icon
التغطية الحية

التطورات جنوب لبنان.. "حزب الله" يختلق قضية ونتنياهو يعوض انكساره

2023.07.11 | 12:39 دمشق

دبابة إسرائيلية على الشريط الحدودي مع لبنان (أ.ف.ب)
دبابة إسرائيلية على الشريط الحدودي مع لبنان (أ.ف.ب)
+A
حجم الخط
-A

يعود ملف التوتر بين حزب الله وإسرائيل إلى واجهة الأحداث السياسية والأمنية في المنطقة، وهذه المرة بعد قرار الجانب الإسرائيلي ضم بلدة الغجر المتداخلة جغرافياً بين لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة، بينما يصر حزب الله على معادلة عدم إزالة الخيمتين اللتين أنشأهما في خراج بلدة كفرشوبا خارج الخطّ الأزرق، إلا في حال تراجع الجانب الإسرائيلي عن القرار المتخذ.

بالمقابل وأمام التطورات الجارية لبنانياً تفيد المعطيات بحالة من الجمود أصابت عملية التطبيع الحاصلة بين النظام السوري ودول عربية وخاصة في ظل تهديدات حزب الله باستخدام الأرض السورية لعمليات عسكرية ضد إسرائيل، ما يكرس فقدان إمكانية سيطرة النظام على الواقع السوري.

كذلك بدأ الجيش الإسرائيلي، يوم الإثنين، تدريباً عسكرياً في مناطق شمال هضبة الجولان المحتلة وسهل الحولة، وسيستمر حتى يوم الخميس المقبل، وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت"، قد عقد بعد ظهر الأحد، اجتماعاً مفاجئاً، بحث بالتوتر اللبناني الإسرائيلي على الحدود وإزالة خيم "حزب الله".

واعتبرت صحف إسرائيلية أن كل ما يحصل على "الجبهة الشمالية" يتزامن مع تطورات أمنية حصلت في الآونة الأخيرة، ولا سيما قضية إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه اسرائيل، والاستعدادات التي تحصل في الأروقة، بما يتعلق بسيناريو حرب مرتقبة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. 

اتصالات دبلوماسية لاحتواء التصعيد

بالمقابل تستمر الاتصالات الديبلوماسية لخفض التصعيد القائم في الجنوب، والذي تتخوف الأطراف الإقليمية والدولية أن يطول كل سوريا ومناطق داخل الأراضي المحتلة، وتشير المعلومات إلى أن أطرافا عديدة عملت على خط التهدئة على رأسها الولايات المتحدة وفرنسا ومصر ودولة قطر، إضافة إلى مسؤولين دوليين في الأمم المتحدة، فيما لا يزال التوتر قائماً مع تحول المنطقة إلى منطقة استنفار عسكري لكل الأطراف بمن فيها الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية إذا لم يتم الوصول إلى أي اتفاق حتى الآن. ولا سيما أن آخر الصيغ التي عرضت هي أن يزيل حزب الله الخيمتين مقابل تراجع إسرائيل عن ضم الغجر، وإزالة الأسلاك الشائكة التي وضعتها لتطويق البلدة.

في إطار متصل يكشف مصدر في وزارة الخارجية اللبنانية لـ"تلفزيون سوريا" أن حزب الله لا يزال مصمماً على المضي قدماً في موضوع الخيم المنصوبة، ولا سيما أن قرار إسرائيل بضم بلدة الغجر لا يمكن التعاطي معه بحسب الحزب وكأنه أمر عابر. ويؤكد المصدر ذاته أن حزب الله أبلغ الأطراف الإقليمية والعربية التي تواصلت معه لتخفيض التوتر بأنه في حال لم تتراجع إسرائيل عن قرار الضم في الغجر، فإنه جاهز لكل الخطوات التصعيدية الممكنة، مهما كانت النتائج، وأياً تكن ردود الفعل التي سيتسبب بها، لأن الحزب لا يمكنه القبول بفرض أمر واقع من هذا النوع أمام جمهوره وبيئته وأمام الأطراف المتربصة به.

نتنياهو المأزوم وحزب الله من دون قضية

وثمة من يعتقد أن ما يجري يكشف حجم الأزمة داخل الواقع الإسرائيلي والذي ينطوي على أزمة سياسية داخلية، وهي التي تدفع حكومة بنيامين نتنياهو إلى الذهاب نحو خيارات عسكرية سواء باتجاه غزة أو الضفة، أو على الحدود الشمالية مع حزب الله، وذلك بهدف الهرب من محاولة خلق فزاعة داخلية تثبيت حكومة اليمين المتطرف، وهو ما يسعى الإسرائيليون لبثه عبر التهديدات المتواصلة باتجاه لبنان وحزب الله، مع جو عام يشي بالمعركة مع حزب الله على الجبهة الشمالية.

وعليه تعتبر أوساط دبلوماسية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والذي كسب بعض النقاط لمصلحته في ملفاته القضائية المفتوحة، يحاول استعادة زمام المبادرة من خلال ما يجري منذ أيام في عملية جنين، واليوم في الجنوب اللبناني بضم الغجر، وذلك بعد الظهور الضعيف له على مسرح السياسة الإسرائيلية. وكذلك يسعى للمحافظة على تماسك التحالف الحكومي الهجين، والذي شهد تشققات عدة، عبر إعادة ترميم صورته كرئيس حكومة قوي.

