طالبت دول غربية في مجلس الأمن الدولي، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، النظام السوري بالامتثال لالتزاماته بشأن الأسلحة الكيميائية، مؤكدة على أن غياب المساءلة عن استخدام النظام للسلاح الكيميائي "يشكل خطراً علينا جميعاً".
جاء ذلك خلال مناقشات عقب جلسة مجلس الأمن الدولي الشهرية، أمس الخميس، حول تنفيذ القرار 2118 للعام 2013، بشأن القضاء على برنامج النظام السوري للسلاح الكيميائي، حيث نددت الدول باستخدام الأسلحة الكيميائية، وأعربت العديد منها عن القلق إزاء استمرار عدم إحراز تقدم في الملف، داعين النظام السوري إلى التعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فيما تساءلت دول أخرى عن جدوى الاجتماعات الشهرية بشأن هذه المسألة.
الولايات المتحدة: يجب السماح لفريق التقييم باستئناف عمله بشكل هادف
وقال نائب ممثلة الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن، السفير ريتشارد ميلز، إنه "من المؤسف أن نبدأ عاماً جديداً في مجلس الأمن مرة أخرى نتناول فيه كيف استخدم نظام الأسد الأسلحة الكيميائية مراراً وتكراراً، وفشل في الامتثال لالتزاماته بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية وقرار مجلس الأمن رقم 2118".
ورحب السفير ميلز بإعلان الأمم المتحدة بزيارة فريق التقييم إلى سوريا، مؤكداً على أنه "من الضروري أن يُسمح لفريق التقييم باستئناف عمله بشكل هادف"، مضيفاً أن "العديد من الأسئلة المتعلقة بإعلان النظام السوري لا تزال دون إجابة".
وأوضح أن النظام السوري "لم يقدم حتى الآن تفسيراً موثوقاً للكشف في العام 2018 عن مادة كيميائية مجدولة في مركز الدراسات والبحوث العلمية في برزة، كما لم يقدم حتى الآن تفسيراً موثوقاً لتدمير أسطوانتي الكلور في الهجوم على دوما، ولم يقدم الوثائق التي طلبها مراراً فريق التقييم منذ العام 2019، والتي من شأنها أن تلقي الضوء على برنامج الأسلحة الكيميائية للنظام بشكل عام".
وأشار الدبلوماسي الأميركي إلى أن نظام الأسد وداعميه الروس "اشتكوا من أن خبراء منظمة الأسلحة الكيميائية قد تجاوزا ولايتهم"، مضيفاً أن "هذا غير صحيح بشكل واضح، ولكن ما الذي يجب أن نتوقع من روسيا، الدولة التي بالكاد حاولت بنفسها إخفاء نمطها الخاص من استخدام الأسلحة الكيميائية والمعلومات المضللة".
ولفت إلى أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية "خلصت إلى أن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيميائية في ثماني مناسبات، وأدت الجهود الدؤوبة لفريق تقييم الإعلان إلى قيام النظام بتعديل إعلانه 17 مرة"، مؤكداً على أن "هذا ليس نمطاً من السلوك الذي يولد الثقة في نظام الأسد".
ودعا نائب ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن النظام السوري إلى "الامتثال لالتزاماته، والكف فوراً عن إعاقته لفرق خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حتى تتمكن من حل مسألة استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية بشكل نهائي".
فرنسا: المسؤولية حصراً على عاتق النظام السوري
من جانبه، قال الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، نيكولاس دي ريفيير، إن "عدم إحراز تقدم محبط، لكن المسؤولية عنه تقع حصرياً على عاتق النظام السوري"، مضيفاً أن النظام "يرفض بعناد وسوء نية واضح التعاون، واختار إخراج الاجتماع الثنائي المقرر عقده في تشرين الثاني الماضي مع الأمانة الفنية عن مساره من خلال وضع شروط يعرف أنه من المستحيل الوفاء بها".
وأشار دي ريفيير إلى أنه "من الملح أن يسلط النظام السوري الضوء على مخزوناته من الأسلحة الكيميائية التي لم يتم تدميرها بالكامل"، مؤكداً على أنه "حان الوقت لكي يمتثل النظام لالتزاماته الدولية، وهي السبيل الوحيد لاستعادة حقوقه وامتيازاته".
وأضاف أن بلاده "ستواصل إيلاء اهتمام وثيق لاستنتاجات التقارير المقبلة لفريق التحقيق وتحديد الهوية بشأن الهجمات في دوما ومارع"، مؤكداً على أنه "يجب ألا يفلت مرتكبو الهجمات الكيميائية من العقاب".
وشدد الدبلوماسي الفرنسي على أن "مكافحة الإفلات من العقاب أولوية بالنسبة لفرنسا، وأساس لفعالية ومصداقية نظام الحظر، وسنواصل جهودنا في هذا الصدد".
المملكة المتحدة: غياب المساءلة خطر علينا جميعاً
من جهته، أكد المنسق السياسي للملكة المتحدة في الأمم المتحدة، فيرغوس إيكرسلي، على أن "غياب المساءلة عن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية يشكل خطراً علينا جميعاً"، مضيفاً أن النظام شن "هجمات مروعة بالأسلحة الكيميائية، بهدف إلحاق خسائر كبيرة ومعاناة شديدة لشعبه".
وقال إيكرسلي إن النظام السوري "بذل كل ما في وسعه لتفادي وإنكار جهود منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لحل العديد من الثغرات والإغفالات الخطيرة في إعلانه عن الأسلحة الكيميائية"، مشيراً إلى أن النظام "لا يزال حتى اليوم يُظهر ازدراءه لالتزاماته بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية وقرار مجلس الأمن رقم 2118".
وأوضح أنه "على مدى السنوات التسع الماضية، تم عرقلة المساءلة وإجراءات المجلس الفعالة لدعم القرار 2118 باستمرار في مجلس الأمن، كما كانت هناك حملة تضليل متسقة، تهدف إلى تقويض منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وحماية النظام السوري من المساءلة عن جرائمه".
وأشار السفير البريطاني إلى أنه "لم يفت الأوان بعد لتغيير هذا الوضع، نرحب بالمبادرة الأخيرة للأمانة الفنية لإرسال فريق صغير إلى سوريا"، مضيفاً أن "هذه فرصة أخيرة للنظام السوري للامتثال لالتزاماته، والمسؤولية تقع على عاتقه".
وشدد المنسق السياسي للمملكة المتحدة في الأمم المتحدة على أن مجلس الأمن "لا يمكنه غض الطرف، ويجب أن يتحمل مسؤولياته، وأن نصر على تنفيذ النظام السوري بالكامل لالتزاماته، وهذا يعني التدمير الكامل لمخزونه من الأسلحة الكيميائية، والمساءلة عن استخدامها"، مؤكداً على أن "غياب المساءلة يمثل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وخطر علينا جميعاً".