رغم حصولهم على معلومات مؤكدة من داخل المحكمة العسكرية بدمشق، تفيد أن إبراهيم وأحمد ودعاس عز الدين، أعدمتهم قوات النظام السوري ميدانياً مع 500 معتقل من الغوطة الشرقية بريف دمشق، لم يستسلم أقرباؤهم ولم يفقدوا الأمل واستمروا بالبحث للكشف عن مصيرهم علهم يكونو على قيد الحياة. إلا أن اتصالاً من الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنهى رحلة البحث ببيان وفاة.
يقول بسام عز الدين لموقع تلفزيون سوريا إن عائلات أقربائه المعتقلين لم تستسلم خلال كل تلك السنوات، متعلقين بأمل أن أبناءهم ما زالوا على قيد الحياة، لكنهم صُدموا عندما تواصلت معهم الشبكة السورية لحقوق الإنسان وسلمتهم بيانات وفاتهم الصادرة من دائرة السجل المدني التابعة لحكومة النظام السوري.
بيانات وفاة إبراهيم وأحمد ودعاس عز الدين التي حصلت عليها الشبكة السورية، تضاف إلى المئات من بيانات الوفاة التي تحتفظ بها، والتي تمكنت بناءً على شبكة العلاقات والمصادر التي عملت على بنائها بشكل تراكمي على مدى سنوات من الحصول عليها، ومن ضمنها نساء وأطفال، والتي بلغت منذ عام 2018 وحتى نهاية عام 2021 قرابة الـ 1062 بيان وفاة.
الشبكة السورية لحقوق الإنسان أصدرت الثلاثاء تقريراً بعد حصولها على 547 بيان وفاة جديداً منذ مطلع عام 2022 لمواطنين سوريين بينهم ناشطون بارزون في الحراك الشعبي كانوا مختفين قسرياً ضمن سجون النظام، ولم تنشرها دوائر السجل المدني، ولم تخبر أهلهم بوفاتهم. معربة عن مخاوفها من أن يكون القتل هو مصير الباقين من عشرات آلاف المختفين قسرياً لدى النظام السوري.
وبناء على ما سبق وبعد الحصول على 547 بيان وفاة جديداً، بلغت حصيلة المختفين في سجون النظام السوري الذين تم تسجيلهم على أنهم متوفون في دوائر السجل المدني 1609 شخصاً بينهم 24 طفلاً و21 سيدة (أنثى بالغة)، و16 حالة من الكوادر الطبية، وذلك منذ مطلع عام 2018 حتى تشرين الثاني 2022، إذ لم يُذكَر سبب الوفاة، ولم يسلم النظام الجثث للأهالي ولم يعلمهم بمكان دفنها، ولم يُعلن عن الوفاة وقت حدوثها.
بعد انتظار 10 أعوام تحطم الأمل
يحيى بدر الدين الحجازي من مواليد (1959)، ونجله بدر من مواليد (1989)، اعتقلتهما عناصر قوات النظام السوري عام 2012 إثر مداهمة منزلهما في مدينة حماة، واقتادتهما إلى جهة مجهولة، وفي العام ذاته اعتقلت قوات النظام نجل يحيى الثاني محمد وهو من مواليد (1991)، في أثناء خدمته العسكرية بريف دمشق، ومنذ ذلك الوقت وهم في عداد المختفين قسرياً، نظراً لإنكار النظام السوري احتجازهم أو السماح لأحد ولو كان محامياً بزيارتهم.
وفي تشرين الثاني 2022 حصلت الشبكة السورية على بيانات وفاة صادرة من دائرة السجل المدني التابعة للنظام، توضح أنهم قد توفوا بتاريخ 11 كانون الأول 2013، و13 و18 حزيران 2014، وقامت بإبلاغ ذويهم، وتؤكد الشبكة أن لديها معلومات بأنهم كانوا بصحة جيدة حين اعتقالهم، مما يرجح بشكل كبير وفاتهم بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية داخل أحد سجون النظام، ولم تسلم جثتهم لذويهم.
