استنكرت مسؤولة القضاء والمحاكمات في منظمة "الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان"، المحامية الفرنسية كليمانس بيكتارت، قرار القضاء الفرنسي في وقف محاكمة لاجئ سوري ارتكب جرائم ضد الإنسانية في أثناء خدمته في أحد فروع مخابرات النظام في سوريا بين عامي (2011- 2013).
وقالت بيكتارت عبر تغريدة على حسابها في تويتر: "يوم حزين للولاية القضائية العالمية، فالقانون الفرنسي يجعل القاضي غير مختص بالنظر في الجرائم ضد الإنسانية لأنها غير مجرّمة في القانون السوري!".
France-Syrie-triste journée pour la #competenceuniverselle - le juge français n’est pas compétent car les crimes contre l’humanité ne sont pas incriminés en droit syrien #impunite https://t.co/jsAVE09BJr
— Clémence Bectarte (@CBectarte) November 25, 2021
وأضافت في تغريدة عبر حساب الفيدرالية الدولية: "لا تقلق على مرتكبي الجرائم في النزاع السوري.. إذ يُمنَع على محكمة النقض (الفرنسية) العمل وفق (الولاية القضائية العالمية) وتؤكد عدم وجود إرادة سياسية لمنح العدالة الفرنسية وسائل مكافحة الإفلات من العقاب على أخطر الجرائم".
تأتي تعليقات الحقوقية الفرنسية بعد إصدار محكمة النقض والاستئناف في باريس قرارها (رقم 21-81344) بتاريخ أول أمس الأربعاء (الـ24 من تشرين الثاني الجاري) والقاضي برفض طلب استئناف المواطن السوري (ر) اللاجئ في فرنسا، والذي طالب فيه بإعادة اعتقال ومحاكمة اللاجئ السوري (عبد الحميد- 31 عاماً) بتهم التعذيب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وكان القضاء الفرنسي قد أوقف المتّهم عبد الحميد في منتصف شباط 2019، على ضوء شكوى قدمها ضده اللاجئ (ر) اتهمه فيها بالتعذيب وبارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتواطؤ فيها، في أثناء خدمته في فرع مخابرات (الخطيب) التابع للنظام في سوريا (بين 2011 وآب 2013).
وبعد أن أدين (عبد الحميد) بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، تم حبسه احتياطياً.
وبعد نحو عام، أطلق القضاء الفرنسي سراح المتهم (شباط 2020). وعندما تقدّم اللاجئ (ر) بطلب استئناف الحكم والطعن به، في شباط 2021، بهدف محاكمة المتهم بالجرائم المنسوبة إليه؛ رفضت محكمة النقض في باريس إعادة محاكمة الأخير بذريعة أن المحاكم الفرنسية "من اختصاصها أن تنظر في الوقائع التي تشكل جرائم ضد الإنسانية المرتكبة في الخارج بشرط أن تكون الدولة التي ارتكبت فيها الأفعال أو التي يحمل المتهم جنسيتها طرفًا في اتفاقية (روما)".
وأضافت المحكمة بحسب قرارها المنشور على موقعها الرسمي: "لم تتم الإشارة صراحة إلى الجرائم ضد الإنسانية على النحو الموصوف في القضية المرفوعة، في قانون العقوبات السوري، بالرغم من أن الأخير يجرم القتل والهمجية والاغتصاب، والعنف والتعذيب، كما يجرّم الدستور السوري الاعتداء على الحريات العامة، ولكن سوريا بالرغم من أنها طرف في العديد من المعاهدات، بما في ذلك اتفاقيات جنيف، إلا أننا لم نعثر على أن سوريا كانت طرفًا في نظام (اتفاقية) روما الأساسي".
ورفضت المحكمة الاعتراض المقدّم من اللاجئ (ر) "لعدم اختصاص المحاكم الفرنسية بالحكم قيد الاستئناف، لأن سوريا لم تصدق على اتفاقية روما المنشِئة للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" وبالتالي لا يمكن للمحكمة أن تتعامل وفق نظام "الولاية القضائية العالمية" بالرغم من تعامل القضاء الألماني وفق ذلك النظام في القضية المرفوعة ضد الضابطين "أنور رسلان" وإياد غريب" في نفس الاتهامات والدعوى.
انتهاكات فرع الخطيب
واتُّهم "عبد الحميد" بالمشاركة في التعرف على المتظاهرين واعتقالهم، وفي سوء المعاملة التي ارتكبت في السجون التي نُقلوا إليها، خاصة داخل "فرع الخطيب" في دمشق.
وكانت هيومن رايتس ووتش وثقت في تقرير نشرته عام 2012 استخدام نظام الأسد التعذيب وإساءة المعاملة في 27 مركز اعتقال تحت إدارة المخابرات السورية، وكان بينها "فرع الخطيب" و"الفرع 40".
ورفض "عبد الحميد" الاتهامات الموجهة إليه، وقال إنه تم تجنيده بالقوة وتم تسليمه مناصب في الوحدات الأمنية، إلى أن تمكن من الهرب برفقة عائلته إلى أوروبا. وكان قد دخل فرنسا بطريقة غير شرعية في عام 2015.
وحصل "عبد الحميد" على وضعية اللاجئ في تشرين الثاني 2018، وألقت السلطات الفرنسية القبض عليه في منتصف شباط 2019، في أول خطوة عملية نفذتها فرنسا لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات المنسوبة إلى النظام خلال الحراك السلمي في الثورة السورية.