صدمت فواتير الكهرباء "التاريخية" التي صدرت مؤخراً عن شهري آذار ونيسان، جميع السوريين بلا استثناء سواء ذوي الاستهلاك المنزلي أو التجاري أو الصناعي، حيث تضاعفت قيمتها بحسب من استطلع آراءهم الموقع بين 4 إلى 6 مرات عن السابق.
يقول مراد (طلب عدم ذكر اسمه) لموقع تلفزيون سوريا وهو مدير مكتب برمجيات وسط دمشق، إن فواتير المكتب كانت تتراوح بين 450- 500 ألف ليرة سورية، حيث بالكاد تصل الكهرباء في أثناء فترة استخدام المكتب من الساعة 8 صباحاً حتى السادسة مساءً نحو ساعتين إلى 3 بأحسن الأحوال، فإن كان التقنين ساعة كل أربع ساعات وسطياً فهذا يعني أننا نستفيد من الكهرباء ساعتين بأقصى الأحوال.
التكاليف سيتحملها المستهلك النهائي
ويضيف "نعتمد على المولدات لتشغيل الإنارة وأجهزة الحاسوب وبعض المستلزمات البسيطة من براد صغير ومراوح في الصيف، وعند وصل التيار الكهربائي يتم تشغيل مكيفين لمدة ساعة مع سخان المياه، رغم ذلك كنا نرى أن الـ450 ألف ليرة في الدورة كثيرة لعدم توفر الكهرباء نهائياً في أغلب الأحيان، لكن الصدمة أن الفاتورة الجديدة وصلت إلى 2.5 مليون ليرة". ويتابع "حاولنا تقديم شكوى لكن الرد كان أن الاستهلاك طبيعي والفاتورة نظامية، وهذا يعني أننا سنقوم برفع أسعار خدماتنا على العملاء".
من كان يدفع مئات الألوف من أصحاب المكاتب بدمشق، بدأ يدفع الملايين على فواتير الكهرباء، بحسب أغلب من استطلع الموقع آراءهم من أصحاب المكاتب التجارية. أصحاب المحال الصغيرة أيضاً كان لهم نصيب من المفاجأة بقيمة الفواتير، حيث وردت صاحب محل (طلب عدم ذكر اسمه) لبيع الأجبان والألبان وسط دمشق فاتورة كهرباء قيمتها 1.5 مليون ليرة، مشيراً إلى أن فاتورته لم تكن تتعدى الـ300 ألف ليرة.
ويقول إنه يحتاج لأن ينفق شهرياً أكثر من 2 مليون ليرة على شراء المازوت من السوق السوداء لتشغيل المولدة للحفاظ على الأجبان والألبان من التلف في الصيف، وكان ينفق نصفها تقريباً في الشتاء، علماً أن التشغيل يكون متقطعاً وليس بشكل دائم خلال اليوم.
يضيف حيان بأن خياراته الآن محدودة، فإما أن يرفع أسعاره، أو أن يستغني عن كهرباء الدولة ويعتمد المولدة لأنها أصبحت أوفر وأفضل في حال لم يرتفع سعر المازوت، أو سيعمل على إقناع الجوار لاستخدام السطح وتركيب طاقة شمسية، أو سيقوم بإغلاق المحل لأنه سيكون خاسراً بالتأكيد، ويقول "فتح نشاط تجاري بدمشق بات فاشلاً ولا يطعم عائلة بل يطعم الحكومة، فعليك أن تدفع للمالية قيما تصاعدية كل فترة، وعليك أن ترشي دوريات الصحة وحماية المستهلك بشكل دوري، وأن تدفع فواتير ضخمة للكهرباء والمياه".
"وزارة الكهرباء تقبض الرواتب"
على صعيد المنازل السكنية لم يكن الوضع بالأفضل، ورغم تأكيد وزارة الكهرباء مراراً وتكراراً بأن رفع أسعار الكهرباء لن يؤثر على المستهلكين في المنازل، إلا أن الفواتير الأخيرة شكلت صدمة كبيرة وخاصة للموظفين الحكوميين. يقول حكمت (اسم مستعار) وهو موظف في وزارة التربية، إن فاتورة منزله المستأجر في مساكن برزة وصلت إلى 350 ألف ليرة، وهو كان يعتاد أن يدفع ما بين 50 – 70 ألف ليرة في الدورة (كل شهرين).