ويشير محمد نور الحجازي شقيق يحيى إلى أن "النظام اعتقل في عام 2012 يحيى بدر الدين الحجازي وثلاثة من أولاده من بينهم طفل كان يبلغ من العمر 13 عاماً، في حي البساتين بمدينة حماة، بعد حملة مداهمات، حيث اعتقلت قوات النظام حينئذ أكثر من 35 شخصاً من عائلته رغم أنهم لا علاقة لهم بالحراك الشعبي ولم يشاركوا في أي نشاط متعلق بالثورة.
وبعد أربعة أشهر أفرجت قوات النظام عن ابن شقيقه الصغير البالغ من العمر 13 عاماً، والذي أكد أن النظام نقل المعتقلين بطائرة إلى العاصمة دمشق، ولكن ليس لديه أي معلومات عن والده وإخوته.
يقول الحجازي لموقع تلفزيون سوريا: "حاولنا مراراً خلال السنوات العشر الماضية، الحصول على أي خبر عنهم عن طريق سماسرة، لكن جميعهم كانوا كاذبين، ونصبوا علينا من دون أن يعطونا أي معلومة".
ويضيف "منذ اعتقالهم قبل عشر سنوات، كنا متعلقين بأمل أنهم لا يزالون على قيد الحياة وربما يُطلق سراحهم يوماً ما، لكننا انصدمنا قبل فترة عندما أعلمتنا الشبكة السورية لحقوق الإنسان بوفاتهم وأرسلت إلينا بيانات رسمية تؤكد وفاتهم".
النظام اعتقل 9 أشخاص من عائلته بين 2012 و2018
إبراهيم يوسف عز الدين (مواليد 1972) يعمل في مجال البناء، وابن عمه أحمد عبد الله عز الدين (مواليد 1977)، وهو موظف حكومي، من أبناء بلدة دير العصافير في الغوطة الشرقية، اعتقلتهما قوات النظام السوري في حزيران 2013، لدى مرورهما من حاجز على طريق بلدة المليحة بريف دمشق، واقتادتهما إلى جهة مجهولة.
وفي عام 2021 حصلت الشبكة السورية على بيانات وفاة صادرة من دائرة السجل المدني توضح أنهم قد توفوا بتاريخ 9 كانون الأول 2014، و12 كانون الثاني 2015.
أما دعاس عدنان عز الدين (مواليد 1985) من أبناء بلدة دير العصافير، فكان يعمل مزارعاً، واعتقلته قوات النظام السوري في آذار 2018، من مكان إقامته في مركز إيواء النازحين في مجمع معهد الكهرباء في مدينة عدرا بريف دمشق، واقتادته إلى فرع الأمن الجوي التابع لها في مدينة دمشق، ومنذ ذلك الوقت وهو في عداد المختفين قسرياً، إلى أن علم ذووه أنه مسجل في دائرة السجل المدني على أنه قد توفي بتاريخ 28 أيار 2019.
وأوضح بسام عز الدين وهو أحد أقرباء إبراهيم ودعاس عز الدين، أن قوات النظام السوري اعتقلت تسعة أشخاص من عائلته بين عامي 2012 و2018، من بينهم والده محمد عز الدين الذي اعتُقل عام 2012، وفي عام 2013 اعتقلت قوات النظام كلاً من إبراهيم وأحمد عز الدين لدى مرورهما من حاجز تابع لها على طريق بلدة المليحة في الغوطة الشرقية.
وأضاف لموقع تلفزيون سوريا أنه في عام 2018 اعتقلت قوات النظام عمه أمين وعدنان عز الدين وأولادهم دعاس وضرار من مركز إيواء النازحين في مجمع معهد الكهرباء في مدينة عدرا بريف دمشق واقتادوهم إلى التحقيق في فرع الأمن الجوي التابع للنظام بدمشق، وبعدئذ اعتقلت قوات النظام نحو 100 شخص من أبناء بلدة دير العصافير من بينهم أولاد عمه عبد الحميد ومحمود عز الدين، وبحسب الشهود تم اقتيادهم إلى سجن صيدنايا.
"قال لي لا تتعب نفسك بالبحث عنهم فقد أُعدموا ميدانياً"
يتحدث بسام عن معاناتهم كعائلة لديها معتقلون، وكيف تعرضوا للابتزاز والاحتيال من قبل محامين وسماسرة، الذين وعدوهم بتحويل أقاربهم المعتقلين إلى التحقيق، ودفعوا خلال كل تلك السنوات مبالغ مالية تجاوزت الـ 200 مليون ليرة، لكنهم اكتشفوا أن الجميع كان يكذب عليهم ويعطيهم وعوداً كاذبة.
