icon
التغطية الحية

الباحث نجيب عوض لتلفزيون سوريا: المسيحيون كانوا جزءاً أصيلاً من الهوية الأموية

2024.06.14 | 13:24 دمشق

676878
الباحث السوري نجيب عوض
 تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

أكد الباحث والأكاديمي السوري نجيب جورج عوض على أن المسيحيين كانوا مكوناً أصيلاً من مكونات الهوية الأموية وجزءاً لا يتجزأ من "الإمبراطورية الأموية" (662 - 750م)، مشيراً إلى أن علاقة وثيقة كانت تربط خلفاء من بني أمية بأبناء المكوّن المسيحي.

جاء ذلك في حوار خاص عبر برنامج "ما تبقى" على تلفزيون سوريا، مساء أمس الخميس، سُلّط فيه الضوء على كتاب "المسيحية الأموية" الذي تناول فيه الباحث وأستاذ اللاهوت في جامعة بون الألمانية، نجيب عوض، فترة الحكم الأموي التي امتدت قرابة 91 عاماً، وتأثيرها على المسيحيين، ودور الأخيرين ومكانتهم الاجتماعية والسياسية في الدولة الأموية.

اختيار عنوان الكتاب

استهل عوض حديثه بالقول إن اختياره لعنوان الكتاب "جاء بناءً على رؤية محددة وهي التأكيد على أن المسيحيين في العصر الأموي لم يعيشوا على هامش الحضارة الأموية بل كانوا جزءاً من الهوية الأموية"، مشيراً إلى أن الأمويين تعاملوا مع المسيحيين بانفتاح وتنوع، ما جعلهم يشعرون بأنهم جزء لا يتجزأ من الإمبراطورية الجديدة.

ونظراً لذلك، فقد رفض المؤلّف وضع عناوين تقليدية مثل: "المسيحيون في العصر الأموي" أو "المسيحيون تحت ظل الخلافة الأموية"، لأن تلك العناوين لا تعكس الفكرة الجوهرية للكتاب وهي اندماج المسيحيين في الهوية الأموية بشكل كامل.

546775

مزيج ديني وحضاري

وأوضح الباحث والأستاذ في علم الأديان أن الكتاب تناول مساهمات المسيحيين في بناء الدولة الأموية، والعلاقة الوثيقة التي كانت تربط بعض الخلفاء الأمويين بالمسيحيين، مثل الخليفة ومؤسس الدولة معاوية بن أبي سفيان، الذي قدّم تمويلاً لبناء كنائس وصكَّ نقود تحمل الصليب. وتشير بعض المخطوطات إلى أن معاوية ذهب للصلاة في كنيسة القيامة في القدس.

ولفت إلى أن المسيحيين كانوا جزءاً من البناء الحضاري والثقافي للأمويين، وجزءاً من المشروع الأموي أيضاً، وشاركوا فيه بشكل فعّال. هذا الاندماج الحضاري يعكس نوعاً من التعايش والتنوع الذي تميزت به الدولة الأموية، خاصة في الفترة السفيانية من الحكم.

يوحنا الدمشقي: نموذج المسيحي الأموي

في سياق الحديث عن الشخصيات المسيحية البارزة في العصر الأموي، تطرق عوض إلى يوحنا الدمشقي، الشخصية المحورية في الفكر اللاهوتي المسيحي والإسلامي على حدّ سواء. ويرى المؤلف أن يوحنا الدمشقي لم يكن مجرد مسيحي يعيش في ظل الحكم الأموي بل كان جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية والمعرفية الأموية أيضاً، حيث كتب نصوصاً نقدية عن الإسلام من داخل الفضاء الثقافي الأموي، ما يعكس تعايشاً وتداخلاً حضارياً فريداً.

 مسيحيو سوريا "في مهب الريح" ودمشق تفقد هويتها التاريخية

وفي معرض الحديث عن التحديات التي تواجه المسيحيين اليوم في سوريا؛ عبّر عوض عن قلقه من انخفاض نسبة المسيحيين في البلاد نتيجة الحرب والأحداث الأخيرة، واصفاً الوجود المسيحي الحالي في سوريا بأنه بات "في مهب الريح". وأبدى خشيته من أن يتلاشى الوجود المسيحي في سوريا خلال العقود القادمة إذا لم تتحسن الأوضاع بشكل جذري.

عن الوضع الحالي في عاصمة الأمويين دمشق، أعرب الباحث عن حزنه وأسفه الشديدين لما آلت إليه الأوضاع في المدينة. وقال إنه لم يزر سوريا منذ عام 2010، ولكن ما يتابعه من خلال وسائل الإعلام يشير إلى أن دمشق فقدت جزءاً كبيراً من هويتها التاريخية والثقافية، بسبب التحولات الديمغرافية والمجتمعية التي تتعرض لها دمشق.

وبالرغم من تلك النظرة القاتمة، إلا أن عوض أشار إلى أهمية إعادة بناء سوريا على أسس جديدة تأخذ بعين الاعتبار التنوع الثقافي والديني. وشدد على أن إعادة بناء المجتمع السوري ستتطلب جهوداً طويلة الأمد ربما تمتد لعقود، ولكنها ضرورية لضمان مستقبل مشترك لكل مكونات المجتمع السوري.

وأعلن الباحث نجيب عوض في ختام حديثه أن كتابه "المسيحية الأموية" في طور الترجمة إلى اللغة العربية، مشيراً إلى أن الترجمة ستصدر قريباً في إسطنبول، ما سيتيح للجمهور العربي فرصة الاطلاع على محتواه بشكل أدقّ.