icon
التغطية الحية

الشتاء يفاقم معاناة السوريين "المقيمين" في شوارع بلجيكا

2023.12.14 | 18:17 دمشق

الشتاء يفاقم معاناة السوريين "المقيمين" في شوارع بلجيكا
طالبو لجوء يصطفون أمام مركز "بوتي شاتو" في بلجيكا، 07 كانون الأول/ديسمبر 2021 (المصدر: أطباء العالم بلجيكا)
بلجيكا ـ أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

مع حلول فصل الشتاء وتزايد الهطولات الثلجية في القارة الأوروبية، بدأت تتفاقم معاناة مئات السوريين في بلجيكا الذين لا يجدون سقفاً يحميهم من الثلج والبرد القارس وسط انتظارهم لفترات طويلة للحصول على تصاريح الإقامة كي يبدؤوا حياتهم من جديد.

واضطر كثير من طالبي اللجوء العزاب بينهم سوريون للنوم في شوارع بلجيكا في ظل ظروف شتوية قاسية بعد قرار السلطات عدم استقبالهم في مراكز الإيواء.

كما لجأ بعض طالبي اللجوء إلى فناء مكتب الهجرة (DVZ) في بروكسل لكن السلطات أجبرتهم على إخلائها بحجة التنظيف وصادرت ممتلكاتهم ومتعلقاتهم من حقائب ووثائق ورمتها، وفق شهادات أوردتها وسائل إعلام بلجيكية من طالبي اللجوء.

"أريد فقط أن أعامل كإنسان"

من بين أولئك اللاجئين كان مصطفى، رجل سوري خمسيني، والذي فر من سوريا ووصل إلى بلجيكا منذ ثلاثة أشهر.

وبحسب ما ذكرت وسائل الإعلام البلجيكية فإنه في الوقت الحالي ليس لدى مصطفى أي أمل في الحصول على مكان في الملجأ ويقضي الليل خارج مكتب الهجرة في بروكسل، لكن السلطات طلبت من مصطفى إخلاء المكان وصادرت كل ممتلكاته ورمتها، وقال مصطفى " لقد فقدت كل ممتلكاتي.. طلبوا منا مغادرة المكان إلى أي مكان نريده!".

ويضيف مصطفى: "كانت درجة الحرارة 5 درجات تحت الصفر الليلة الماضية، وكنت بحاجة إلى 10 بطانيات"، مضيفاً "لا أريد أي شيء خاص، مجرد سقف فوق رأسي، أريد فقط أن أعامل كإنسان".

وبالإضافة إلى مصطفى اضطر العشرات أيضاً بينهم سوريون لمغادرة المكان بعد أن خسروا متعلقاتهم ووثائقهم.

منظمات "غاضبة"

بدورها، عبرت كل من منظمة مساعدة اللاجئين ومنظمة "صداقة بلا حدود" عن غضبهما إزاء إجراءات السلطات في مكتب الهجرة (DVZ) في بروكسل حيث كان يقيم نحو خمسين طالب لجوء.

وتقول المنظمتان إن أمتعتهم تم أخذها وإلقاؤها قبل أيام، مشيرة إلى أن هذا حدث بطلب من صاحب المبنى.

ليست هذه هي المرة الأولى هذا الشهر التي تحدث فيها مثل هذه الإجراءات في مكتب الهجرة.

وفي بداية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، فككت الشرطة مخيماً صغيراً، ولكن الشرطة لم تشارك في الحادثة الأخيرة، وهي إخلاء مبنى مكتب الهجرة، وفقاً للمتحدثة باسم شرطة منطقة بروكسل إلسي فان دي كيري.

وتعليقاً على طرد طالبي اللجوء، قال المتحدث باسم الشركة مالكة المبنى، أولريك بوميه، إن هذه حالة مؤسفة بشكل خاص من وجهة نظر إنسانية"، وأضاف: "نأسف بشدة لهذا الموقف، لكن إخلاء الممر يعد أيضاً خطوة ضرورية لضمان سلامة المارة والمستأجرين والزوار والعملاء الذين يمرون من هناك كل يوم".
ويقول توماس ويليكنز من منظمة "مساعدة اللاجئين": "نرى أن هذا القرار مؤسف للغاية وغير مفهوم، إن هذه ليست سياسة إنسانية، الحكومة لم تفعل سوى القليل جداً لتجنب مواقف مثل هذه"، مضيفاً "أن جوهر الأمر هو أن أزمة المأوى لم يتمّ حلها بعد".

2700 لاجئ على "قائمة الانتظار"

وفقاً لتقارير إعلامية بلجيكية، هناك 2700 رجل أعزب على قائمة الانتظار للحصول على اللجوء، وهذا يزيد بمقدار 600 عما كان عليه قبل ثلاثة أشهر، بحسب الأرقام الصادرة عن وكالة استقبال طالبي اللجوء " Fedasil".