ويروي أنه في إحدى المرات ذهب مع محامي صديقه إلى المحكمة العسكرية التابعة للنظام في دمشق، والتقى بشخص تبين أنه ابن مدير سجن صيدنايا، ويعمل إما محامياً أو قاضياً (لم يستطع التأكد)، فدخل إلى المحكمة العسكرية للتأكد من وضع أقاربه المعتقلين.
عندما خرج ابن المسؤول من المحكمة كان يحمل ورقة صغيرة بيده، وقال لي لا تتعب نفسك بالبحث عنهم فقد أُعدموا ميدانياً، لكنني لم أصدق.
يضيف عز الدين: "عندما خرج ابن المسؤول من المحكمة كان يحمل ورقة صغيرة بيده، وقال لي لا تتعب نفسك بالبحث عنهم فقد أُعدموا ميدانياً، لكنني لم أصدق وجلست معه أكثر من مرة واستفسرت منه عن وضع أقاربي المعتقلين، فأكد لي أنهم أُعدموا مع 500 شخص من الغوطة".
لم يستسلم بسام وأقاربه ولم يفقدوا الأمل بأن يكون أقرباؤهم ما يزاولون على قيد الحياة، وخاصةً عندما حاولوا استخراج بيانات وفاة لهم، فتبين أنهم ما زالوا على قيد الحياة، إلى أن صُعقوا عندما تواصلت معهم الشبكة السورية لحقوق الإنسان قبل خمسة أشهر وسلمتهم شهادات وفاتهم.
قتل المعتقلين للحصول على أملاكهم
عز الدين أشار إلى أن "مختار دير العصافير أخبر الأهالي منذ فترة أن يستخرجوا بيانات وفاة لأبنائهم، للتأكد من عدد أفراد العائلة على البطاقة الذكية التي يوزع عبرها الخبز والمازوت ليتم إخراجهم من الدعم، ليتفاجأ بعض الأهالي بوجود بيانات وفاة لأبنائهم المعتقلين".
ويرجح عز الدين أن "هذا الإجراء هو أحد أسباب إفصاح حكومة النظام السوري عن بيانات الوفاة، بالإضافة إلى احتمال آخر، وهو أن الميليشيات الإيرانية باتت تشتري عقارات بشكل كبير في منطقة الغوطة الشرقية، فإذا كان أحد أصحاب العقار معتقلاً فيعمدون إلى توفيته في السجل المدني أو أنهم يأمرون بقتله داخل السجن، حتى يجبروا أفراد أسرته على التوقيع وبيع العقار".
المعتقل سعد محمود.. رحلة بحث قاسية عن مصيره انتهت ببيان وفاة
الناشط الإعلامي سعد محمود (مواليد 1983)، من أبناء حي باب قبلي بمدينة حماة، اعتقلته قوات النظام السوري في حزيران 2011 إثر مداهمة مكان عمله في المدينة، وفي حزيران 2018 حصلت الشبكة السورية على بيان وفاة صادر من دائرة السجل المدني التابعة للنظام، يوضح أن سعداً قد توفي في 13 شباط 2013 في المحكمة الميدانية العسكرية بمدينة دمشق، ولم تسلم قوات النظام السوري جثته لذويه.
وتقول نور الخطيب وهي أحد أقرباء سعد: "منذ اللحظات الأولى لعلمنا باعتقال سعد وعلى مدى عشر سنوات بذلنا جهوداً كبيرة ومستمرة سواء عن طريق سماسرة لهم صلة بالفروع الأمنية، أو أشخاص لهم علاقات قوية ضمن النظام مقابل دفع أموال، لمعرفة مكان اعتقاله والتهم الموجهة إليه أو حتى تحصيل ولو معلومة صغيرة، ولم نترك أي مجال أو أي ثغرة من الممكن أن تمنحنا ولو ذرة أمل إلا ولجأنا إليها في محاولة لإطلاق سراحه".
