الملخص:
- سجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 55 مدنياً، بينهم 16 طفلاً و4 سيدات، في سوريا خلال شهر تموز 2023.
- تعرض هؤلاء المدنيون للقتل على يد قوات النظام السوري، وفصائل المعارضة، وجماعات أخرى.
- شهد شهر تموز عمليات اعتقال تعسفية، وهجمات على مراكز حيوية مدنية.
- تدهور الوضع الاقتصادي في سوريا بشكل حاد في شهر تموز، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمحروقات بشكل كبير.
حذرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير أصدرته، يوم الجمعة، من مغبة توقف دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى مناطق شمال غربي سوريا، كما رصدت في تقريرها مقتل 55 شخصاً في سوريا خلال شهر تموز 2023.
وقالت الشبكة في تقريرها -الذي جاء في 23 صفحة- إن حصيلة القتلى وصلت إلى 55 مدنياً، بينهم 16 طفلاً و4 سيدات (أنثى بالغة)، ومتطوع بالدفاع المدني، و3 أشخاص بسبب التعذيب، كما رصدت وقوع ما لا يقل عن مجزرتين.
ووثقت الشبكة أيضاً ما لا يقل عن 197 حالة اعتقال (تعسفي/ احتجاز) بينها 11 طفلاً، و3 سيدات قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظات ريف دمشق فدير الزور ثم دمشق.
وشهد شهر تموز وفقاً للشبكة، ما لا يقل عن 7 حوادث اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، 6 من هذه الهجمات كانت على يد قوات النظام السوري، من بينها 3 حوادث اعتداء على منشآت تعليمية، واعتداء على مكان عبادة.
كما وثقت الشبكة استمراراً في عمليات القصف المدفعي الذي تنفذه قوات النظام السوري على شمال غربي سوريا، حيث سجل عمليات قصف متفرقة تركزت على قرى وبلدات جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي وريف حلب الغربي وسهل الغاب في ريف حماة الغربي، القريبة من خطوط التماس مع فصائل في المعارضة المسلحة، كما طال القصف قرى وبلدات ريف حلب الغربي وريف إدلب الجنوبي البعيدة عن خطوط التماس.
انخفاض ضحايا الألغام خلال شهر تموز في سوريا
أكد التقرير أنه سجل انخفاضاً في أعداد الضحايا المدنيين بسبب الألغام، حيث بلغت 5 مدنيين بينهم 1 طفل و1 سيدة في ريف الحسكة ودير الزور وحلب، إثر انفجار ألغام أرضية، لتصبح حصيلة الضحايا بسبب الألغام منذ بداية عام 2023، 91 مدنياً بينهم 20 طفلاً و8 سيدات.
أما على صعيد التفجيرات، فرصد التقرير انفجار عبوات ناسفة ومخلفات قصف سابق في مناطق متعددة في سوريا، وفي 9 من تموز الماضي تسبب انفجار سيارة مفخخة لم يتمكن التقرير من تحديد مصدرها في قرية شاوا بمنطقة الراعي شرقي حلب، في مجزرة راح ضحيتها خمسة مدنيين بينهم طفل. كما سجل التقرير مقتل 8 مدنيين، بينهم 4 أطفال و1 سيدة من جراء انفجار دراجة نارية بالقرب من سيارة أجرة نوع سابا في بلدة السيدة زينب في ريف دمشق ولم يتمكن التقرير من تحديد مصدرها.
وسجل استمرار عمليات اغتيال مدنيين على يد مسلحين لم يتمكن من تحديد هويتهم، في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، تركزت في محافظتي درعا ودير الزور.
واستمر الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدمي والأمني في تموز بالتدهور على كل المستويات في مناطق سيطرة قوات النظام السوري، حيث شهدت هذه المناطق حالة تدهور حاد في الوضع الخدمي، وارتفاعات مستمرة في كل الأسعار، وبشكل خاص أسعار المواد الغذائية في ظل غياب رقابة على الأسعار من قبل حكومة النظام السوري، كما لا تزال تشهد مناطق سيطرة قوات النظام السوري أزمة نقل كبيرة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات.
وأضاف أن سعر صرف الليرة السورية شهد انهياراً غير مسبوق في تموز، حيث تجاوز سعر صرف الدولار 10000 ليرة سورية للدولار الواحد في الثلث الأول من تموز، وذلك لأول مرة في تاريخها، وتجاوز 12000 ليرة في الأسبوع الأخير من تموز، الأمر الذي فاقم من زيادة الأسعار وغياب العديد من المنتجات من الأسواق.
