icon
التغطية الحية

الإيكونوميست: العراق قد يصبح ساحة الحرب المقبلة في الشرق الأوسط

2024.11.15 | 18:28 دمشق

قوات حركة النجباء في العراق - المصدر: الإنترنت
قوات حركة النجباء في العراق - المصدر: الإنترنت
The Economist - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- تصاعد التوترات الإقليمية: شهدت المنطقة توترات بعد هجوم عراقي على إسرائيل، حيث تسعى العراق لتجنب الانجرار في الصراع الإقليمي بين إسرائيل وإيران، مع التركيز على استخدام عوائد النفط في التنمية بدلاً من الحروب.

- الدبلوماسية كوسيلة لتجنب الصراع: يعتمد العراق على الدبلوماسية، حيث أجرى محادثات مع إيران والسعودية لتفادي الحرب، ودعا المرجع الديني الأعلى للسيطرة على سلاح الميليشيات.

- التحديات الداخلية والخارجية: يواجه العراق تحديات في السيطرة على الميليشيات المدعومة من إيران، وسط جهود أمريكية لتقليص النفوذ الإيراني، مع قلق من عقوبات أمريكية محتملة.

لم يكن وقت طويل قد مضى على إطلاق العراق أولى مسيراته على إسرائيل في الثامن من تشرين الثاني، حتى نشرت ميليشيا عراقية صورة للصواريخ التي ملأت السماء، ومن جانبها أعلنت إسرائيل بأن دفاعاتها الجوية أحبطت هجوماً لحركة النجباء، فتوعدت هذه الميليشيا بالعربية والعبرية بـ: "مفاجآت كبيرة خلال الساعات القادمة وبإذن الله ستحدث أمور كثيرة".

معظم حكام الشرق الأوسط، بمن فيهم حلفاء إيران، يفضلون ما يقدره الله على أي شيء آخر، بيد أن العراق أبلى بلاء حسناً في الآونة الأخيرة، إذ صار يستعين مؤخراً بعوائد النفط لديه حتى يمول بناء البنية التحتية وليس الحروب الطائفية أو ليرفد الأموال غير المشروعة التي تذهب إلى الخارج، كما وصل العنف إلى أدنى مستوياته منذ الغزو الأميركي للعراق، في حين أن المسؤولين سعوا جهدهم لتجنب النزاع الذي تخوضه إسرائيل مع إيران.

بيد أن ما يعرقل هذه الجهود هو عدم سيطرة هؤلاء على أرضهم، إذ أعلنت إسرائيل بأن إيران مافتئت تنقل ترسانة جديدة من الصواريخ طويلة المدى والمسيرات التي تحمل متفجرات إلى ميليشياتها الموجودة في العراق، كما ثارت ثائرة إيران عندما سمحت أميركا لإسرائيل باستخدام المجال الجوي العراقي لقصف إيران، ولذلك قد يصبح العراق الدولة التالية التي ستنجر إلى الحرب الإقليمية التي تخوضها إسرائيل.

الدبلوماسية خياراً

حالياً، يعتمد العراق على الدبلوماسية لتفادي ذلك، إذ في العاشر من تشرين الثاني توجه مستشار الأمن القومي العراقي إلى إيران لإجراء محادثات مع فيلق القدس المعني بالعمليات الخارجية التي ينفذها الحرس الثوري، والذي يعتبر من قوات النخبة في إيران. وقد طلب هذا المستشار من سيده هناك أن يبعد العراق عن أي مخططات إيرانية تهدف إلى الهجوم على إسرائيل انتقاماً منها على الغارات الجوية التي نفذتها في السادس والعشرين من تشرين الأول الماضي، وفي اليوم نفسه، التقى رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في الرياض، لمناقشة السبل الكفيلة بمنع توسع الحرب، وفي تلك الأثناء، طلب المرشد الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، من دولة العراق أن تسيطر على سلاح الميليشيات.

لم يعد للصبر الاستراتيجي أي معنى

بيد أن إيران تخشى من أن ينفضح أمرها بسبب الهجمات الإسرائيلية على دفاعاتها الجوية وعلى أذرعها التي بقيت تعتبرها منذ أمد بعيد كخط الدفاع الأول عنها، ولهذا بقيت حتى فترة قريبة تمارس ما أسمته بالصبر الاستراتيجي، وتمتص الضربات الإسرائيلية. غير أن غارات إسرائيل على حزب الله وغزوها للبنان، علّما إيران بأن ضبط النفس يعبر عن ضعف، ولن يؤدي إلا إلى مزيد من العدوان.

وبما أن إسرائيل ردت بعد أن أطلقت إيران وابلين من الصواريخ عليها، لذا فإن المسؤولين الإيرانيين باتوا يتمنون بأن تجنب استعانتهم بالعراق بلدهم من أي هجوم إسرائيلي مضاد، وبما أن العراق أقرب إلى إسرائيل من إيران، لذا فإن الدفاعات الجوية الإسرائيلية لن يتسنى لها الوقت الكافي لتعترض الصواريخ عند حدوث أي غارة.