وطوال فترة اعتقاله لم تفقد عائلة سعد الأمل البتة، ولم تبخل في بذل أي شيء من الممكن أن يوصلها إلى معلومة عنه، فخلال السنوات السابقة كانت تصل إليهم معلومات من المفرج عنهم أو عن طريق محامين بأن سعداً توفي تحت التعذيب، ولكنها لم تكن معلومات دقيقة بالنسبة لها، ودائماً كان لدى العائلة أمل بأن احتمالية صحة هذا الخبر قد تكون ضعيفة.
وتشير نور التي تعمل مع الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إلى أن سعداً كان يعمل محاسباً، وهو صاحب مدونة "نافذتي" على الإنترنت، واعتقل في اليوم الثالث لاقتحام قوات النظام السوري لمدينة حماة، وكان يبلغ من العمر حينئذ 29 عاماً.
وخلال الأشهر التي شارك فيها سعد في الثورة السورية بمدينة حماة، كان من أبرز الناشطين الإعلاميين، فمعظم مظاهرات ساحة العاصي كانت بعدسة سعد، بالإضافة إلى تصوير مشاهد الاقتحامات وإطلاق النار من قبل قوات النظام.
وبعد اعتقاله في مكان عمله من قبل فرع الأمن الجوي التابع للنظام في حماة، حاولت عائلة سعد بكل الطرق أن تخرجه، لكن جهودها باءت بالفشل لأن سعداً كان من الناشطين البارزين في الثورة، ولذا من الصعب أن يفرج عنه النظام، فتم تحويله من مطار حماة إلى سجن المزة بدمشق.
خلال فترة اعتقاله كانت تصل أخبار قليلة عنه، كل سنتين أو أربع سنوات يصل خبر واحد، وكان الخبر قبل الأخير من قبل شخص خرج من سجن المزة بدمشق، وأخبر عائلته بأن سعداً تعرض للتعذيب الشديد (كتقليع أظافره أو نتف شعره) خلال التحقيق معه، وبعدئذ بفترة بسيطة علموا أن سعداً تم تحويله إلى سجن صيدنايا العسكري، ومن حينئذ قُطعت أخباره بالكامل ولم يعد يصل عنه أي معلومة، إلى أن استخرجت الشبكة السورية بيانات الوفاة، وكان اسم سعد بينها.
عندما توفي سعد عام 2013 لم تكن عائلته على علم بذلك، ولذا كانوا لا يزالون يبذلون جهوداً كبيرة ويدفعون الأموال الكثيرة ويتواصلون مع أشخاص على أمل أن يرسل إليهم أي معلومة مع أي أحد من المفرج عنهم.
عندما توفي سعد عام 2013 لم تكن عائلته على علم بذلك، ولذا كانوا لا يزالون يبذلون جهوداً كبيرة ويدفعون الأموال الكثيرة ويتواصلون مع أشخاص على أمل أن يرسل إليهم أي معلومة مع أي أحد من المفرج عنهم.
وخلال السنوات السابقة كانت تصل إلى العائلة معلومات عن وفاته، ولكن لم تكن مؤكدة، بحيث يبقى مجال للشك من صحة هذه المعلومات. تقول نور "بحكم عملي في الشبكة السورية وبحكم اشتغالنا على بيانات الوفاة فقد وصل إلينا مئات البيانات وخلال عملنا على هذه البيانات كان اسم سعد موجوداً فيها ما شكل لدينا صدمة كبيرة".
الصدمة التي أصابت عائلته، كانت أولاً بسبب أن تاريخ الوفاة كان عام 2013 أي بعد عامين من اعتقاله، وأيضا في بيان وفاته كان قد كتبت المحكمة الميدانية، وهي إشارة إلى أنه خضع لمحكمة ميدانية وصدر بحقه حكم بالإعدام".
وتضيف نور أن "كل هذه التفاصيل (تاريخ وطريقة الوفاة) أمر مؤلم جداً بالنسبة لنا كعائلة وخاصة بالنسبة لي شخصياً، فسعد كان مقرباً جداً إلي، فهو صديق الطفولة، وتربينا وعشنا وكبرنا معاً، ولا يوجد أي كلام يعبر عن اللحظة التي رأيت فيها بيان وفاته".
