شنت "هيئة تحرير الشام" هجمات عنيفة، مساء الثلاثاء، على مقار عسكرية للمجموعات التابعة للقيادي السابق المنشق عن الهيئة المعروف باسم "أبو أحمد زكور" في مدينة اعزاز شمالي حلب.
واستخدمت في الاشتباكات الأسلحة المتوسطة والثقيلة، في حالة غير مسبوقة تشهدها المدينة، ما أثار حالة من الهلع والخوف بين الأهالي.
وكان القيادي البارز في "هيئة تحرير الشام"، جهاد عيسى الشيخ الملقب بـ"أبو أحمد زكور" أعلن انشقاقه عن الفصيل، بالتزامن مع خلافات كبيرة مع قائد الهيئة أبو محمد الجولاني، الذي يلاحق كل من يتعاون مع "زكور"، المعروف بقربه من القيادي المحتجز في سجون "تحرير الشام"، أبو ماريا القحطاني.
ودفعت "هيئة تحرير الشام" بتعزيزات إضافية لقواتها في اعزاز مع تواصل الاشتباكات العنيفة مع مجموعات "أبو أحمد زكور".
كيف دخلت "هيئة تحرير الشام" إلى اعزاز؟
وقالت مصادر خاصة لموقع "تلفزيون سوريا" إن عناصر "هيئة تحرير الشام" تسللوا إلى مدينة اعزاز الخاضعة لسيطرة فصائل الجيش الوطني، وشنوا هجوماً على مقار المجموعات الموالية للقيادي "أبو أحمد زكور"، الذي لجأ إلى المدينة مؤخراً بسبب وجود صلات عشائرية في المنطقة.
وأضافت المصادر أن عناصر الهيئة دخلوا إلى مدينة اعزاز بمساعدة مجموعات من الجيش الوطني الموالية للهيئة.
ويسيطر الفيلق الثالث التابع للجيش الوطني السوري على مدينة اعزاز، ومعبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، كما أن المدينة تعد معقلاً رمزياً للمعارضة ومؤسساتها، بسبب احتضانها المقار الرسمية لـ "الائتلاف الوطني السوري"، والحكومة المؤقتة، والمجلس الإسلامي السوري، فضلاً عن وجود العديد من المؤسسات المدنية الأخرى.
ما مصير "أبو أحمد زكور"؟
تداولت صفحات إخبارية محلية أنباء عن تمكن "هيئة تحرير الشام" من اعتقال القيادي المنشق "أبو أحمد زكور"، بعد تسليم نفسه نتيجة الهجوم الشرس وإصابة شقيقة قتيبة بجروح بالغة.
لكن تواردت أنباء فيما بعد تفيد بأن حاجزاً مشتركاً للجيش التركي والجيش الوطني السوري أوقف رتل "هيئة تحرير الشام"، واستطاعوا تخليص "أبو أحمد زكور"، ونقلوه إلى سجن تابع لهم، في حين نفى ناشطون هذه المعلومات وقالوا إن "زكور" استطاع الفرار، وإلى الآن لم تعلن أي جهة عن مصيره.
وأظهرت مقاطع مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار مدرعات للجيش التركي في شوارع مدينة اعزاز عقب الاشتباكات.
#فرات_بوست#حلب الريف الشمالي : #عاجــــل
— فرات بوست (@EuphratesPost) December 19, 2023
شريط مصور يظهر قيام الجـ.ـيش التركي بتسيير مـ.ـدرعات في شوارع مدينة اعزاز، بعد اشتبـ.ـاكات مسـ.ـلحة شهدتها المدينة بين فصـ.ـائل تابعة لـ "هـ ـيئـ.ـة تحـ.ـرير الـ.ـشام" ومجموعات تابعة للقـ.ـيادي البارز أحمد أبو زكور الذي انشـ.ـق عن… pic.twitter.com/kkfdMc9em3
وكذلك تداول ناشطون على مواقع التواصل مقطعاً صوتياً نسب إلى "زكور" ينفي من خلاله أنباء اعتقاله، ويؤكد تمكنه من الفرار إلى منطقة آمنة، لكن لم يتسن لنا التثبت من صحة المقطع أو تاريخ نشره.
تفجر الخلاف بين "زكور" و"الجولاني"
في الخامس من الشهر الجاري، نشر موقع "تلفزيون سوريا" تقريراً أكد من خلال مصادر خاصة، أن القيادي "زكور" وصل إلى مفترق طرق بخلافاته مع "الجولاني"، بعد عدة أشهر من الأزمة التي بدأت باعتقال الهيئة للقيادي "أبو ماريا القحطاني" المقرّب من الشيخ بتهم التعاون مع جهات خارجية.
أشارت المصادر حينذاك إلى أن كل محاولات الوساطة الداخلية لم تفلح في رأب الصدع بين "زكور" و"الجولاني"، كما فشل الطرفان بالتوصّل إلى نقاط تفاهم بعد اجتماع مطول عقداه نهاية شهر تشرين الثاني الماضي.
وتفجّر الخلاف بعد أن حاول الجهاز الأمني للهيئة اعتقال شخصيات مقربة من "أبو أحمد زكور"، مع تسريب معلومات غير رسمية بأن سبب محاولة الاعتقال هي حملة جديدة ضد عملاء للتحالف الدولي، لكن زكور توجه مع المقربين منه إلى منطقة الجيش الوطني، لتجنب عمليات الاعتقال.
وقبل نحو أسبوع، دهمت هيئة تحرير الشام مزرعة ومقر سكن زكور في منطقة رأس الحصن بريف إدلب بالإضافة إلى مقار مجموعات تتبع له في عدة مناطق أبرزها باتبو وعقربات، ولم يكن الهدف إلقاء القبض على زكور، لأن "الهيئة" على علم مسبق بعدم وجوده، بل كانت الحملة بمنزلة إعلان إنهاء نفوذه، ولتفرقة أتباعه داخل الهيئة، وذلك في تكرار لسيناريوهات عدة شهدتها الهيئة سابقاً بعد التخلص من قادة بارزين، مثل أبو مالك التلي.