راتب حكمت بالكاد يصل إلى 350 ألف ليرة، وبهذه الحالة وفقاً لحديثه سيكون راتبه من الحكومة كل شهرين وليس كل شهر، حيث سيتناوب مع وزارة الكهرباء على قبض الراتب. يرى حكمت أن هذه الفواتير ستزيد من الفساد خاصة بين الموظفين في القطاع العام، وتدفعهم نحو تقاضي رشاوى أعلى وسرقة المال العام لتغطية تلك المطالبات غير المنطقية.
ويشار إلى أنه في أثناء الاستطلاع وصلت فواتير بعض المنازل إلى ما يفوق المليون ليرة وفي أماكن شعبية، ما دفعهم للتوجه نحو رشوة موظفي وزارة الكهرباء لتخفيضها. حيث شكلت هذه الفواتير مصدر رزق للموظفين هناك.
يرى آخرون أن رفع قيمة الفواتير سببه إجبار الناس للتوجه نحو الطاقة البديلة لكون تكلفتها المرتفعة التي تدفع مرة واحدة تقريباً باتت أرحم من الكهرباء الحكومية، وبهذا الصدد هناك مساعٍ حكومية للاستفادة أيضاً من هذا التوجه، حيث يأتي ذلك بالتزامن مع دراسة فرض ضميمة بقيمة 25 دولاراً على كل لوح مستورد، ومنع استيراد أنواع معينة من البطاريات مقابل ضخ كميات ضخمة منتجة محلياً من معمل الريادة المرتبط بالحكومة.
المواطن لا ينتبه لاستهلاكه!
ويرى وزير الكهرباء في حكومة النظام السوري غسان الزامل في حديث سابق له مع إذاعة المدينة، أن معدل استهلاك الأسرة السورية للكهرباء رغم ساعات التغذية القليلة يبلغ ألف كيلو شهرياً بينما في مصر يبلغ 203 كيلو، قائلاً إن سبب ذلك هو عدم الانتباه لحجم استهلاك الأجهزة في المنازل بسبب ما اعتبره "مجانية السلعة المقدمة للمواطن".
ورفعت وزارة الكهرباء تعرفة الكهرباء للاستخدامات المنزلية والصناعية بنسب متفاوتة وفق شرائح الاستهلاك، حيث وصلت في أعلاها إلى ما يقارب من 600 في المئة، وذلك من دون إعلان رسمي، على أن يتم تطبيقها مع بداية شهر آذار.
ووفقاً للقرار الصادر بتاريخ 30 كانون الثاني الماضي، لكن موقع "أثر برس" المقرب من النظام السوري كشف عنه شباط الماضي، فإن تسعير قيمة الكيلوواط الساعي الواحد من الكهرباء المستجر من الشبكة الكهربائية للأغراض المنزلية كالآتي:
• الشريحة الأولى: 10 ليرات سورية لشريحة الاستهلاك من (1 – 600) كيلوواط ساعي في الدورة الواحدة، بدلاً من ليرتين في السابق، ما يعني أنها ارتفعت بنسبة 400 في المئة.
• الشريحة الثانية: 25 ليرة سورية لشريحة الاستهلاك من (601 – 1000) كيلوواط ساعي في الدورة الواحدة، بدلاً من 6 ليرات، ما يعني أنها ارتفعت بنسبة 316 في المئة.
• الشريحة الثالثة: 135 ليرة سورية لا غير لشريحة الاستهلاك من (1001 – 1500) كيلوواط ساعي في الدورة الواحدة، بدلاً من 20 ليرة، ما يعني أنها ارتفعت بنسبة 575 في المئة.
• الشريحة الرابعة: 600 ليرة سورية لا غير لشريحة الاستهلاك من (1501- 2500) كيلوواط ساعي في الدورة الواحدة، بدلاً من 200 ليرة، ما يعني أنها ارتفعت بنسبة 200 في المئة.
• الشريحة الخامسة: 1350 ليرة سورية لا غير لشريحة الاستهلاك التي تزيد على (2500) كيلوواط ساعي في الدورة الواحدة، بدلاً من 450 ليرة، ما يعني أنها ارتفعت بنسبة 200 في المئة.