icon
التغطية الحية

بردى بخطر.. تلوث وفساد وإهمال تهدد شريان الحياة في دمشق وريفها

2024.08.21 | 06:34 دمشق

آخر تحديث: 21.08.2024 | 07:41 دمشق

156666666666
أحد فروع مجرى نهر بردى بدمشق
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

كثيرة هي المشكلات التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام السوري، إلا أن مشكلة تلوث المياه كانت دائماً من المخاطر الكبرى التي يخشاها السكان، خصوصاً مع تردي البنية التحتية وعدم عمل حكومة النظام على إصلاحها، في الوقت الذي يستشري الفساد في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها بدون استثناء.

وفي الأيام الأخيرة الماضية، انتشر مقطع مصور لأحد فروع نهر بردى بريف دمشق الغربي وقد تعرض لتلوث شديد من جراء وصول مياه الصرف الصحي إلى مجراه.

ويعد نبع نهر بردى، المصدر الأساسي لمياه الشرب وري الأراضي الزراعية في دمشق وريفها، وأي تلوث بهذا الخزان المائي الكبير قد يؤدي لكارثة إنسانية وبيئية.

ورصد موقع "صوت العاصمة" في مقطع مصور تلوث مياه نهر بردى في قرية بسيمة بريف دمشق بمياه الصرف الصحي، ما أدّى إلى انبعاث روائح كريهة وانتشار القوارض، وذلك بسبب فشل مشروع تمديد أنابيب الصرف الصحي أسفل مجرى النهر الذي أعلنت عنه محافظة ريف دمشق في وقتٍ سابق.

حادثة تنذر بكارثة 

وفي الوقت الذي يروج فيه النظام السوري عبر مشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي للسياحة في سوريا وبالأخص في قرى وادي بردى وبلودان والزبداني ومضايا التي تم تهجير معظم سكانها لا يتم أي إشارة إلى الوضع الكارثي لما يخص تلوث النهر أو الينابيع المائية في تلك المناطق.

وقال موقع صدى المجتمع المدني، في تقرير له، إن تعرض نهر بردى في ريف دمشق لتلوث شديد بمياه الصرف الصحي، تعد حادثة بيئية خطيرة تهدد حياة السكان.

ونقل الموقع عن سكان  في القرية قولهم: إن مجرى النهر يمتلئ بالنفايات والمياه الآسنة، مما قد يؤدي إلى تدهور الحالة البيئية. 

وأضافوا أنه في ظل انخفاض منسوب المياه، تزداد مشكلة التلوث بسبب إهمال الصيانة وعدم إزالة المخلفات.

وذكر أحد أبناء بلدة بسيمة، أن المحافظة قامت بتنفيذ مشروع الصرف الصحي على مجرى نهر بردى بدون ترحيل الأنقاض والردميات، مما تسبب في أضرار كبيرة على الأراضي الزراعية في بلدتي بسيمة وعين الخضرة، بالإضافة إلى تكسر بعض الأغصان بسبب مرور الآليات الكبيرة، بحسب الموقع.

تخريب بردى

موقع تلفزيون سوريا، عمل على التواصل مع سكان في قرى وادي بردى للحديث عن وضع مياه النهر، للوقوف على حقيقة ما يجري خصوصاً أن موضوع المياه شديد الحساسية وقد يتضرر منه الملايين في حال تطور التلوث إلى حالة تسمم عامة.

حسان المزاوي وهو مزارع بقرية بسيمة قال لموقع تلفزيون سوريا، إن مياه نهر بردى لا تتلوث إلا بتدخل بشري، ولذلك يجب توقف البلدية ووزارة الإدارة المحلية عن تنفيذ أي مشاريع تطويرية في المنطقة، فكل مشروع ينفذونه يؤدي إلى تخريب النهر بدل تحسين مجراه.

وأضاف المزاوي أن وصول مياه الصرف الصحي إلى النهر مرتبط بشكل أساسي بوجود المطاعم والفيلات والملاهي الليلية على مجراه وليس كما يشاع بسبب تسريب من أنابيب الصرف الصحي.

وأشار إلى أن إنشاء الفيلات والمطاعم والملاهي والاستراحات على طرفي مجرى النهر بدون تراخيص نظامية على طرق الفساد يؤدي إلى تأسيس منشآت مخالفة فنياً تكون في معظم الأحيان غير مرتبطة بشبكات الصرف الصحي النظامية بل عبر جور فنية يتسرب منها إلى التربة ومنها إلى مجرى النهر.

2444444442
التلوث في نهر بردى

ويكافح نهر بردى الذي كان رمزاً تاريخياً لدمشق وغوطتها للبقاء في ظل تلوث مستمر وإهمال مؤسسات النظام وبلدياته، مما يزعج سكان المناطق القريبة بسبب الروائح الكريهة الناتجة عن تراكم القمامة وانتشار القوارض، خاصة في فصل الصيف.

