قال مدير برنامج الأغذية العالمي اليوم السبت أن "السلطات المحلية شمال غربي سوريا لا تسمح بالوصول المطلوب لفرق البرنامج التابع للأمم المتحدة"، على حد زعمه، محذرا من أنه لم يتبق لديه من الأموال المخصصة لجهود الإغاثة من الزلزال سوى ما يكفي لمدة 60 يوما.
وأضاف ديفيد بيزلي لوكالة رويترز على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن "الحكومتان السورية والتركية تتعاونان حقا وتسهلان لنا الوصول الذي نحتاجه لعبور الحدود، لكن المشكلات التي نواجهها هي العمليات العابرة للحدود في شمال غربي سوريا حيث لا تسمح لنا السلطات في المنطقة بالدخول الذي نحتاجه". وأضاف "يعوق هذا عملياتنا. يجب إصلاح ذلك على الفور".
وتابع "الوقت ينفد وأموالنا تنفد. عملياتنا تتكلف نحو 50 مليون دولار شهريا للإغاثة من الزلزال فحسب، وبالتالي إذا كانت أوروبا لا تريد موجة جديدة من اللاجئين، فنحن بحاجة إلى الدعم الذي ينقصنا".
المساعدات عبر خطوط الجبهة
يذكر أنه في منتصف كانون الأول الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تقرير "سري" قدمه لمجلس الأمن الدولي إن المساعدات الإنسانية عبر الحدود لشمال غربي سوريا من دون موافقة نظام الأسد ما زالت ضرورية.
وأضاف غوتيريش في تقرير سرّي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه "في هذه المرحلة، لم تبلغ القوافل عبر خطوط الجبهة وحتى المنتشرة بشكل منتظم، مستوى المساعدة الذي حققته العملية العابرة للحدود" عند معبر باب الهوى بين سوريا وتركيا.
وشدد غوتيريش في تقريره على أن "المساعدة عبر الحدود تبقى حيوية لملايين الأشخاص المحتاجين في شمال غربي سوريا.
غوتيريش أشار في التقرير إلى مشروع للأمم المتحدة لعمليات إنسانية عبر خطوط الجبهة للوصول إلى إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، وتتعرض لعمليات قصف من النظام وروسيا.
وأوضح أن "هذه الخطة، إذا تم تنفيذها، ستجعل العمليات عبر الخطوط الأمامية أكثر قابلية للتنبؤ وأكثر فاعلية".
ووفق التقرير "يحتاج نحو 4,5 ملايين شخص في سوريا إلى مساعدة هذا الشتاء، بزيادة 12 بالمئة عن العام السابق" بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا، مشيرا إلى أن 2,9 في المئة فقط من السوريين حصلوا على اللقاحات الكاملة.
اتهامات لهيئة تحرير الشام
وكان متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قال إن نقل مساعدات الإغاثة عقب الزلزال من مناطق النظام السوري إلى مناطق شمال غربي سوريا يتعثر بسبب مشكلات في الحصول على موافقة هيئة تحرير الشام.
والسبت الماضي، أجّلت الأمم المتحدة قافلة المساعدات التي كان قد أعلن النظام السوري عن نيته إدخالها إلى المناطق المنكوبة من جراء الزلزال في إدلب عبر الخطوط، بحجة وجود "ظروف لوجستية".
وبحسب وثيقة مُرسلة من "مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية" التابع للأمم في حلب إلى محافظ المدينة، فقد أُجّل إدخال القافلة إلى مدينة سرمدا حتى إشعار آخر "بسبب الظروف اللوجستية لدى الطرف الآخر (لم يُحددها)".
الأمم المتحدة وتأخر المساعدات
تصريحات بيزلي تأتي بعد أن أقرت الأمم المتحدة بتخليها عن منكوبي الزلزال في شمال غربي سوريا، عقب فشلها بإرسال المساعدات لهم إثر الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة فجر 6 من شباط الجاري.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث في تغريدة عبر حسابه في تويتر الأحد الماضي "لقد خذلنا سكان شمال غربي سوريا، وهم محقون في شعورهم بالتخلي عنهم".
ويناقض كلام مدير برنامج الأغذية العالمي تصريحات المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يانس لاركيه، في مؤتمر صحفي في جنيف أمس الجمعة حيث قال "إن 143 شاحنة عبرت معبري باب الهوى وباب السلام منذ 9 شباط / فبراير".
وشدد على أن هذه التحركات "تستمر اليوم، وتستمر خلال عطلة نهاية الأسبوع، وستستمر كل يوم طالما كانت هناك احتياجات". وأكد المتحدث أنه لا توجد عقبات أمام إدخال المساعدات عبر الحدود".
والجدير بالذكر أن المساعدات الأممية والدولية لم تصل إلى تركيا تمهيداً لإدخالها إلى سوريا حتى يوم الجمعة، أي بعد 5 أيام على وقوع الزلزال المدمر، في وقت تعاني فيه المنطقة من أزمة إنسانية حادة بسبب عرقلة روسيا لدخول المساعدات من معبر باب الهوى قبل أن يوافق مجلس الأمن على تمديد "آلية دخول المساعدات الدولية".
وطالت انتقادات حادة الأمم المتحدة لإخفاقها في إغاثة منكوبي الزلزال شمال غربي سوريا بشكل سريع، واعتبر مدير الدفاع المدني السوري "رائد الصالح" خلال مقابلة على الجزيرة، أن الأمم المتحدة "تسيّس المساعدات الإنسانية".
كذلك أعلن الائتلاف الوطني السوري المعارض بعد جلسة أممية لإدخال المساعدات بعد 8 أيام من الزلزال أن "تعامل الأمم المتحدة مع كارثة الزلزال في سوريا كان مسيّسا ولا يراعي الاحتياجات اللازمة لكل منطقة".
فتح المعابر لإدخال المساعدات
وبعد عرقلة النظام السوري لدخول المساعدات الأممية، أعلنت الأمم المتحدة في 13 من الشهر الجاري أن النظام وافق على فتح معبرين إضافيين بين تركيا وشمال غربي سوريا، لإدخال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من الزلزال، وذلك بعد مضي أكثر من أسبوع على الكارثة التي تسببت بخسائر بشرية ومادية هائلة.
اقرأ أيضا: المملكة المتحدة تحذر من سرقة النظام السوري لمساعدات الزلزال
وعلق المندوب الفرنسي في مجلس الأمن نيكولاس دي ريفيير حينذاك على القرار بالقول، إنه إذا لم يتم تنفيذ اتفاق الأسد بشفافية واستدامة من دون عقبات، فيجب على مجلس الأمن النظر في اعتماد قرار يسمح بوصول المساعدات.
وأوضح المندوب، "إذا حدثت عراقيل بالمعابر فعلى المجلس أن يمرر قرارا تحت الفصل السابع". أما واشنطن فقالت، إن موافقة النظام السوري على فتح معبرين جديدين "أمر جيد إذا كان الأسد جادا".