ترسو ناقلة الوقود الإيرانية المتجهة إلى لبنان في مياه البحر الأحمر منذ يوم أمس الجمعة، قبل المحطة الأخيرة من رحلتها التي ستكون في سوريا، ومن المقرر أن تشكل هذه الناقلة أكبر اختبار حتى الآن للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على اثنين من خصومها الإقليمية (إيران والنظام في سوريا).
ومن المتوقع أن ترسو الناقلة عند ميناء بانياس على الساحل السوري في مطلع الأسبوع المقبل، في تحدٍ واضح للعقوبات الأميركية التي تمنع تصدير النفط من إيران ووارداته إلى سوريا.
وكان الأمين العام لميليشيا "حزب الله" اللبنانية، حسن نصر الله، قد أشاد بعملية نقل الوقود الإيراني إلى لبنان، كطريقة لخرق العقوبات ولحل أزمة الطاقة التي يعانيها لبنان والتي أدّت إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع.
وتعدّ المحطة الأخيرة -الميناء السوري- بمنزلة اختبار حاسم لعزم الولايات المتحدة على مواصلة الحظر الذي تسبب بأضرار كبيرة على إيران التي تحاول واشنطن أن تتملق لها للعودة إلى الاتفاق النووي، وللعقوبات المفروضة على النظام في سوريا الذي خاض حرباً طوال عقد من الزمن أدّى إلى تدمير اقتصاد البلاد.
وحتى اللحظة لم تكشف الولايات المتحدة ما تنوي القيام به بخصوص الناقلة التي ستعبر قناة السويس وتتجه شمالا نحو بلاد الشام. ومن المتوقع أن تفرغ حمولتها من الوقود في بانياس، ليتم نقله بالشاحنات عبر الحدود البرية إلى لبنان.
ويبدو أن واشنطن لن تتدخل في رحلة إدخال الوقود الذي يعد لبنان في أمس الحاجة له -وهذه الخطوة تحمل علامات واضحة حول موقف واشنطن إزاء حقيقة وصلاحية عقوباتها المفروضة على إيران ونظام الأسد.
السيناتور الأميركي وعضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، كريس ميرفي، الذي زار لبنان يوم الخميس الماضي في خطوة منفصلة لنقل الغاز إلى بيروت من مصر عبر الأردن وسوريا، أشار إلى أن هذه الخطة يمكن أن تكون معفاة من العقوبات -وكانت الخارجية الأميركية قد أعلنت عن خطة نقل الغاز المصري منذ نحو أسبوع.
وقال ميرفي في تصريحات أدلى بها لمجموعة من الصحفيين: "آمل أن نتمكن من تنفيذ الخطة التي لن ينطوي عليها أي عقوبات من قبل الولايات المتحدة"، مضيفاً: "نحن نعمل بجد في محاولة لإيجاد حل لأزمة الوقود".
من جانب آخر، أوضح المتحدث باسم الخارجية الأميركية أن "الوقود القادم من بلد خاضع لعقوبات واسعة النطاق، مثل إيران، ليس حلًا مستدامًا لأزمة الطاقة في لبنان"، وأضاف قائلاً: "في الواقع، لبنان ليست بحاجة للحصول على الوقود الإيراني".
وتابع: "في اليوم الذي أعلن فيه "نصر الله" خطة استيراد الوقود الإيراني، كان هناك ناقلتان محملة بالوقود بقيتا راسيتين خارج ميناء بيروت لأكثر من أسبوع. في حين كان القادة اللبنانيون يتجادلون فيما بينهم على سعر الصرف الذي سيستخدم لدفع قيمة الوقود المشحون".
وختم قائلاً: "إن جهود دعم الحكومة الأميركية لإيجاد حلول مبتكرة وشفافة ومستدامة للطاقة من شأنها معالجة أوجه النقص الحاد للوقود والطاقة في لبنان. هذا بالضبط ما يحتاج إليه الشعب اللبناني وليس لحيل دعائية أخرى من قبل حزب الله".
حرب الظل بين إسرائيل وإيران
وقالت إسرائيل إنها تعارض بشدة تسليم الوقود الإيراني إلى لبنان، حيث عدوها اللدود "حزب الله" الذي يدير البلاد المنهارة. كما انخرطت إيران وإسرائيل في حرب السفن التي اندلعت بينهما. وفي وقت سابق من هذا العام، يعتقد أن صاروخاً أطلقته طائرة بدون طيار -إسرائيلية- ضرب سفينة الشحن الإيرانية قبالة الساحل السوري.
كما وأن استيراد الغاز إلى لبنان سيتطلب إعادة تأهيل واسعة من خطوط الأنابيب في سوريا وإلى تعاون سياسي واسع النطاق بين سوريا (النظام) ولبنان، ما سيمنح بشار الأسد حصة في المشاركة لإيجاد حلول لبنان، وهي خطوة يخشى محللون ودبلوماسيون في أن تكون بداية دمج الأزمتين في كلا البلدين وتمنح الدعم لرئيس النظام في سوريا.
وتقول مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز أبحاث (تشات إم هاوس) لينا الخطيب: "استمر التهريب والتجارة بين لبنان وسوريا على الرغم من العقوبات الأميركية".
وأضافت: "بصرف النظر عن وصول الوقود الإيراني إلى لبنان عبر سوريا، تشير الولايات المتحدة إلى أن الأزمات في لبنان وسوريا هي جزء من الملف نفسه، وتقبل فعليًا بمحو الحدود بين سوريا ولبنان بحكم الأمر الواقع. وهذا يعني منح بشار الأسد وحلفائه اليد العليا في لبنان".
/المصدر: الغارديان/