الانفلات الأمني والوضع الاقتصادي يفاقم الوضع في سوريا
وأشار التقرير إلى أن مناطق النظام السوري لا تزال تشهد انفلاتاً أمنياً على كل المستويات، حيث انتشرت عمليات السرقة في عدة مناطق واستهدفت مؤسسات خدمية عامة. وفي شمال غربي سوريا، لا يزال المدنيون يعانون من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة، بالتزامن مع غلاء أسعار كل المواد الغذائية والتموينية، ما يزيد من معاناة المدنيين ويرفع الأسعار بشكل مستمر، كل ذلك في ظل نقص كبير في القوة الشرائية بسبب انتشار البطالة وارتفاع نسبة الفقر وخصوصاً في المناطق التي تضم مخيمات النازحين، إضافةً إلى انخفاض أجرة اليد العاملة.
وورد في التقرير انَّ ارتفاع درجات الحرارة خلال شهر تموز أسفر عن اندلاع حرائق في الأراضي الزراعية والحراجية في ريفي إدلب وحلب واللاذقية، أسفرت عن خسائر مادية كبيرة للمزارعين وخسائر في الثروة الحراجية، كما شهد هذا الشهر ارتفاعاً في حصيلة ضحايا الغرق في المسطحات المائية في شمال غربي سوريا.
وأضاف أن الوضع المعيشي والأمني في شمال شرقي سوريا استمر بالتدهور، حيث لا تزال المنطقة تشهد ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والتموينية والمحروقات، نتيجة عدم ضبط الجهات المسيطرة لحركة البيع والشراء في الأسواق، إضافةً إلى انفلات أمني تشهده المنطقة منذ عدة أشهر. وشهدت أحياء مدينة الحسكة في ظل ارتفاع درجات الحرارة انقطاعاً للمياه، للشهر الثاني على التوالي، بسبب توقف محطة مياه علوك عن الخدمة من جراء انقطاع التيار الكهربائي، وبالتالي حرمان قرابة مليون شخص من المياه في ظل غلاء ثمن مياه الشرب.
وبحسب التقرير استمرت معاناة النازحين في شمال غربي سوريا على الصعيدين المعيشي والإنساني، مع ارتفاع دائم في الأسعار وخصوصاً المواد الغذائية، في ظل انتشار البطالة ضمن المخيمات وانعدام القدرة الشرائية، والنقص الحاد في المساعدات الإنسانية ووصول الاحتياجات إلى مستويات غير مسبوقة، وسط استمرار اندلاع الحرائق في مخيمات النازحين شمال غربي سوريا.
ووثق في 18 من تموز وفاة ناشط في المجال الإنساني في مخيم الركبان للنازحين السوريين على الحدود السورية الأردنية بريف محافظة حمص الشرقي إثر نقص الرعاية الصحية اللازمة في المخيم، وعدم تمكنه من تلقي العلاج اللازم خارجه ما أدى إلى تردي حالته الصحية ووفاته.
تحذير من خفض برنامج الأغذية العالمي مساعداته للاجئين السوريين في الأردن
قال تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن برنامج الأغذية العالمي في 18 من تموز أعلن أن المزيد من التخفيضات في المساعدات الغذائية للاجئين في الأردن أصبحت حتمية بسبب نقص التمويل، حيث سيضطر البرنامج إلى تخفيض قيمة المساعدات الشهرية بمقدار الثلث لجميع اللاجئين السوريين في مخيمي الزعتري والأزرق اعتباراً من شهر آب، وعليه سيحصل اللاجئون السوريون في المخيمات على تحويل نقدي مخفّض قدره 21 دولاراً أميركياً شهرياً، بعد أن كان المبلغ 32 دولاراً أميركياً، الأمر الذي يزيد من خطرِ تعرضِ الأسر إلى الجوعِ وتهدد البيئة الصحية والحماية المناسبتين للأطفال السوريين اللاجئين في الأردن.
النظام السوري وروسيا يرتكبان جرائم ضد الإنسانية
ذكرت الشبكة أنَّ الأدلة التي جمعتها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ حكومة النظام السوري خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك من دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها "قوات سوريا الديمقراطية" تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.
وطالب مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
ودعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصةً بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير المقبل.
وطالب المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما ناشد الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها. وأضاف أن على "قسد" التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.
وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدَّد على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.