البث المباشر
يعمل السوريون في مصر بمختلف المجالات، وينجحون في إدارة حياتهم بشكل أو بآخر، كما يحاول بعضهم ابتكار فرص عمل جديدة نتجت من وحي غربتهم، تساعدهم على تأمين متطلبات حياتهم.
وتعد مهنة الشحن من مصر إلى سوريا والعكس، واحدة من هذه المهن التي ظهرت بعد فترة من لجوء مئات آلاف السوريين إلى مصر، وتعتبر أسعار الشحن زهيدة مقارنة بشركات الشحن المعتمدة.
يتم الشحن عن طريق أشخاص وغالبا ما يكونون من النساء، يحملون معهم الأوراق، والهدايا، والملابس، والأدوية وكل ما يمكن إدخاله إلى سوريا، بأسعار متفاوتة، كما يحملون الأوراق، والمنتجات من سوريا إلى مصر أيضا عبر رحلات مستمرة بين البلدين.
البداية من منصة فيس بوك
في البداية كان الأمر عبارة عن منشورات على منصة "فيس بوك" تحوي أرقام مسافرين إلى سوريا يستطيعون حمل بعض الأوراق والأدوية معهم كنوع من أنواع المساعدة بين اللاجئين.
ولكن بعد فترة، تحولت الفكرة إلى مشروع ربحي، أبرز من ينشط فيه النساء، لأن المرأة لا تطلب للخدمة العسكرية على سبيل المثال في سوريا.
تنشر المرأة التي تنوي السفر إلى سوريا على صفحات السوريين مكان وجودها في مصر، وموعد رحلتها، والأماكن التي تستطيع الوصول إليها في سوريا، وماذا تستطيع أن تحمل معها، سواء أدوية، أو أوراق، أو أي منتجات أخرى.
ندى علي، سورية مقيمة في مصر وتعمل في الشحن منذ سنوات تقول لموقع تلفزيون سوريا، "كنت أذهب كل فترة إلى سوريا لأرى عائلتي، وأحمل بعض الأوراق والأدوية معي مجانا، ولكن بعدها تحولت الفكرة عندي إلى مشروع، فكنت أحمل المنتجات مقابل مبلغ من المال، وأوصلها في سوريا إلى أصحابها".
وتضيف ندى، "يساعدني العمل في تأمين ثمن تذكرة السفر، وإقامتي في سوريا، فأكسب بعض المال، وأرى عائلتي في آن واحد، كما أساعد زوجي في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة".
وتختلف أسعار المواد المنقولة من شخص لآخر، ويتراوح سعر الكيلوغرام من 150 جنيها إلى 300 جنيه (10 دولارات) بحسب الشخص، بينما تتراوح نقل الورقة من 75 جنيها إلى 250 جنيها بحسب الشخص، وبحسب نوع الورقة المرسلة.
بدورها هالة عبد الغني، سورية تعمل في الشحن أيضا توضح لموقع تلفزيون سوريا كيف ساعدها العمل بشحن الأغراض، "لم أكن استطيع السفر إلى عائلتي بسبب ضيق الحال، وعندما أمنت ثمن تذكرتي، قررت أن أحمل معي بعض المنتجات بمقابل مادي، وبالفعل نجحت في العمل وساعدني هذا على تكرار السفر كل شهرين في البداية، أما الآن فأسافر كل 20 يوما إلى سوريا وأصبحت هذه مهنتي".
تضيف هالة، "يأتي الزبائن إلى بيتي واستلم المال هنا، وأوزن المنتجات وأكتب أسماء أصحابها عليها وأصورها منعا من أن تضيع، أو أخطأ بالتسليم حيث أحمل الكثير، وفي الشام أقوم بتسليمها لأصحابها".
فرصة عمل أم استغلال؟
تختلف آراء السوريين في مصر حول هذه الفكرة، وينقسمون بين مؤيد ومعارض، حيث يرى البعض أنها استغلال لحاجتهم في إرسال شيء ما، بينما يراها البعض الآخر فرصة لإرسال ما يريدون بكلفة أقل من الشحن عبر الشركات.
سامر حسن، سوري مقيم في مصر يقول، "أردت إرسال ورقة إلى سوريا بسرعة، وبسعر ملائم، حينها وجدت أحد المنشورات على فيس بوك لامرأة تحمل معها أوراقا، وأرسلتها معها بسعر قليل ووصلت خلال أسبوع، وأعتقد أنها أفضل بكثير من شركات الشحن".
حلا عادل، سورية مقيمة في مصر تقول، "كل فترة أرسل لعائلتي أشياء لا يستطيعون شراءها بسبب عدم توافرها أوغلائها، فأرسل الشوكولاتة، والملابس، وبعض الأدوية عن طريق امرأة تسافر دائما، والحقيقة أني أجدها امرأة مكافحة، وأسعارها جيدة بنور الله، وتتمتع بأمانة عالية".
ولكن لاحقا، زاد المسافرون أسعار الشحن بحجة الغلاء المستمر في الأسعار وارتفاع سعر الدولار، وعبروا عن ذلك عبر تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصا على فيس بوك حيث مجموعات السوريين، إذ علق بعضهم أن الأسعار مبالغ فيها حتى بعد موجة الغلاء الحالية في مصر.
وصل سعر الورقة إلى 250 جنيها، بينما ترواح سعر الكيلوغرام من 150 إلى 300 جنيها مصريا (10 دولارات) في الآونة الأخيرة.
تقول ميساء علوني، سورية في مصر، "أردت إرسال ورقة، فسألتني السيدة التي تنقلها عن نوعها، وعندما قلت لها إنها وكالة، قالت سآخذ عليها 200 جنيه، والوكالة كانت 3 أوراق أي 600 جنيه، وبررت ارتفاع السعر من 75 إلى 200 جنيه بأن الأسعار أصبحت غالية، وأنها تدفع كثيرا من أجل أن تصل إلى هناك".
تضيف ميساء، "أعلم أن الأسعار زادت، ولكن هذا يعتبر استغلالا، وخاصة عندما يتضاعف السعر فجأة، ولو لم أكن محتاجة لما لأرسلتها عبر شركة شحن، ولكني أبحث عن سعر جيد".
يرسل العديد من السوريين الأدوية لذويهم في الداخل، وخاصة أن هناك نقصا حادا في توافر الأدوية، بالإضافة إلى سعرها المبالغ فيه، فيبحثون عن من يوصلها إلى سوريا، بأرخص الأسعار، حيث بالكاد يستطيعون شراءها في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
سعيد مارديني يصف حاله قائلا "بالكاد أوفر قوت يومي، ولكن والدي في سوريا يحتاج إلى دواء للسرطان، وهو غال هنا، إلا أنني أعمل بجهد لأوفره له بشكل دائم، وكنت أرسله مع بعض الأشخاص الذين يسافرون باستمرار بمقابل مادي قليل، الآن يريدون ثمن نقل علبة الدواء 200 جنيه وأكثر، وأنا بالكاد أستطيع تحمل كلفة شرائه".