وفي أيار الماضي، كشف مدير مشفى التل الوطني الدكتور إسماعيل مراد، عن إصابة 60 شخصاً بحالات تسمم خلال 4 أيام، نتيجة تلوث مياه الشرب في مدينة التل بريف دمشق.

من جهته، قال رئيس بلدية مدينة التل سامر الأحمر في تصريحات نقلها موقع "أثر برس" المحلي، إن التلوث الحاصل بمياه الشرب ناجم عن كسر في خط الصرف الصحي وتداخل مياهه مع مياه الشرب، وأوضح أن خط الصرف الصحي موجود تحت الأرض، ويصعب كشفه، لذلك لم يكتشف إلا بعد تسمم المواطنين.

انتشار الفضلات والأوساخ

بدوره عبد الهادي المحمد يتفق مع حسان المزاوي عن مسببات التلوث، مؤكداً أن بلدته الهامة يمر النهر بتيار قوي خصوصاً في الشتاء والربيع وبسبب جرياته ينظف نفسه فهو نهر وليس مياه راكدة، والتلوث في الغالب يكون بفروعه وليس في مجراه الرئيسي.

وقال المحمد لموقع "تلفزيون سوريا" إن نهر بردى تضعف قوته بعد منتصف الصيف لارتفاع درجات الحرارة وندرة مياه الأمطار بهذه الأشهر من السنة حتى يصل إلى أدنى مستوياته بفصل الخريف.

وأضاف أن السياحة على مجرى النهر جميلة ولكن المشكلة فيمن يلوث ويترك خلفه الفضلات والأوساخ والتي تتضمن فضلات وأطعمة وأكياس بلاستيكية جميعها تتجمع في فروع النهر الضعيفة وتشكل مستنقعات ومياه راكدة مع ضعف مياه النهر.

وبيّن المحمد أن وجود مخلفات الأطعمة وغياب كامل للرقابة والرعاية على طول مجرى النهر مع الجور الفنية للمزارع يؤدي إلى انتشار رائحة كريهة في المياه التي بالنهاية تستخدم لسقاية الأراضي الزراعية وحقول المزروعات والأشجار الموسمية.

وحذر من خطورة عدم تدارك الوضع خصوصاً أن نهر بردى وينابيعه من بقين ونبع الفيجة والجوزة وغيرها جميعها هي المصادر شبه الوحيدة للمياه بدمشق، وعليها يعيش ملايين من الناس وأي تسمم - لا قدر الله- فيها يؤدي لكارثة لا تحمد عقباها.

212222220
التلوث في نهر بردى

شبكات مهترئة

ويجدر الإشارة إلى أن شبكات المياه والصرف الصحي في دمشق وريفها من القدم والاهتراء، وهو ما يزيد من احتماليات التلوث. حتى إن العديد من خطوط المياه قديمة وبالية، ولم تخضع للصيانة الكافية منذ فترة طويلة. ومع مرور الوقت، تسبب ذلك في تسرب المياه الملوثة إلى شبكة مياه الشرب.

وهذا ما حصل مؤخراً في مدينة حرستا بريف دمشق، حيث تسربت مياه الصرف الصحي إلى شبكة مياه الشرب حيث اشتكى أهالي حي البستان والشوعي والثغرة بحرستا من وجود تلوث في مياه الشرب بالمدينة، حيث زعم محافظ ريف دمشق التابع للنظام أحمد خليل أنه تمت معالجة المشكلة، إلا أنه لا يمكن التأكد من صحة ذلك.

ويؤدي تلوث المياه خصوصاً مع تداخل مياه الصرف الصحي مع مياه الشرب إلى تعرض السكان للأمراض المنقولة مثل الإسهال والتهاب الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض الخطيرة.

ومنذ سنوات توقفت البلديات في دمشق وريفها عن مشاريع استبدال شبكات المياه والصرف الصحي رغم اهترائها، والعمل بدل ذلك على تصليحها فقط، متذرعة بظروف الحرب، فيما أن مشاريع تصليح الشبكات نفسها تخضع لدوائر الفساد أيضاً.

وخلال العقد الماضي شهدت مناطق ريف دمشق العديد من حالات التسمم، بسبب تلوث مياه الشرب، وعدم اكتراث مؤسسات المياه التابعة للنظام السوري بتلك المشكلة.

في آب 2021، أصيب أكثر من 200 شخص بحالات تسمم في بلدة كناكر بريف دمشق بسبب تلوث المياه، دون أي إعلان رسمي أو متابعة من حكومة النظام. كما تكررت حالات التسمم والإعياء المعوي في قطنا وعرطوز والمناطق المحيطة. وفي كانون الأول 2020، سجلت إصابة 35 طفلاً بالتهاب الكبد الإنتاني في قطنا، بينما شهدت المعضمية تلوثاً واسعاً في شبكة المياه، مما أدى إلى تسمم نحو 4800 شخص ووفاة رضيع نتيجة إنتان معوي حاد.