بالمقابل فإن ما يجري يفتح الباب أمام احتمالات كثيرة، في ظل شعور حزب الله أنه بلا قضية مركزية عقب اتفاق الترسيم البحري مع إسرائيل والهدنة الطويلة التي سيتسبب بها الاتفاق على الأقل لخمس سنوات أو أكثر، وهذا الأمر يدفع البيئة الحاضنة للحزب للحديث والمقارنة بين ما ستحصله إسرائيل من الغاز والنفط، في مقابل إبطاء لبنان لعمليات الاستخراج من الحقول التي حصل عليها لبنان من اتفاق الترسيم البحري، لذا فإن معظم المتابعين بات يتحدث عن أن الحزب يختلق قضية لتأكيد أهمية وجود سلاحه في الحفاظ على الجغرافيا في وجه الاعتداءات الإسرائيلية.

الحلول المقترحة

بالمقابل تتحدث مصادر سياسية مطلعة أن ما يجري يندرج في سياق تثبيت وقائع ميدانية وذلك استباقاً لأي مفاوضات قد تطرح لاحقاً حول ترسيم الحدود البرية على النقاط المختلف عليها مع سوريا وإسرائيل. خصوصاً أن حزب الله، لديه اعتراضات على النقاط التي جرى تثبيتها في الخط الأزرق المعمول به لدى الأمم المتحدة، أي خط الانسحاب عام 2000.

لذا وبانتظار ملف الترسيم حول الحدود البرية بشكل جدي، يسعى الحزب لرفع السقف، خاصة أن واشنطن تعيد طرح فكرة قدمت سابقاً عبر إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لإيجاد صيغة حل للبنان وسوريا والجانب الإسرائيلي لتثبيت ملكية مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وجزء من بلدة الغجر المتداخلة، وهذا الطرح تزامن مع إعلان الحكومة الإسرائيلية بدعم أميركي لضم الجولان واعتبار مزارع شبعا جزءاً من قرى الجولان ما يعني أنها غير تابعة للبنان.

بالمقابل فإن الصفقة التي طرحتها إدارة ترامب بالتعاون مع الأمم المتحدة تشير إلى تقسيم مزارع شبعا، والبالغة مساحتها نحو 200 كلم مربع إلى أربع مساحات جغرافية، عبر انسحاب إسرائيل من 150 كلم مربع لصالح لبنان وسوريا، وجزء أساسي يجري وضعه تحت رعاية الأمم المتحدة وقوات حفظ سلام مشتركة. لكن يدرك الحزب أن المسار طويل، ولا يعني بالضرورة الوصول إلى تسوية قريبة، وهو متشابك بملفات المنطقة والصراع في سوريا وتوزيع النفوذ في لبنان وسوريا كذلك.

بين واشنطن وإيران.. تحركات في سوريا

في إطار متصل يعتبر مصدر حكومي رفيع لـ"تلفزيون سوريا" أن ما يجري جنوب لبنان وسوريا يرتبط بشكل وثيق في تطورات النقاشات بين طهران وواشنطن. وذلك على اعتبار أن اتفاق الترسيم البحري جرى بعد توترات في العراق وسوريا ومن ثم انسحب الفتيل باتجاه تقاطعات بين الجانبين برعاية إقليمية من قطر وفرنسا، أدت إلى اتفاق الترسيم البحري إضافة للحل السياسي في العراق.

ويعتبر المصدر أنه ومع عودة الاجتماعات بين الجانبين حول الملف النووي ونفوذ إيران في الشرق الأوسط والبحر المتوسط، فلا بد حالياً من انتظار تقاطعات مشتركة قد تؤسس لحلول تهدئة في لبنان مع التوصل لتسوية لأزمة الحدود البرية مع سوريا ولبنان على أحقية شبعا والغجر، في ظل تمسك الحزب بالإبقاء على الخيمتين، والتهديد بالتصعيد في حال لم تتراجع إسرائيل عن ضم الجزء الشمالي من قرية الغجر.

في هذا الإطار لا يمكن فصل المسار السوري عن اللبناني، وذلك بعد إعادة التموضع التي يجريها الحزب والميليشيات على الأراضي السورية، من خلال انسحابات تدريجية تجريها المجموعات الإيرانية وعناصر حزب الله، وتفكيك الحواجز الرئيسة في حمص وحلب وتخفيض الوجود في الجنوب السوري بعد الضربات المتكررة الإسرائيلية على مواقع تدريب وتصنيع إيرانية، كذلك تركيز التمركز في القصير والقلمون.

وهذا التكتيك العسكري قد يكون الهدف الرئيسي منه تأمين حشد عسكري احتياطي في حال جرت أي معركة محتملة مع إسرائيل جنوب لبنان، ورفع مستوى الاستنفار رصداً لأي تطورات قد تتدحرج بشكل طارئ.