بدأت قوات النظام بتعزيز مواقعها مجدداً في تلة الحماميات بريف حماة الشمالي، التي استعادت السيطرة عليها صباح أمس الجمعة، وذلك تخوفاً من اقتحامه مجدداً من قبل الفصائل العسكرية.
وقال العقيد مصطفى بكور القيادي في جيش العزة، لموقع تلفزيون سوريا، إن القوات الخاصة الروسية وميليشيات أخرى من بينها حزب الله، انسحبت مساء البارحة من تل الحماميات وسلّمت النقاط بها للحرس الجمهوري والفرقة الرابعة.
وأشار العقيد إلى أن قوات النظام بدأت العمل على تحصين تل الحماميات الاستراتيجي، وهذا ما تؤكده الصور التي نشرها إعلاميون روس يرافقون القوات الروسية في المنطقة.
وتُظهر الصور وجود دبابتين وعربة BMP وعربة شيلكا ورشاشات متوسطة، في سبيل تحصين التل تخوفاً من خسارته مرة ثانية في حال هاجمت الفصائل المنطقة مجدداً.
وأضاف بكور أن الاشتباكات ما تزال مستمرة على أطراف تل الحماميات، وتمكّنت الفصائل صباح اليوم من تدمير عربة "زيل" عسكرية لقوات النظام محملة بأكثر من 20 عنصراً، سقطوا جميعاً بين قتيل وجريح.
ولفت بكور في حديثه إلى أن السبب وراء انحياز الفصائل يوم أمس عن بلدة الحماميات وتلتها، يعود إلى الاستخدام المكثّف للوسائط النارية "بما فيها الأسلحة المحرمة دولياً".
وأعلنت هيئة تحرير الشام عن مقتل 7 عناصر من النظام وجرح آخرين، في هجوم شنته صباح اليوم مجموعة "العصائب الحمراء" على نقطة المداجن في قرية كفرهود شمال حماة، في حين قالت غرفة "وحرّض المؤمنين" أنها قتلت 5 عناصر من قوات النظام في "إغارة" على محور حريشة بريف حلب الجنوبي.
إمكانية الهجوم ما زالت متوفرة لدى الفصائل
أحرجت معركة الحماميات روسيا وميليشياتها من مختلف الفرق والألوية، محلياً ودولياً، حيث استطاعت الفصائل مساء الخميس الفائت، وبالعتاد الخفيف، من السيطرة على بلدة الحماميات وتلتها الحاكمة للمنطقة السهلية المحيطة، خلال أقل من ساعة. وبلغت أعداد القتلى من عناصر النظام في الهجوم أكثر من 30 عنصراً، بالإضافة إلى تدمير عدد من الدبابات والعربات العسكرية لقوات النظام المنسحبة.
وبحسب قادة عسكريين، فقد كانت تلة الحماميات تحتوي على أكثر من 10 نقاط محصنة (بلوكوسات)، مجهزة بمختلف أنواع الأسلحة، التي ترصد محيط التلة لمسافة 4 كم، وبحسب النعوات التي نشرتها صفحات قوات النظام، فإن معظم قتلى النظام هم من الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري.
وتُعتبر هاتان الميليشيتان من نخبة قوات النظام، وأُوكلت إليهم مهمة حماية الحماميات كخط دفاع رئيسي واستراتيجي جداً، للمعسكرات الروسية في المنطقة الشمالية الغربية من حماة، مثل معسكر بريديج والمعسكر الروسي جنوب مدينة حلفايا والمعسكر الروسي قرب مدينة محردة، بالإضافة إلى مطار جب رملة.
ورغم التحصينات التي ستقوم بها قوات النظام في تل الحماميات، ما زال باستطاعة الفصائل السيطرة عليها مجدداً، وخاصة إذا وضعت جزءاً أكبر من ثقلها في أي معركة قادمة.
وأظهرت التسجيلات المصورة لدى الفصائل العسكرية، وفرة في صواريخ الغراد وقذائف المدفعية الثقيلة، وصواريخ الـ م/ د، وهذا ما قد يساعدها بشكل كبير في السيطرة على التلة مجدداً، عبر تكثيف كل الرمايات على هذه المنطقة الصغيرة نسبياً، والتقدم نحوها بالدبابات والعربات المصفحة.
وتزداد فرص الفصائل العسكرية بشكل أكبر في حال شنّت هجوماً واسعاً من عدة محاور، على مواقع النظام في بلدة الجلمة والشيخ حديد والمغير، أو ربما قد يشمل خط المواجهة بلدات القصابية والشيخ إدريس والمستريحة، الواقعات بين بلدتي كفرنبودة وقلعة المضيق.
احتمالية التصعيد قبل اجتماع أستانا القادم
كان واضحاً خلال السنوات الثلاثة الماضية، أن من طبيعة الروس التصعيد ميدانياً وبشكل مكثّف قبيل كل اجتماع دولي حول سوريا، وكذلك الحال بالنسبة لاجتماعات أستانا.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الفائت، أن القمة القادمة لمباحثات أستانا قد تنعقد في تركيا أواخر آب أو مطلع أيلول القادمين.
وتعكس التطورات الميدانية وقصف النقاط التركية وعدم هدوء خط النار في شمال حماة وشمال اللاذقية، انعدام أي تفاهم تركي روسي حول منطقة إدلب، رغم المطالب التركية المتكررة بإيقاف الهجمات وقصف المدنيين.
ومنذ بدء المعركة بريف حماة الشمالي، في بداية أيار الفائت، لم ترم الفصائل بثقلها الكامل في المعركة، واعتبرت أن سقوط كفرنبودة وقلعة المضيق وبعض القرى المحيطة بهما بيد النظام، ليست بالخسارة الاستراتيجية، في حين دافعت بقوة عن محيط مدينتي كفرزيتا واللطامنة الاستراتيجيتين، وانتقلت من الدفاع إلى الهجوم ونقلت المعركة إلى مناطق سيطرة النظام في تل ملح والجبين.
وفي حال أرادت الفصائل العسكرية بدعم تركي من استعادة السيطرة على كل ما خسرته شمال حماة، لن يكون ذلك مستحيلاً، لتوفّر مقومات ذلك من الناحية البشرية والمادية. وربما هذا ما قد تراه تركيا مناسباً قبل اجتماع أستانا لكسر شوكة الروس وإحراجهم قبل جلوسهم على طاولة المفاوضات التي من المحتمل أن ينبثق عنها اتفاق جديد حول إدلب يعيد إليها الهدوء نسبياً.
وبذلك تكون تركيا قد ضمنت مصالحها المتقاطعة مع مصالح الفصائل في الدفاع عن المنطقة التي أثبتت عبر الإبقاء على نقاط المراقبة أنها عمق استراتيجي فعلاً، كما ذكر أردوغان بعد توقيع اتفاق سوتشي في أيلول من العام الفائت.