إبلاغ الأهالي بمصير أبنائهم يحتاج إلى خبرة ومعرفة
ويرى فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن أصعب مرحلة وأكثر الأمور حساسية حتى من الحصول على بيانات الوفاة واستخراجها من سوريا، هو التواصل مع أهالي الضحايا وإبلاغهم، فالموضوع معقد جداً وليس بسيطاً كما يظن بعضهم، والتعاطي مع مسألة حساسة كهذه يتطلب معرفة وخبرة.
ويقول عبد الغني لموقع تلفزيون سوريا إن "هذه البيانات ليست لأشخاص لدينا بياناتهم ومعروف مصيرهم سابقاً، وإنما هي حالات جديدة، والمهمة الصعبة هي أنه لدينا حالات جديدة لـ 547 شخصاً قتلهم النظام السوري وأهاليهم لا يعلمون مصيرهم، فكيف سنبلغ هؤلاء الأهالي بمصير أبنائهم".
ويضيف أن "كشف مصير هؤلاء الضحايا وإبلاغ أهاليهم يحتاج إلى تدريب هائل وخبرة ومعرفة بالتعاطي مع مسائل حساسة جداً كهذه، وهو أصعب بكثير من أخذ شهادة أو رواية من معتقل سابق، رغم صعوبة الأمرين، فالإبلاغ أمر شاق، ويتعين على المُبلغ مراعاة شعور الأهالي، لأنه يتعاطى مع عائلات مفجوعة بفقد أبنائها، واختفائهم".
نشر بيانات الوفاة بشكل عشوائي يخدم النظام السوري
وبحسب مدير الشبكة فإن "عائلات تعيش على الأمل بانتظار أي خبر أو معلومة عن أبنائها، وأمهات تنتظر أبناءها بفارغ الصبر وتحلم بكل لحظة أنه سيخرج، ولكن عند إبلاغها ببيان وفاته يتحطم كل هذا الأمل، ولذا فإن الأمر يحتاج إلى استشعار لخطورة الموقف، والفكرة الأهم أن هذه ليست عملية (بظ) إعلامي".
نشر بيانات الوفاة على الإنترنت بشكل مفاجئ وفوضوي، وقبل التواصل مع عائلات الضحايا والتعامل مع الأمر على أنه بظ إعلامي هو انتهاك لحق هذه العائلات.
ونبه عبد الغني أن "إبلاغ العائلات عن وفاة أبنائهم المعتقلين، أمر خطير جداً وفيه مسؤولية كبيرة، ولذا فإن نشر بيانات الوفاة على الإنترنت بشكل مفاجئ وفوضوي، وقبل التواصل مع عائلات الضحايا والتعامل مع الأمر على أنه بظ إعلامي هو انتهاك لحق هذه العائلات".
وشدد على أن "الإبلاغ يجب أن يكون بشكل تدريجي وعلى مراحل، فنحن لدينا هذه البيانات من أشهر طويلة، ومن بين الـ 547 بيان وفاة، أبلغنا فقط 30 عائلة، لأنها تحتاج إلى وقت وجهد وعدة جلسات، حتى تصل إلى مرحلة تجد أن الوضع أصبح مناسباً بعد كل التمهيد، فعندئذ تبلّغ وبطريقة معينة وبعد أيام من بناء العلاقة والثقة مع العائلة".
وأشار إلى أنه "بعد تبليغ الأهالي، فإن الكثير من العائلات لا ترغب بنشر أسماء أبنائها، لأسباب تخصهم، فالعائلة هي التي تقدر ذلك وليس نحن، وهذا خيارهم، ولذلك فإن النشر للعلن من دون موافقة الأهل هو كارثة وإساءة للعوائل وإهانة لهم، وسيشكل لهم صدمة".
ويعتبر عبد الغني أن "النشر على العلن بطريقة عشوائية، يشبه طريقة النظام السوري الذي أهان العائلات ولم يحترمها، وأبلغهم بطريقة الصدمة عن طريق السجل المدني، ولذا يخدم النظام لأنه يزيد من معاناة الأهالي، بالإضافة إلى أنه يساهم في حرق المصادر التي يتم الحصول عن طريقها على بيانات الوفاة".