عبر ناشطون سوريون عن قلقهم بعدما رفضت وزارة الداخلية البريطانية طلب لجوء تقدم به لاجئ سوري يبلغ من العمر 25 عاماً، حيث أبلغوه أنه "لا يتعرض لخطر الاضطهاد أو أي خطر حقيقي قد يعرضه لأذى شديد" في حال عودته إلى بلاده التي دمرتها الحرب.
غير أن الاحتجاج على تلك الحادثة دفع وزارة الداخلية البريطانية في نهاية الأمر لتعود وتؤكد من جديد على أنها لا تفكر بإعادة الناس إلى سوريا، بما أن تلك البلاد ما تزال غير آمنة.
إلا أن الجدل حول هذا الموضوع أثار مخاوف لدى غالبية اللاجئين السوريين من احتمال أن تنتهي الأمور بالمملكة المتحدة لتحذو حذو الدنمارك التي أصبحت أول دولة أوروبية تلغي إقامات اللاجئين السوريين في العام المنصرم، بعدما زعمت أن منطقة دمشق وما حولها آمنة بما يكفي حتى يعودوا إليها.
رسائل واضحة
ذكر الناشط واللاجئ السوري عبد العزيز الماشي الذي يقيم في لندن أن تغير السياسة في الدنمارك والرسالة التي وصلت للشاب البالغ من العمر 25 عاماً في بريطانيا والذي حاول أن يهرب من التجنيد العسكري في بلده يعتبران أمرين مقلقين للغاية، ويعلق على ذلك بقوله: "إننا بوصفنا لاجئين سوريين بتنا نتحدث عن ذلك خلال الفترة الماضية، وحتى أكون صريحاً، أحس بالخطر اليوم، إذ لم نعد نثق بما تقوله وزارة الداخلية، ولو كانت لديها نية بإعادة اللاجئين، فإن هذا سيضر بكل اللاجئين السوريين الذين يعيشون في المملكة المتحدة بشكل واضح... كما لا يوجد منطقة واحدة في سوريا يمكن اعتبارها آمنة".
"‘هذه ليست مزحة"
في مطلع هذا الأسبوع، وبعد صدور تقرير حول رسالة وزارة الخارجية في صحيفة غارديان، طالبت هيومن رايتس ووتش وريفيوجي آكشن الحكومة بإلغاء القرار، على اعتبار أن اختيار وانتقاء من يمكنه العودة من اللاجئين لابد أن يخلف عواقب مدمرة على حياة السوريين الذين يعيشون في دول أخرى.
وفي مساء يوم الثلاثاء، نشرت وزارة الداخلية البريطانية تغريدة جاء فيها: "لن نعيد الناس إلى سوريا في ظل الظروف الراهنة، وذلك لأن حكومة المملكة المتحدة توافق على الحكم الصادر عن الأمم المتحدة بأن دمشق ما تزال غير آمنة بالنسبة لهم".
ومع ذلك، ما تزال تلك الحادثة تؤثر على اللاجئين سلباً، إذ بالنسبة لعبد العزيز الذي قدم إلى المملكة المتحدة في عام 2009 ولم يعد إلى بلده منذ العام الثاني لانطلاق الثورة فيها، أصبح الخطر عاماً وشاملاً منذ أن شارك في المظاهرات وشارك بتأسيس منظمة مناهضة للأسد تقوم بإطلاق حملات تضامن مع سوريا، وعن تجربته يقول: "لقد هربت الأغلبية الساحقة من السوريين من الأسد ومن نظامه الديكتاتوري في سوريا، وما يزال الأسد في السلطة، وقد تمكن من استرجاع الكثير من المناطق في سوريا، ما يعني أنه لا يمكنهم إعادة الناس إلى هناك، فأنا ناشط، ولو تمت إعادتي إلى سوريا، فسيجري قتلي لا محالة بمجرد وصولي إلى هناك، وهذه ليست مزحة كما أنه هذه ليست بسياسة، بل إنها حقوق الإنسان، أي أنهم يتلاعبون بحياة آلاف اللاجئين وهذا مقلق جداً بالنسبة لنا جميعاً".
وفقاً لما أوردته الأمم المتحدة، فإن أكثر من 6.6 ملايين سوري اضطروا للهروب منذ عام 2011، و6.7 ملايين سوري آخرين ظلوا في البلاد ولكن كنازحين في الداخل، كما تسبب النزاع في سوريا بمقتل ما لايقل عن 350 ألف إنسان.
إلا أن وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل بدأت بتطبيق سياسة لجوء أكثر صرامة وتشمل طرح قانون متشدد جديد يقضي بحبس المهربين المتورطين في عمليات نقل طالبي اللجوء إلى بريطانيا، بالإضافة إلى اقتراحها فكرة تحديد اللاجئين بعلامات تميزهم عن غيرهم وبناء مراكز خارج البلاد لمعالجة طلبات اللجوء هناك.
لذا وبالنسبة لعبد العزيز وغيره من اللاجئين السوريين، الذين يطلق معهم حملات ومبادرات، أصبحت كل التطورات الأخيرة التي تجري في المملكة المتحدة "مقلقة للغاية" بنظرهم.
أما زينة رحيم، وهي صحفية سورية تعمل لدى معهد صحافة الحرب والسلام، فقد ذكرت أن "الاعتقال والاختطاف والقتل أو الاغتيال بالخطأ هي مخاطر يومية" تنتظر العائدين إلى سوريا.
وتضيف قائلة: "نعود إلى أين؟ لقد تم تقسيم سوريا اليوم بين العديد من القوى، فهنالك الإيرانيون والروس والأتراك والمتشددون، أي إن السؤال الذي يجب أن يطرح هو: إلى أين سيعود العائدون بالضبط؟"
المصدر: ميدل إيست آي