إجراءات دليلية مبسطة للغاية للعموم (غير المتخصصين) كما تذهب إليها معظم الدراسات المتخصصة في السنوات الأخيرة، عن كيفية تبليغ الأطفال بالحدث الصادم بطريقة محددة ومفهومة تساعدهم على الاستجابة للحدث بطريقة تكيفية قدر الإمكان، والتخفيف من حدة المشاعر السلبية المزعجة المرتبطة بالحدث الصادم والتي يتم تخزينها في الذاكرة بشكل عشوائي وغير منظم وتبقى مثل خزان قابل للانفجار في أي لحظة ولو بعد سنوات.
وبتعبير آخر، إن عدم مساعدة الطفل ممن حوله من أقارب ومقدمي الرعاية على الاستجابة للحدث المحزن الصادم، والمرور بمراحل الحزن المعروفة وتقبلها والتعامل معها، ونقل الخبر بطريقة غير واضحة أو غيبية غير مفهومة، سيدفع الطفل لإغلاق ذاكرة الصدمة بما فيها من أفكار ومشاعر وصور حسية بطريقة غير تكيّفية ما يعني أنه يمكن استرجاعها بسهولة عند أي موقف ضاغط يقابله في حياته، وبالتالي سيتسمر تأثيرها السلبي وربما يتضاعف.
أعلم أن الكبار يحتاجون مثل هذه الدليل الإجرائي المبسط أيضاً في ظل الكارثة الحالية، لكن من أجل عدم تداخل الأمرين، فضلت كتابة هذه الإجراءات فيما يخص الأطفال لأنهم الأكثر تأثراً مقارنة بالراشدين، نظراً لاختلاف مرحلتهم العمرية وما يرتبط بها من خبرات سابقة وقدرة على إدراك واستيعاب الأحداث غير المألوفة، ومع ذلك جزء لا بأس به من هذه الإجراءات يمكن استخدامها مع الكبار الراشدين.
يتألف الدليل الإجرائي هذا من 22 إجراءً يجب التقيد بها، و22 أخرى يجب الحذر منها وتجنب القيام بها، وقد وضعتها في جدول مقارن ليسهل تداولها، وأيضاً ليكون بالإمكان الانتباه إلى الإجراءات الخاطئة، والتي لسوء الحظ منتشرة للغاية، كالآتي:
ما يجب فعله | تحذير |
---|---|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
أخيراً، آمل أن هذه الإجراءات المبسطة التي دونتها أعلاه والمستمدة من خلاصة ما تذهب إليه دراسات الصدمة ونموها، ستخفف من معاناة أطفالنا السوريين وتخفف من آثار الزلزال في ظل فقر المساعدة والدعم في هذا الإطار وافتقار المنطقة المنكوبة شمال غربي سوريا وفي عموم البلاد لمنظومة عمل دعم نفسي مركزي مجهزة لمواجهة الطوارئ والكوارث.
نور كيخيا - اختصاصية نفسية