إسرائيل: من الردع الأميركي إلى الضربة الاستباقية

حتى فترة قريبة، بقيت إسرائيل تتطلع إلى القوات الأميركية البرية والبحرية حتى تردع الميليشيات المدعومة إيرانياً في مناطق مثل العراق واليمن، بيد أن ضرباتها التي وجهتها لحماس وحزب الله، وغاراتها الجوية على سوريا، شجعت قادتها على استهداف ما تبقى من "محور المقاومة" الإيراني، ولذلك أصبح المسؤولون الأمنيون في إسرائيل يتحدثون عن ضربة استباقية قبل أن تطلق الميليشيات العراقية "مفاجآتها الكبيرة" على حد زعمها.

حلفاء إيران في العراق

لدى إيران جماعتان من الحلفاء في العراق ذي الغالبية الشيعية، أولهما زمرة الفصائل الشيعية التي بدأت تتوسع عقب إسقاط أميركا لصدام حسين في عام 2003، ومنذ الانتخابات التي أجريت في تلك الفترة، سيطر هؤلاء على الدولة العراقية، وبمساعدة إيران في عام 2014، أسسوا قوات الحشد الشعبي وهي عبارة عن مجموعة من الميليشيات التي تمولها الدولة العراقية.

ومع زيادة اهتمام تلك التكتلات بالمصالح العراقية المحلية، أخذت إيران تمول ميليشيات جديدة، مثل حركة النجباء، التي تخضع لإمرتها المباشرة، وبعد غزو إسرائيل لغزة، أسهمت إيران في تأسيس جماعة المقاومة الإسلامية في العراق، وهي مظلة أخرى للميليشيات التي تدفع لها إيران وتمدها بما يلزمها، ومنذ ذلك الحين، ضربت هذه الحركة إسرائيل بعشرات الصواريخ والمسيرات وهاجمت قواعد عسكرية أميركية.

غير أن اغتيال إسرائيل لزعيم حماس وقائد حزب الله خلّف فراغاً في القيادة العربية لهذا المحور، ولذلك أصبح بعض رجال الميليشيات العراقية  متلهفين لملء هذا الفراغ.

"مجرمون ولصوص موظفون لدى إيران"

لطالما سعى العراقيون إلى تخليص بلدهم من القوات الأجنبية، الأميركية منها والإيرانية، لكنهم فشلوا في تحقيق ذلك على كلا الصعيدين، لذا وبدلاً من الانفصال عن أميركا أو إيران، فضلت الفصائل العراقية أن تنأى بنفسها عن القتال، إذ أكدت قيادات الحشد الشعبي للسوداني بأنها لن تستخدم أسلحتها أو مقاتليها الذين تدفع لهم الدولة رواتبهم في الهجوم على إسرائيل.

وفي حال اقتصرت الهجمات الإسرائيلية على استهداف المقاومة الإسلامية في العراق مع تجنب ضرب المراكز التي تحتشد فيها أعداد كبيرة من الناس، فإن عواقب ذلك ستكون محدودة في العراق، على الرغم من أن حالة الاحتواء قد تغدو أصعب في حال ضربت إسرائيل مدناً عراقية تشتمل على مراقد شيعية، بما أن "المقاومة الإسلامية في العراق" موجودة في تلك المدن، وكذلك الأمر في حال وقوع هجوم إسرائيلي على قوات الحشد الشعبي.

ولكن في الخفاء، قد يبتهج بعض الشيعة في حال ضربت إسرائيل ميليشيات أخرى غير الحشد الشعبي، وتصديقاً على ذلك، يعلق أحد خريجي معاهد السيستاني بالقول: "إن تلك الجماعات ما هي إلا مجموعات لمجرمين ولصوص، وكل الشعب العراقي يعرف بأنهم مجرد موظفين لدى إيران".

ثمة شيء آخر ترغب أميركا بتحقيقه، ألا وهو سلخ النفوذ الإيراني عن العراق، إذ في 11 تشرين الثاني، ضربت القوات الأميركية ميليشيات موالية لإيران في سوريا، بالقرب من الحدود العراقية، في حين قد يمضي دونالد ترمب أبعد من ذلك بمجرد أن يصل إلى سدة الرئاسة، فخلال فترته الرئاسية الأولى، أمر باغتيال قائد قوات الحشد الشعبي في ذلك الحين، أبو مهدي المهندس، إلى جانب اغتيال أهم قائد عسكري في إيران، أي قاسم سليماني، وقد تمت عمليتا الاغتيال في بغداد.

كما يبدي العراق قلقه أيضاً تجاه مستشاري ترمب الذين قد يفكرون بفرض عقوبات على العراق، إذ منذ عام 2003، والعراق يودع عوائد النفط في حساب ضمان بنيويورك، ولذلك ذكر أحد مراقبي الوضع العراقي منذ فترة قريبة وهو شخص مقيم في واشنطن، بأن ترمب قد يضع ذلك نصب عينيه.

 

المصدر: The Economist