قدم حزب يميني متطرف قبل أيام مقترحاً إلى مجلس النواب البلجيكي يطالب الحكومة بالاعتراف بـ "الإدارة الذاتية" في شمال وشرق سوريا كـ"ممثل شرعي"، يأتي ذلك وسط نشاط سياسي مكثف لـمسؤولي "الإدارة الذاتية" في الدول الأوروبية بغية الحصول على الدعم و"الاعتراف".
وبحسب ما ذكر موقع حزب "فلامس بيلانغ" الرسمي فإن الحزب يريد من الحكومة البلجيكية أن تستجيب بشكل إيجابي لطلب الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي تطلب من المجتمع الدولي التعاون والدعم لمعالجة أزمة اللاجئين والعديد من إرهابيي تنظيم الدولة "داعش" في معسكرات الاعتقال.
وتقول النائبة عن حزب "فلامس بيلانغ" إلين سامين، التي تقدمت بمقترح بهذا الخصوص إلى البرلمان، إن "الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا هي العامل المستقر والديمقراطي الوحيد في المنطقة".
استيعاب اللاجئين في مناطق "الإدارة الذاتية"
كان للحرب في سوريا والحرب مع "تنظيم الدولة" عواقب وخيمة على البلاد بشكل عام والمنطقة الشمالية الشرقية من البلاد بشكل خاص، وفقاً للنائبة عن الحزب اليميني.
وتقول سامين: "لم يكن هناك عشرات الآلاف من الضحايا فحسب، بل تم تدمير البنية التحتية إلى حد كبير أيضاً، وتعطل الاقتصاد تماماً وفر ملايين السوريين".
وتضيف "وبالتالي فإن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا تتواصل مع الغرب لإيجاد حلول مشتركة فيما يتعلق باستقبال اللاجئين السوريين ومحاكمة العديد من إرهابيي داعش في معسكرات الاعتقال".
ويقول الحزب في مقترحه الموقع باسم خمسة من نوابه في البرلمان من بينهم سامين إن "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا تقترح بشكل ملموس استيعاب اللاجئين السوريين قدر الإمكان في بلادهم، من أجل وقف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، حتى يتم إيجاد حل دائم للأزمة السورية".
ويضيف الحزب بأن "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا تريد استقبال وإيواء هؤلاء اللاجئين قدر الإمكان ضمن المحافظات التي تسيطر عليها، تحت إشراف الأمم المتحدة، حتى يتمكنوا من العودة بأمان إلى مناطقهم".
"كما أنها تريد الدخول في مناقشات مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول المجاورة لمعالجة مشكلات تهريب البشر والاتجار بالمخدرات - بالإضافة إلى الهجرة غير الشرعية"، وفق الحزب القومي المتطرف.
مخيم الهول شمال شرقي سوريا
تطرقت رسالة الحزب أيضاً إلى مشكلة مخيمي الهول وروج في المنطقة وأوضحت سامين قائلة: "إنها تحتوي على الآلاف من الإرهابيين وقادة تنظيم الدولة الإسلامية وتحتوي أيضاً على العديد من أفراد عائلات الإرهابيين"، مضيفة "وهذا يشمل الأطفال الذين تتم تغذيتهم بأيديولوجية الكراهية بسبب وجود الإرهابيين الإسلاميين في هذه المعسكرات".
وتقول سامين: "حتى الآن، لم تلق طلبات الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا آذاناً مصغية، حيث خذل المجتمع الدولي الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وسكان المنطقة بشكل عام والأطفال في المخيمات بشكل كبير".
ويقول الحزب إنه "لهذا السبب قدم فلامس بيلانغ مقترحاً لحث الحكومة على الاعتراف أولاً بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا كممثل شرعي للسلطة في المنطقة، وثانياً الدخول في مناقشات لمعرفة كيف يمكنهم العمل معاً لوقف تدفق الهجرة من سوريا.. وتمكين سياسة العودة، وثالثًا، ضمان إمكانية القيام أخيراً بتقديم الآلاف من إرهابيي داعش في المخيمات إلى العدالة".
وتختتم سامين كلامها زاعمة: "من خلال الاعتراف بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ودعمها كسلطة شرعية في شمال وشرق سوريا، يمكن أن يبدأ العمل على تحقيق السلام والأمن الدائمين في المنطقة أخيراً".
معادي للاجئين والإسلام وداعم للأسد
ويعرف الحزب اليميني المتطرف بكرهه للأجانب وتبنيه سياسة معادية للهجرة وتحديداً ضد المهاجرين المسلمين، كما أن من أشد معارضي بناء المساجد في بلجيكا.
واقترح الحزب في عام 2012 منح مكافأة بـ 250 يورو لمن يبلغ الشرطة عن أي امرأة تلبس النقاب.
وفي عام 2015 التقى النائب البرلماني فيليب دوينتر أحد أبرز السياسيين في الحزب المتطرف برفقة وفد بلجيكي رئيس النظام السوري بشار الأسد ونقلت وكالة أنباء النظام الرسمية "سانا" حينئذ عن الوفد الذي ضم ثلاثة نواب بلجيكيين إلى جانب دوينتر، تأكيده أن سوريا "تشكل خط الدفاع الأول في مواجهة التطرف والإرهاب (...) وإذا انهار هذا الخط فسيصل الإرهاب إلى الدول الأوروبية بشكل واسع".