وكانت وزيرة الدولة لشؤون الهجرة واللجوء نيكول دي مور، قررت عدم منح طالبي اللجوء الذكور غير المتزوجين حق الاستقبال في مراكز الإيواء بذريعة أنها تريد حجز الأماكن المتاحة للعائلات حتى لا ينتهي بهم الأمر في الشارع.

وتقول دي مور: إن الحكومة تبحث عن أماكن إضافية لتوفير المأوى للجميع خاصة مع انخفاض درجات الحرارة، وتمت إضافة 1275 مكان استقبال لطالبي اللجوء منذ أيلول/ سبتمبر كجزء من خطة الشتاء   في مدن بريدين وثوكس ورونس.

وبالإضافة إلى خطة الشتاء السنوية وهي 2000 مأوى، قام رئيس الوزراء دي كرو أيضاً بتشكيل فريق عمل يجب أن يوفر 2000 مكان مؤقت إضافي لإيواء طالبي اللجوء.

ويحسب ما ذكرت وسائل الإعلام البلجيكية فإنه من المقرر أن يجتمع فريق العمل للمرة الثالثة في الأيام القادمة، ولم يؤد الاجتماعان السابقان إلى إيجاد أماكن إضافية في الوقت الراهن فيما يبدو أنه ليس من السهل العثور على مواقع جديدة.
ويجري فحص المستشفيات وبعض المباني الحكومية وثكنات تابعة لوزارة الدفاع البلجيكية. ولا تزال السلطات تحقق فيما إذا كانت هذه المواقع كافية ومتى يمكن استخدامها.

كما يمثل البحث عن موظفين والتعاون مع السلطات المحلية صعوبات إضافية.

ووفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام البلجيكية فإن الأماكن البالغ عددها 1275 مكاناً محدودةٌ جداً حالياً بحيث لا يمكنها توفير المأوى للرجال غير المتزوجين.

وفي فصل الخريف، تقدم عدد كبير من طالبي اللجوء بطلب الحماية في بلجيكا، ويحق لهم جميعاً الحصول على الإيواء، وفي أكتوبر كان هناك 3226، وهو أعلى رقم حتى الآن هذا العام وأقل مما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي.

وتقول دي مور "لا يمكننا حل هذه المشكلة بمجرد توفير المزيد من الملاجئ.. ولا بد من خفض تدفق المهاجرين حقاً، ولهذا السبب فأنا حريصة للغاية على إصلاح سياسة الهجرة الأوروبية.. وينبغي أن يضمن ميثاق الهجرة الأوروبي الجديد وصول عدد أقل من طالبي اللجوء إلى بلادنا"، مضيفة "بهذه الطريقة فقط سنتمكن من استيعاب الجميع مرة أخرى".

فترات انتظار طويلة

يتوفر اليوم ما مجموعه 35,388 مكان إيواء وفقاً لـ وكالة الاتحادية لاستقبال طالبي اللجوء في بلجيكا "فيداسيل".

وبحسب ما تذكر وسائل الإعلام البلجيكية فإن توفر أماكن في مركز الإيواء لا يعتمد فقط على عدد الأشخاص القادمين، فكلما زاد عدد الأشخاص الذين يغادرون الملجأ، أصبحت الأماكن متاحة بشكل أسرع.

الفترة التي تحتاجها دائرة الهجرة واللجوء لتقييم ما إذا كان شخص ما يحق له الحصول على اللجوء أصبحت طويلة جداً، وخلال فترة الانتظار هذه، يحق لطالب اللجوء الحصول على مكان في مراكز الاستقبال.

ويعود ذلك إلى التراكم الكبير في طلبات اللجوء حيث تشير المفوضية العامة لشؤون اللاجئين وعديمي الجنسية (CGRS) إلى أنه يواجه حالياً تراكماً يصل إلى 17,408 ملفات وهذا يعني 5000 أكثر مما كان عليه قبل عام.

وقامت المفوضية العامة لشؤون اللاجئين وعديمي الجنسية بتعيين موظفين إضافيين لكن عدد الملفات يتزايد كل شهر وطلبات اللجوء ما تزال تتراكم.

ولمنع الأشخاص الموجودين على قائمة الانتظار من قضاء الليل في الشارع، تبحث دي مور أيضاً عن حلول خارج شبكة الاستقبال التابعة لـ " Fedasil".

وأعلنت الحكومة في سبتمبر/أيلول أنها ستستثمر في 500 مكان إضافي للطوارئ في ملاجئ المشردين في بروكسل.

ويشكل السوريون نسبة كبيرة من طالبي اللجوء الذين وصلوا خلال العام الماضي إلى بلجيكا.

وعلى مدار الأعوام العشرة الماضية وصل عشرات آلاف اللاجئين السوريين إلى بلجيكا هرباً من الحرب في بلادهم وحصل عدد كبير منهم على الجنسية البلجيكية فيما ينتظر البقية الحصول عليها.