في أواخر عام 2020 أعلنت تركيا، عن عزمها منح "الإقامة الإنسانية" للسوريين غير القادرين على تمديد جواز السفر لدى قنصلية النظام بمدينة إسطنبول أو الحصول على أوراق ثبوتية منها، لأسباب أمنية وأخرى تتعلق بالكلفة المادية الكبيرة، أو أمور تتعلق بالسماسرة الذين يستغلون حاجة المواطن السوري لجواز السفر والوثائق من أجل المكوث في تركيا بشكل قانوني.
إلا أن هذا التسهيل الذي كان مفقوداً قبل 2020 انتهى دون سابق إنذار، ما ترك عائلات بأكملها في مصير مجهول ووضع قانوني مخالف. ويتزامن ذلك مع التضييق على السوريين بشكل خاص والأجانب بشكل عام بعد الانتخابات الرئاسية، وترحيل الآلاف منهم تحت مسمى العودة الطوعية إلى سوريا.
وأبلغ عددٌ من السوريين موقع تلفزيون سوريا عن رفض رئاسة الهجرة التركية تجديد إقاماتهم الإنسانية دون أسباب واضحة، في حين يقدّر عاملون في مكاتب تسيير المعاملات أن نصف المتقدمين للتجديد تلقوا رفضاً من الهجرة.
شروط تعجيزية وغير منطقية
يقول صحفي سوري طلب عدم نشر اسمه لموقع تلفزيون سوريا إنه مقيم مع عائلته منذ عام 2018، حيث دخلوا تركيا بشكل قانوني عبر المطار وحصلوا على إقامات سياحية هو وعائلته واستقروا في إسطنبول، وانتهت صلاحية جواز ابنته ذات الـ 9 سنوات تزامناً مع صدور قرار الإقامات الإنسانية القاضي بمنحها لأي سوري لا يتمكن من تجديد جواز سفره أو استخراج أوراقه الرسمية من القنصلية السورية في إسطنبول.
حصلت ابنة الصحفي السوري على الإقامة الإنسانية وعندما ذهب لتجديدها ومعه الأوراق المطلوبة كاملة مع إيصال دفع الضرائب لدائرة الهجرة في منطقة الفاتح بإسطنبول، فوجئ بأن الموظفة رفضت استلام ملف التجديد بسبب عدم وجود جواز سفر ساري المفعول.
وحاول الصحفي شرح الموضوع للموظفة في دائرة الهجرة، وهو أنه لا يمكنه تجديد جواز سفر الطفلة بسبب عدم وجود دفاتر لدى قنصلية النظام إضافة للكلفة التي تتجاوز الـ 1000 دولار، وأن أساس قرار الإقامة الإنسانية هو انتهاء مدة صلاحية الجواز، لترد عليه الموظفة بحل وصفه بالمستحيل والتعجيزي؛ وهو أن تخرج ابنته إلى خارج تركيا ثم يطلب والدها تأشيرة دخول لها عن طريق إحدى السفارات التركية، وهذا أمر مستحيل قانونياً لكون ابنته صغيرة في العمر.
لا إمكانية للعودة إلى سوريا.. وخيار أوروبا هو الوحيد
أوضح الناشط حمزة الصوفي وهو من حملة الإقامة الإنسانية أنه عندما تقدم بطلب الحصول على الإقامة الإنسانية في العام 2020 كانت الإجراءات ميسرة وسلسلة وحصل حينها على إقامة مدتها سنة كاملة،
يقول الصوفي لموقع تلفزيون سوريا: بعد انتهاء مدة إقامتي لاحظت تعقيدات وطلبات كثيرة على عكس المرة الأولى التي تقدمت فيها للحصول على الإقامة، وحصلت على سنتين بعد انتظار دام ستة أشهر.
يملك الصوفي مدة عام لتنتهي إقامته الإنسانية لكنه يتوجس منذ الآن ويفكر في الخيارات البديلة، والتي تنتهي عند خيار الهجرة إلى أوروبا، مؤكداً أنه لا يمكنه العودة إلى مدينته حمص الخاضعة لسيطرة النظام السوري، ولا حتى مناطق الشمال السوري لأنه لا يعرف أحداً هناك.
لا معلومات واضحة والأزمة تتزايد
تتلقى إناس النجار، مديرة الاتصال في اللجنة السورية التركية المشتركة عدّة شكاوى تتعلق برفض تجديد الإقامات الإنسانية.
وقالت النجار لموقع تلفزيون سوريا إنه لا معلومات واضحة حتى الآن تبيّن أسباب رفض تجديد الإقامات الإنسانية للسوريين، وعند سؤالها عن أي حلول أو وعود تلقتها اللجنة من دائرة الهجرة، قالت حتى الآن لا يوجد شيء، ودائرة الهجرة بإدارتها الجديدة تجري ترتيبات داخلية في الوقت الحالي، متوقعة أن يتم إيجاد حلول قريبة، بسبب ازدياد حالات الرفض لحملة الوثائق الإنسانية.
ضغوطات فوق أخرى تقع على السوريين اللاجئين في تركيا، وسط أزمة اقتصادية تعيشها البلاد منذ سنوات، وهو ما دفع العديد من الأتراك لتحميلها للاجئين والأجانب الموجودين على الأراضي التركية، ما دفع العديد من المقيمين في تركيا لمغادرتها خلال الفترة الماضية ونقل أعمالهم للخارج، وهو ما تسبب بخسائر اقتصادية أعلنت عنها صحف تركية تقدر بلميار دولار خلال الأشهر القليلة التي تلت الانتخابات الرئاسية التركية.