البث المباشر
حذر معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية، من تحول الجهود الأميركية في سوريا إلى نهاية خطيرة وسابقة لأوانها بفضل عدم اهتمام واشنطن الأوسع بسياسة سوريا، وسط سعي العديد من الدول للتطبيع مع الأسد.
وقال المعهد في تقرير نشره يوم الجمعة، إنه "على الرغم من اعتراف إدارة بايدن الواضح بأن مواجهة تنظيم "الدولة" (داعش) والتحديات المرتبطة به في سوريا هي مصلحة أميركية حيوية، يبدو أن الجهد بكامله يتجه نحو نهاية خطيرة وسابقة لأوانها بفضل عدم اهتمام واشنطن الأوسع بسياسة سوريا، وخصوصاً تطبيع بعض الدول مع نظام الأسد.
وأضاف أنه "في الأشهر الأخيرة، عملت العديد من الحكومات في الشرق الأوسط بشكل استباقي على تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد، على الرغم من سجل الأخير الفظيع في مجال حقوق الإنسان ورفض أو فشل حل أي من الأسباب والدوافع الكامنة لعدم الاستقرار في سوريا".
بايدن يرحب بالتطبيع مع الأسد
وتابع أن "ردود فعل إدارة بايدن المتناقصة على أعمال التطبيع هذه - من معارضة صريحة في عام 2021 إلى دعوات الشهر الماضي لـ "الحصول على شيء في المقابل" والآن إلى "التشجيع" - أمر مؤسف".
وأشار التقرير إلى أن هجمات "داعش" في شمال شرقي سوريا الذي تديره الولايات المتحدة و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) والجوار في العراق، انخفضت ما بين 37 و80 في المئة، مقارنةً بالعام 2022.
"داعش" يستعيد السيطرة على أراضٍ جديدة
وأكد أن "داعش" وعلى خلاف انخفاض هجماته في شمال شرقي سوريا إلا أنه لا يزال يشن هجمات في وسط وجنوبي سوريا - المناطق التي يسيطر عليها رئيس النظام بشار الأسد.
وأضاف أنه "على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية، وسعت "داعش" من انتشارها داخل مناطق سيطرة نظام الأسد في سوريا، وعادت للظهور في الجنوب واستمرت عملياتها في مساحات شاسعة من محافظات حمص وحماة والرقة ودير الزور.
وأكد أن "داعش" تمكن في هذه المناطق من استعادة السيطرة على مساحات جديدة أيضاً، حيث شن عناصر "داعش" هجمات تعتبر الأعنف له خلال السنوات الثلاث الماضية، في المناطق التي يسيطر عليها النظام، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 115 شخصاً في نيسان الماضي، وتابع: باختصار: النظام يخسر و"داعش" ينتصر.
وأكد أنه "من خلال مزيج من التقاعس العلني والعمل السري، يبدو أن إدارة بايدن تسهل التطبيع مع الأسد، حيث تعمل الإدارة الأميركية بنشاط على تخفيف الموقف العام والمبدئي للحكومة الأميركية بشأن سوريا والتي كانت تدعو إلى تغيير سياسي جوهري من خلال وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية، ومروراً بالتسوية السياسية، والعدالة والمساءلة، وصولاً إلى الانتخابات على مستوى البلاد في نهاية المطاف.
سياسة الولايات المتحدة في سوريا تضع مصداقيتها على المحك
ووصف التقرير ما يجري بأنه انتهاك للسياسة الأميركية المعلنة، والتي ستقضي في النهاية على مصداقية الولايات المتحدة ونفوذها، وتمكين أكثر مجرمي الحرب شهرة في القرن الحادي والعشرين (بشار الأسد) في هذه العملية.
وأكد أن هذا كله قد يفتح الباب أمام خروج نهائي وغير متوقع للجيش الأميركي من سوريا، وهذا ما تتخوف منه "قسد" فلذلك باتت تعلن عن استعدادها للتفاوض مع النظام السوري للوصول إلى صفقة.
وأشار التقرير إلى أن "مغادرة سوريا ستضع نهاية دائمة للجهود الأميركية الفعالة لمحاربة "داعش" ونقل تلك المسؤوليات إلى الجهات التي فشلت باستمرار أو رفضت القيام بذلك".
وتابع أن "65000 رجل وامرأة وطفل مرتبطين بـ "داعش" في السجون والمخيمات سيجدون أنفسهم تحت سيطرة النظام، في حين أن جهود النظام الفاشلة بالفعل لاحتواء داعش في 60 في المئة من سوريا ستضعف بشكل كبير".
ماذا إذا انسحب الجيش الأميركي من سوريا؟
وقارن التقرير بين قرار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الانسحاب من العراق عام 2010، وبين ما إذا اضطر الجيش الأميركي من الانسحاب من سوريا حيث قال: سيكون هذا خطأ كارثياً - لا رجعة فيه، فعندما قررت إدارة أوباما الانسحاب من العراق عام 2010، تمكن "داعش" من السيطرة على ما يقارب من نصف العراق عام 2014، إلا أن العلاقات الصحية والبناءة بين الولايات المتحدة وحكومتي بغداد وأربيل سمحت للجيش الأميركي بالعودة، أما الخروج من سوريا فلن يوفر فرصة ثانية لمحاربة خطر "داعش".
وأكد أن التطبيع غير المشروط مع نظام الأسد سيؤدي إلى تفاقم العديد من الأعراض الأخرى أيضاً، ابتداءً من موجات النزوح واللجوء الجماعي على المدى الطويل، مروراً بالانهيار الاقتصادي والمعاناة الإنسانية، والعنف المستعصي والجريمة المنظمة، ووصولاً إلى الفساد المؤسسي والصراعات الجيوسياسية المتداخلة التي تدور رحاها على الأراضي السورية وفوق أجوائها.