ووصف حينئذ رئيس حزب "فلامس بيلانغ" توم فان غريكين الأسد بأنه "حليف في الحرب ضد داعش".
نشاط سياسي "للإدارة الذاتية" في أوروبا
وبالعودة إلى الإدارة الذاتية، ينشط مسؤولها السياسيون على خط الأحزاب السياسية في الدول الأوروبية بهدف إقناعها للضغط على الحكومات لدفعها لـ"الاعتراف" بالإدارة الذاتية كـ "ممثل شرعي" لشمال وشرق سوريا والحصول على دعم أوروبي لها.
وخلال الأشهر الماضية، أجرى مسؤولون وممثلون من الإدارة الذاتية لقاءات مع عدد من النواب البرلمانيين والسياسيين في دول أوروبية عدة، حاملين معهم ما قالوا إنها مبادرة لـ "استقبال اللاجئين" في شمال وشرق سوريا في حين اعتبرها بعضهم محاولة لمداعبة مخاوف الأوروبيين من موجات اللجوء السورية المستمرة والتي عادة ما تنشط في الصيف لا سيما مع تصاعد أصوات اليمين المعادي للاجئين في القارة العجوز.
وإضافة إلى مبادرة استقبال اللاجئين يركز مسؤولو الإدارة الذاتية خلال لقاءاتهم مع السياسيين الأوروبيين على خطر عناصر وعائلات "داعش" في المعتقلات والمخيمات بشمال وشرق سوريا واصفينهم بـ"القنبلة الموقوتة التي تهدد بالانفجار في أيّة لحظة وتبعاتها الخطيرة على المنطقة والعالم".
وأجرى وفد من الإدارة الذاتية في شهر تشرين الأول - أكتوبر لقاءً مع النائب عن الحزب الديمقراطي الإنساني البلجيكي جورج دلمون، وضم وفد الإدارة الذاتية ممثل الإدارة الذاتية في أوروبا عبد الكريم عمر والرئيسة المشتركة لممثلية الإدارة الذاتية في بلجيكا هوزان أحمد.
ونقلت وسائل إعلام تابعة لـ"الإدارة الذاتية" عن دلمون قوله "إن الأوضاع في الشرق الأوسط وفقاً لما نراه الآن تتجه نحو التصعيد.. وهناك بالفعل مشكلات معقدة تحتاج إلى نوايا دولية صادقة لإيجاد الحلول المناسبة لها"، مضيفاً يأن "الأزمة السورية بدورها هي إحدى تلك الأزمات التي تعترضها سلسلة من العقبات تحول دون إنهائها".
كما التقى ممثلا الإدارة الذاتية في أوروبا وألمانيا في برلين بنيلز شميس وديفيد زافيتسكي برلمانيين عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني الحاكم.
وأيد النائبان نيلز شميس وديفيد زافيتسكي بشدة مشروع الإدارة الذاتية المتعلق باستقبال اللاجئين السوريين في مناطق شمال شرقي سوريا، وأعربا عن اعتقادهما بأنّ "استقبال اللاجئين في تلك المناطق هي فكرة تستحق أن يتم النظر إليها بجدية من قبل الحكومة الألمانية والمجتمع الدولي برمته"، مشددين على أنهم "سيبذلون قصارى جهدهم لمناقشة هذه المسألة على أرفع المستويات في ألمانيا".
وفي ألمانيا أيضاً، أجرى عبد الكريم عمر، وممثل الإدارة الذاتية في ألمانيا خالد درويش، لقاء مع عضو البرلمان الألماني عن الحزب اليساري غريغور غيزي وتناول اللقاء مسألة اللاجئين السوريين، والمشروع الذي طرحته الإدارة الذاتية لاستقبال من يرغب من اللاجئين في القدوم إلى مناطقها، وأشاد بتلك المبادرة.
وعقد عبد الكريم عمر أيضاً سلسلة لقاءات في البرلمان الأوروبي بمدينة ستراسبورغ الفرنسية مع كل من البرلمانيين الأوربيين جوردي سولي، آنا ميراندا، أوخينيا رودريغيز، أندرياس شايدر ونيكولاي فيلومسن وتطرقت اللقاءات إلى المبادرات التي تطرحها الإدارة الذاتية، مثل مبادرة حل الأزمة السورية واستضافة اللاجئين السوريين الراغبين في المجيء إلى مناطقها، واعتبر البرلمانيون الأوروبيون أن "تلك الخطوات تهيّئ الأرضية المناسبة لحل سياسي شامل".
وفي بريطانيا، شارك وفد من الإدارة الذاتية في أكتوبر الماضي بمؤتمر حزب العمال البريطاني الذي عقد في مدينة ليفربول، داعياً الحزب إلى دعم الإدارة الذاتية.
وقبل أيام، استقبل القائد العام لـ"قوات سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي وعضو القيادة العامة لوحدات حماية المرأة، روهلات عفرين، وفداً فرنسياً ضم كلاً من وزير التعليم الفرنسي السابق جان ميشيل بلانكير والكاتب باتريس فرانسيسكي، برفقة خالد عيسى ممثل الإدارة الذاتية في فرنسا، وذلك في مقر القيادة العامة لـ"قوات سوريا الديمقراطية".
وأوصل الوفد في اللقاء، رسالة شفهية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي تضمنت استمرار فرنسا في مساندة قوات سوريا الديمقراطية والشراكة بين الطرفين في محاربة "الإرهاب".