قال قائد هيئة "تحرير الشام" (أبو محمد الجولاني) إن تصعيد النظام وروسيا من قصفها على إدلب يرتبط بمحاولة الأخيرة الضغط على تركيا، لأن ما يجمع الدولتين ظاهرياً من مصالح كبير لكن ما يفرّقهم أكبر.
وأضاف في تصريحات لصحفيين وناشطين إعلاميين في مدينة إدلب أمس الجمعة أنه "لو عدنا إلى اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب الذي عقد بين تركيا وروسيا آذار 2020 لوجدنا أنه اتفاق عام على وقف القتال وقد تحقق فعلاً لكن يوجد فيه تفاصيل لم تتحقق".
وتابع أن روسيا كانت تسعى من خلال الاتفاق وعبر تسيير دورياتها العسكرية إلى "تثبيت خريطة جديدة لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق ذلك".
الجولاني يستبعد معركة روسية على جبل الزاوية
وأكد في حديثة عن حملة القصف والتصعيد التي شهدها جبل الزاوية من قبل النظام وحليفه الروسي وتطورات "المعركة" كما وصفها أنه "ما تم من إعداد وتحصين وتجهيز وترتيب وعمليات موحدة وزيادة في التنسيق مع الفصائل هو رأسمال يصعب تجاوزه إضافة إلى الوجود التركي الذي يشكل مكسباً للمناطق المحررة وإحراجاً لروسيا التي لن ترمي بكل مصالحها مع الدولة الوحيدة في حلف الناتو".
وأوضح "الجولاني" أن روسيا تربطها بتركيا علاقات ومصالح متبادلة، لافتاً إلى أن موسكو تعلم بأن أنقرة تنظر إلى إدلب كخط دفاعي عن أمنها القومي، وأي تصعيد بري وإن كان غير وارد حالياً لكنه ربما يحدث، ما هو إلا نسف للعلاقات بين الدولتين".
ووصف "الجولاني" الدور التركي "لنكن منطقيين تركيا لا تتعامل مع ردات الفعل فهي دولة لها حساباتها ومن غير المنطقي أن ترد على كل قذيفة أو استهداف أو خرق".
الجولاني: واقع المناطق المحررة يغيظ النظام
وأجاب عن أسباب التصعيد في إدلب أن "الواقع في المناطق المحررة يغيظ النظام فهناك استقرار وبناء وروسيا لا ترغب بجعل تجربة المناطق المحررة تقارن بتلك التي يسيطر عليها النظام، هذه إحدى الأسباب، بالإضافة إلى وجود ملفات ترغب روسيا حسمها كالمعابر بهدف سرقة مساعدات الشعب السوري، والضغط على تركيا عبر تهجير سكان جبل الزاوية ومنع استقرارهم، وتأليب الأهالي على الفصائل الثورية والجيش التركي بالإضافة إلى أسباب أخرى".
الجولاني: تركيا مربح للثورة لكنها ليست رأس المال
وبيّن أن تركيا "ربح للثورة السورية لكنها ليست رأس المال، ونحن والفصائل نرد بشكل منتظم على القصف وشاهدتم حجم الخسائر خلال الفترة الماضية وهناك أسلحة لا نرغب بكشفها ويحاول النظام استفزازنا ليعرف بحق حجم قوتنا التي طورناها، وهذا أيضاً غير منطقي بالنسبة لنا".
وأشار إلى أن قرار السلم والحرب بيدهم، موضحاً أنه لا يوجد أحد يملي عليهم ما يفعلون سوى المصلحة العامة للمناطق "المحررة"، متسائلاً أنه في حال فتحوا عملاً عسكرياً فهل سيكونون رابحين فيه، وهل سيستطيعون الصمود كثيراً فـ "الأمر يتعلق بحسابات خاصة وتجهيز ليس بإملاء أو فرض".
وقال "الجولاني" إنهم يستبعدون حالياً وجود عمل عسكري في جبل الزاوية وإنهم لم يرصدوا أي تحركات للنظام تنبئ بوجود عمل عسكري بري، لافتاً إلى أن نظام الأسد في مرحلة ضعف وروسيا لديها حساباتها السياسية والعسكرية، لذلك يعتقد أن التصعيد قد يزداد لكنه سيبقى على شكل قصف و"سنرد عليه وفق استراتيجية مدروسة".
وأكد في تصريحه أن علاقتهم جيدة مع فصائل ريف حلب الشمالي ويسعون لتعاون عسكري وأمني عام لمنع تسلل خلايا تنظيم الدولة أو النظام عبر المنطقة وأنه ليس لديهم نية لدخول مناطق "درع الفرات" أو "غصن الزيتون".
وأفاد أن المعابر الإنسانيّة تؤرق روسيا التي تحاول إظهار النظام بمظهر الراعي للإنسانية، موضحاً أن عروض فتح هذه المعابر قوبلت برفض شعبي كبير الأمر الذي أغضب موسكو التي تعمل على شرعنة النظام وتخفيف العقوبات عنه.
وأكد أن "المناطق المحررة" تزدهر اليوم وستشهد مستقبلاً ونهضة عمرانية حيث يتم بناء سرمدا الجديدة وإدلب الجديدة إضافة إلى المدينة الصناعية، والبنى التحتية تتعافى والكهرباء ستطلق عجلة الصناعة، مشيراً إلى أنه "لن نستورد بعد فترة إلا الأشياء التي لم تُصنع في المحرر ونحن نشجع التجار والصناعيين وكل إجراءات الاقتصاد مدروسة لحمايتهم".
وقضى 83 مدنياً بينهم 24 طفلاً و16 امرأة، بأكثر من 287 هجوماً لقوات نظام الأسد وروسيا على مناطق سيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا، منذ بداية حزيران الماضي حتى 21 من الشهر الحالي.
واستمرار التصعيد على شمال غربي سوريا، وخاصة على قرى وبلدات جبل الزاوية وسهل الغاب، ينذر بموجة نزوح جديدة لعشرات الآلاف من المدنيين من منازلهم إلى مخيمات الشمال السوري التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة حيث يعيش أكثر من 1.5 مليون مهجر فيها، وفق الدفاع المدني.